“العيدية” ليرة ودولار… ورسالة اهتمام للصغار

حسين زياد منصور

“مش أقل من 500 ألف ليرة العيدية أو بالدولار”، هذه هي شروط الأطفال للحصول على “العيدية”.

يطل عيد الأضحى، وتطل معه “العيدية”، التي كانت قيمتها تتراوح بين 10 و20 ألف ليرة أقلها في الماضي، أي قبل الأزمة في العام 2019، وباتت تتجاوز الـ 300 ألف ليرة “حتى تحرز”.

على مدى العصور الماضية، شكلت “العيدية” تقليداً إسلامياً في المجتمعات العربية والاسلامية، وتطورت واتخذت أشكالاً عدة منذ ذلك الحين، فتارة تكون حلوى، وتارة أخرى مبالغ مالية.

وبالنسبة الى الأطفال، “العيدية” أمر مقدس وأساس، على اختلاف أعمارهم، فهي ترسم البهجة والفرحة على وجوههم، وتعكس مدى الترابط بين الأهل والأقارب، خصوصاً عندما يتجمعون في بيت العائلة بعد صلاة العيد، مرتدين ملابسهم الجديدة، وينتظرون ما يجود به المقرّبون لشراء ما يحلو لهم من حلوى وألعاب.

اليوم وعلى الرغم من أنها أحد أهم مظاهر العيد، ومستمرة منذ قرون، ولم تفقد بريقها خلال كل هذه الفترة، الا أن أوجه “العيدية” تبدلت، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون الى جانب الانهيار في قيمة الليرة اللبنانية وملامسة الدولار الأميركي الـ 100 ألف ليرة.

في حديث لموقع “لبنان الكبير” تشير الأستاذة في علم الاجتماع ش.ع الى أن “العيدية موروث ثقافي واجتماعي معتمد منذ قرون، ولها معنى وتأثير كبير في نفوس الأطفال، وتعد رسالة محبة واهتمام من الكبير للصغير، أي من الأهل للأبناء، كما أنها تشكل مصدراً للسعادة والفرح، وتثبت الروابط والقيم بينهم وبين عائلاتهم”.

وتقول: “العيدية تحفز الأطفال على الادخار، وشراء ما يلزمهم فقط، والحفاظ على ما تبقى منها، اما الآن فتغير كل شيء، وتغيرت العيدية، وارتفعت قيمتها، وتبدلت أصلاً اهتمامات الأطفال والأبناء. فبعد أن كانت القيمة تساوي 10 أو 20 ألفاً، وجل همّ الأطفال شراء المفرقعات والمسدسات وبنادق الخرز، أصبحت اهتماماتهم تنصب على الألعاب الالكترونية ووسائل التكنولوجيا”.

وتضيف: “كانت فرحة العيد في الماضي مختلفة عن الآن، أكثر بساطة وتواضعاً، وهذا يعود الى المجتمعات التي كانت موجودة، وتطورت الآن وتغيرت، خصوصاً مع التطور التكنولوجي، وهو ما أدى الى تبدل معايير الترفيه والفرح لدى الأطفال، وأصبحت تستهويهم الأجهزة الذكية والألعاب الالكترونية، وهذا هو السبب الذي أدى الى ارتفاع قيمة العيدية، طبعاً بعيداً عن الأزمة الاقتصادية التي نعيشها”.

تشير المراجع والأقاويل الى أن أصل “العيدية” يعود الى فترة الحكم الفاطمي، وكانت تسمى بالتوسعة أو الرسوم، وتتضمن نقوداً أي دنانير ذهبية وملابس يوزعها الأمراء على عامة الشعب، وخصوصاً الأطفال.

اما في العصر المملوكي، فعرفت “العيدية” باسم “الجامكية”، وبحسب المراجع والروايات فهذا المصطلح فارسي يعني “العطية المادية”، وكان السلطان يقدمها ويوزعها وفق المكانة الاجتماعية للشخص ورتبته، من أمراء وكبار رجال الدولة والجيش. وكانت تتضمن على اختلافها المال المخصص لشراء الملابس، والأضاحي للفقراء والمحتاجين وإقامة الموائد طوال أيام العيد، وفق أوامر السلطان، الى جانب الدراهم والدنانير التي توزع على الناس، كما توزع على الأمراء دنانير ذهبية أو فضية وطعام فاخر وقطع حلوى كهدية من الحاكم.

وفي العصر العثماني أصبحت تقتصر على تقديم النقود للأطفال، أي أن الأهل والأقارب يمنحونها لهم بعد صلاة العيد مباشرة.

شارك المقال