سوق الأضاحي “ينتعش”… بأموال المغتربين!

راما الجراح

مع حلول عيد الأضحى المبارك، تبدو حركة سوق المواشي جيدة. ويهتم جميع المسلمين بهذا العيد، ودائماً ما يكون هناك طلب كبير على شراء الأضحية، ولكن منذ تعرض لبنان لأزمات اقتصادية ومعيشية، تراجعت القدرة الشرائية، وارتفعت الأسعار بصورة جنونية، ما أثر على مواسم الأضاحي.

هناك نسبة حجوزات عالية في مزارع المواشي، وبدا جلياً تأثير أموال المغتربين التي أحدثت تغيراً في بوصلة موسم الأضاحي لهذا العام ما انعكس ايجاباً على زيادة أعداد المتبرعين. فيما تغيب من جهة أخرى هذه المظاهر في الأحياء الشعبية الفقيرة والمتوسطة بسبب الانهيار الاقتصادي.

أشار أحد تجار المواشي إلى أن “سوق الأضاحي تأثر بشدة بالأزمة الاقتصادية، إن كان على صعيد العرض أو الطلب. في العام ٢٠١٩، تراجع السوق أكثر من ٦٠٪، ومع بداية العام ٢٠٢٠ بدأت الأمور تتحسن شيئاً فشيئاً، حتى وصلنا إلى هذا العام وكأن الامور عادت إلى ما هي عليه قبل الأزمة. ازدهر السوق بصورة غير مسبوقة على الرغم من ارتفاع الأسعار، فكيلو العجل اليوم سعره ما يقارب الـ ٤.٥ دولارات، والغنم بـ ٥.٥ دولارات، والمشكلة أن معظم رواتب اللبنانيين بالليرة اللبنانية وليست بالدولار الأميركي، ما يمنع العائلات من التمكن من شراء الأضحية، ولكن أموال المغتربين أنقذت الموقف”.

وأوضح الشيخ أحمد الحدري، مسؤول لجنة وقف تعلبايا – البقاع في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنّ “حملة الأضاحي هي للسنة الرابعة في اللجنة، وهناك إقبال لا يستهان به ولكن أقل بقليل من العام الماضي بسبب غلاء الأسعار، واختلاف الأوضاع المعيشية، والصعوبات المالية التي يعاني منها أكثر من ٨٠٪ من سكان لبنان. هناك تبرع بـ ١٠ عجول من نوع آنغوس، وقد يزيد العدد حتى رابع يوم العيد. طبعاً نسبة التبرع الأكبر هي من المغتربين في البلاد العربية والأجنبية، وهناك نسبة من الداخل جيدة جداً، فهذه من أحب الأعمال إلى الله وهي شعيرة من شعائره. وستوزع على ما بين ١٧٠٠ إلى ٢٠٠٠ منزل، بمعدل بين كيلو ونصف الكيلو من اللحم الصافي. وتعتبر حملة الأضاحي من الحملات الثابتة من ضمن الحملات التي تقوم بها لجنة الوقف وتشمل حملات مازوت، حملات رمضان، مبادرات استشفائية، والملفات التربوية وغيرها، والحملة الثابتة إلى حملة الأضاحي. وتوزع الأضاحي في منطقة تعلبايا، وعدد من مناطق البقاع الأوسط مثل سعدنايل، مكسة، حوش الأمراء وجلالا”.

ولفت مدير “جمعية وقف القدس للرعاية والتنمية” عمر منصور إلى أن الجمعية “تطلق للسنة السادسة على التوالي مع الملتقى الجامع حملة (أضحيتكم عطاء) في المركز الأساسي في منطقة الحمراء، ولدينا مندوبون في جميع المناطق اللبنانية،. وتسعى الحملة إلى جمع أثمان أضاحي وكسوة العيد لأهلنا في فلسطين، لبنان، الشمال السوري، والدول المحتاجة للاسهام في مساعدة الفقراء والأرامل وأسر الشهداء والجرحى من خلال سد جزء من حاجاتهم المتعلقة باللحوم وبكسوة العيد وإدخال الفرح والسرور الى قلوب الأيتام”.

أضاف: “نسبة المغتربين المتبرعين لحملة الأضاحي لافتة جداً، لذلك نسبة الأضاحي جيدة جداً. المشكلة أن أسعار الاضاحي ترتفع كثيراً، لذلك هناك إقبال من الناس على الذبح الخارجي في اليمن مثلاً أو دول أفريقية، لأن أسعارها رخيصة. أما موضوع فلسطين، فهو الخيار الثاني، فنحن جمعية تهتم بهذا الموضوع، لمن يرغب في أن يضحي خارج لبنان للمحتاجين في غزة والقدس، وخصوصاً بسبب أوضاعهم الصعبة نتيجة الحصار. نقوم بجمع التبرعات من لبنان لكل الدول التي سنعمل فيها، وتتم عملية تحويل الأموال عبر صرافين معتمدين إلى أفريقيا. أما إلى القدس فتكون العملية عبر جمعيات موجودة في تركيا، تقرم بدورها بتحويل الأموال إلى مصارف موجودة في الكيان الغاصب”.

وتابع: “في لبنان، نتفق مع مزارع معينة لعملية الذبح على أيام العيد الأربعة، ودائماً نحث الناس على التبرع بالعجول أكثر من الأغنام لأنها مبركة أكثر، والعجل الواحد حوالي ٢٦ كيلوغراماً للسُبع الواحد (لحم صافي)، أما الخروف فـ ٩ كيلوغرامات فقط. ونسبة الاقبال على التبرع للأضاحي عادت إلى ما قبل الأزمة عام ٢٠١٩، أي جيدة جداً اليوم، بما معناه أن الناس أصبحت تتأقلم نوعاً ما مع الأزمة. كان سعر الخروف ٢٥٠ دولاراً، ومنذ سنتين كان هذا المبلغ كبيراً جداً علينا بسبب صعوبة الأوضاع، واليوم أصبح كيلو اللحم بـ ١٠ دولارات، ففضل الأهالي التبرع للأضاحي في هذه الحالة، وأصبح التبرع بـ ١٠٠ دولار ليس صعباً على نسبة من الناس”.

على الرغم من كل الأزمات، إلا أن الشعب اللبناني لا يفوّت فرصة الاحتفال بالأعياد، فللفرح مكانة وحصة في كل بيت خصوصاً العائلات التي لديها أبناء في الغربة، على أمل “أن ينجلي ليل جهنم عن اللبنانيين ويعيّدوا بخير!”.

شارك المقال