ما حقيقة المعركة “النسائية” في جبل البداوي؟

إسراء ديب
إسراء ديب

حاز المقطع المصوّر الذي يُظهر معركة “نسائية” حادّة قائمة على “شدّ الشعر” والضرب أمام الأطفال في مدرسة في البداوي، الآلاف من المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي لا على المستوى المحلّي فحسب، بل على المستوى العربي أيضاً، بحيث انتقد هذا المشهد المئات من المتابعين، لا سيما حينما قامت إحدى السيّدات بسحب حجاب إحداهنّ عن رأسها، الأمر الذي أثار غضباً واسعاً، كما تهكّم آخرون على هذا الاشكال الذي بدا غريباً في البداية.

في الواقع، لم تكن تتوقّع أيّ سيدّة منهنّ انتشار الفيديو بهذه الطريقة، إذْ كان سريعاً للغاية ولم يكن في الحسبان أنْ ينتشر من الأساس لأنه صوّر من دون علمهنّ، إذْ اعتبر بعضهنّ أنّها مشكلة عادية لا تداعيات لها وأنّها ستمرّ بسلام، لكن من التقط هذا المقطع ونشره، أعطى لهذا الاشكال أبعاداً كان الفلسطينيون “بغنى عنها”. وما يُمكن تأكيده أيضاً أنّ الاشكال وقع منذ ثمانية أيّام تقريباً (السبت الماضي) وانتهى وتمّ الصلح بين الأطراف المتعاركة، وذلك وفق عيسى خميسي وهو ناشط إعلامي في مخيّم البداوي وشقيق إحدى السيّدات، والذي شدّد على أنّ “نشر هذا المقطع في هذا التوقيت أيّ بعد انتهائه لا يدل على نيّة سليمة، بل نشعر بوجود من يُريد إحداث فتنة في المخيّم، لا سيما وأنّنا عائلة كبيرة ومحافظة أيّ لا يُستهان بها، وبالتالي إنّ هذا الاشكال الذي أصفه حقيقة بأنّه تافه وغير مهمّ كما يُشبه غيره من الاشكالات، قد أخذ أكبر من حجمه فعلياً، فقد نسي البعض الأزمة الرئاسية والاقتصادية والبطالة وركّز على هذه المشكلة”.

وقامت بعض الوسائل الاعلامية بنشر معلومات يُمكن القول بأنّها “مغلوطة”، كما أشارت بعض المواقع الى أنّ هذا الاشكال وقع في مخيّم البداوي، فيما تقع هذه المدرسة في جبل البداوي، وردّدت مواقع أخرى أنّ جميع السيّدات من التابعية السورية أيّ من اللاجئات، فيما لفتت مواقع مختلفة إلى أنّ الاشكال وقع بين سوريات وفلسطينيات، وبعد الحديث مع بعض الفعاليات الفلسطينية، أكّدت لـ “لبنان الكبير” أنّ هذه المدرسة (روضة أطفال) واقعة في مبنى تابع لـ “جمعية المشاريع الاسلامية”، وفيها تنوّع بين لبنانيين، فلسطينيين وسوريين، ويّعدّ اللبنانيون الأكثر عدداً فيها، أمّا الاشكال فوقع بين سيّدتين فلسطينيتين أساساً.

وفي التفاصيل، أوضح بعض الفعاليات أنّ الاشكال ناتج عن خلاف بين الأطفال ما استدعى تدخل الأمّهات للدفاع عن أطفالهنّ، فيما أكد خميسي أنّ الاشكال الذي لم يأتِ من خلفية مسبقة، بدأ حينما طلبت إحدى السيّدات من أخرى التحدّث مع شاب من الحاضرين لاقناعه بوقف التصوير والجلوس، لكنّها رفضت، الأمر الذي دفع الأولى إلى التحدّث بطريقة غير لائقة معها لأنّها رفضت كلامها وطلبها ووصفتها بـ”النمرودة”، ما رفع مستوى الغضب بين الطرفين، لا سيما من الأولى التي استمرّت في إطلاق الكلام والتحدّث باستمرار، فتدخلت سيّدة ثالثة لتخفيف وطأة الموضوع وهي ابنة عمّ السيّدة الثانية، لكن لم يحصل هذا الأمر، وتضخم الاشكال بينهنّ، وصولاً إلى قيام طفل وهو ابن السيّدة الثانية (التي لم ترضَ بالتحدّث مع الشاب) بالطلب من الأولى ألّا تتدخل في شأن والدته، وألّا تصرخ عليها، ما دفعها إلى شدّه من رأسه وضربه، ومن هنا وقع الاشكال.

وشدد خميسي على أنّ من غير المعروف حتّى هذه اللحظة من نشر الفيديو، “لكن يبدو أنّه فيديو استغلاليّ للغاية ونيته إحداث بلبة في المخيم، وقد يكون أحد الأطراف الذي يُريد زعزعة الأمن في مخيمنا لكن في كلّ الحالات لا يهمّنا إلّا أمنه”.

وعلّق ناشط آخر على هذه الظاهرة، موضحاً أنّ “سيناريوهين قد يرتبطان بهذه المشكلة: الأوّل، أراد ناشر هذا المقطع فضح السيّدات أو سيّدة واحدة لغايات غير معروفة، والثاني: اعتقد الناشر أنّه سيُحدث ترند مثلاً من عملية التوزيع وإضحاك المتابعين جذباً للمشاهدة والربح، لكن هذا الاشكال كان يُمكن أن يمرّ بطريقة عادية، مع العلم أنّه يحصل للمرّة الأولى بهذه الطريقة، ولكن في هذا التوقيت الذي نعيش بسببه حساسية سياسية بالغة من اللاجئين، لا يجب أن يحصل هذا الاختراق، بل كان من الممكن تخفيف تداعياته عبر تجاهله”.

فيما أشار آخر الى أنّ “قيام الكاميرا بتصوير هذه اللحظات العصيبة لم يكن طبيعياً أو اعتيادياً أبداً، وبالتالي إذا رصدنا رد الفعل على مواقع التواصل فسنجد تهماً عدّة تصف اللاجئين أو النازحين بما ليس فيهم حالياً بأسلوب عنصريّ، الأمر الذي يُحزننا حقيقة”.

شارك المقال