التلاميذ والأهالي والامتحانات الرسمية… رحلة عناء وشقاء

حسين زياد منصور

بعدما كان اجراء الامتحانات الرسمية المتوسطة أو الثانوية، أمراً أساسياً وضرورياً ولا مفر منه، وسط الاعلان المتكرر لوزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي أنها قائمة في مواعيدها، وأنه لا يجوز بعد كل ما مر على التلاميذ في لبنان، أن يبقوا من دون شهادة رسمية، حرصاً على مستقبلهم، ودعوته الطلاب إلى عدم الأخذ بالشائعات أو الرهان على إلغاء الشهادة المتوسطة (البريفيه) لأنها ستجرى حكماً، فلا تأجيل ولا إلغاء لها، قرر مجلس الوزراء، في جلسته أمس إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة “البريفيه” لهذا العام، على أن يتم أخذ القرار للأعوام المقبلة في ضوء موقف وزير التربية.

وقال الوزير الحلبي: “المجلس طلب الغاء امتحانات الشهادة المتوسطة لهذه السنة ويبدو أن هناك صعوبات لوجيستية لدى قوى الأمن ولذلك اتجهنا الى اتخاذ هذا القرار، والامتحانات الثانوية تأمنت أموالها”.

والسؤال الأبرز: كيف كانت استعدادات التلاميذ والأهالي للامتحانات الرسمية؟

يشير معين، أستاذ في المرحلتين المتوسطة والثانوية، في حديث لـ”لبنان الكبير”، الى أن الطلاب استعدوا لامتحانات البريفيه، فمن هم في المدارس الخاصة، لم يعانوا من أي مشكلات أو إضرابات، وأنهوا البرامج المطلوبة منهم على أكمل وجه، اما بالنسبة الى من هم في المدارس الرسمية، فقد واجهوا العديد من الصعوبات الناتجة عن الاضرابات، وهناك مدارس خرجت عن قرار الاضراب وأخرى عادت والتزمت.

ويقول: “الكثير من الأهالي وضعوا لأبنائهم أساتذة خصوصيين، للاستعاضة عن التعليم المتوقف في المدارس، وهنا أقصد المدارس الرسمية، ان كان استعداداً للبريفيه أو الترمينال. ولا يمكن الاستهانة بالأكلاف والأموال التي تكبدها الأهل، خصوصاً في ظل هذه الأوضاع، فتسعيرة الساعات الخصوصية تختلف بين الأساتذة، اذ هناك من يتقاضى 10 دولارات على الساعة، وهناك من يأخذ أقل ومن يأخذ أكثر، فالدروس الخصوصية مع تأمين الأموال اللازمة لها أصبحت تحدياً كبيراً للأهل، والآن لا امتحانات بريفيه”.

ويؤكد أن “بعض الأهالي حزين لأنه دفع الأموال، ولن تكون هناك امتحانات، والبعض الآخر يرى أنها لم تضع، لأنها في النهاية تصب في مصلحة أبنائهم”.

على ضفة الأهالي، منهم من هو سعيد والآخر حزين، وتقول ريما انها ارتاحت من هم الامتحانات والتوتر، مؤكدة أن “المشكلة ليست في الأموال التي دفعتها للأساتذة الخصوصيين والامتحانات ألغيت، بل ارتحت من هم الامتحانات والشحشطة، والمهم أن ابنتي حصلت على المعلومات اللازمة”.

اما وليد فيعتبر أن الغاء الامتحانات بعد كل هذا التعب خلال العام الدراسي، وقبل فترة قصيرة من اجرائها، أمر غير مقبول، ويقول: “دفعت دم قلبي، من أجل تأمين الأساتذة والعلوم لإبني، كي يحصد نتائج في امتحانات البريفيه، وطوال الوقت يدرس، كي تكون النتيجة الغاءها؟ هذا الأمر غير مقبول”.

ويرى وليد الذي يستعد أبناؤه لخوض الامتحانات الرسمية بفرعيها المتوسط والثانوي أن “الجيد في الموضوع أنهم أكدوا اجراء الامتحانات الثانوية، على الأقل (زمطنا) بابنتي الكبيرة، ولن يضيع مجهودها بالدرس أو الأموال التي دفعناها للأساتذة”.

التعليم في خطر

وسبق أن أشارت تقارير دولية الى أن “التعليم دخل دائرة الخطر”، خصوصاً في ظل عدم الاستقرار الكبير الذي شهدته الأعوام الدراسية خلال جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية والاضرابات المتكررة للأساتذة.

وأوضحت دراسة لـ “اليونيسيف” أن 25٪ من العائلات اللبنانية غير قادرة على تأمين كلفة التعليم المدرسي وتحمّل أعباء الأقساط المدرسيّة، بالاضافة إلى تكاليف النقل.

وأشارت دراسات أخرى الى أن القطاع التعليمي، منذ بداية كورونا، مروراً بالأزمة الاقتصادية، وصولاً الى إضرابات الأساتذة، خسر الكثير من الأيام التعليمية الفاعلة، ما أدى الى اتساع الفجوة الموجودة أصلاً، أكثر فأكثر بين القطاعين العام والخاص، وهذا ما ينعكس على نسبة الطلاب في المدارس، وعلى نسب التسرّب المدرسي.

شارك المقال