في العيد… عجقة كوانين وطوابير وناس مقهورين

حسين زياد منصور

أجواء عيد الأضحى المبارك كانت جيدة نوعا ماً، على الرغم من أن هناك العديد ممن لم يتمكنوا من استقباله كما جرت العادة خلال السنوات الماضية، الا أن مظاهره تجلت في الكثير من المناطق اللبنانية. فموظفو القطاع العام امتدت عطلتهم من صباح الأربعاء أولى أيام العيد حتى مساء الأحد، فيما تفاوتت عطلة القطاع الخاص، لكن يومي الأربعاء والخميس كانا الأكثر حركة.

الأسعار نار

بين إقليم الخروب وصيدا، طغت مظاهر العيد وإن ببساطة، ففي الصباح كانت التقاليد هي السائدة بعد الصلاة، من زيارة المقابر والاجتماع في بيوت العائلة حيث العيدية التي ينتظرها الأطفال.

وعلى الرغم من أن الشارع العام كان شبه فارغ في إقليم الخروب، الا أن “عجقة” الناس بدأت بالظهور في فترة الظهيرة، لدى التوجه الى المطاعم الموجودة في المنطقة، أو باتجاه بيروت وصيدا، وجزء لا يستهان به أعد عدته وشد الرحال نحو نهري بسري والأولي.

بين سبلين ووادي الزينة وقف “المعيّدون” أمام مدخل أحد المطاعم، يتصارعون للوصول الى صندوق المحاسبة، وبدا المشهد للوهلة الأولى وكأن جمعية توزع الأضاحي أو المعونات، أو أن المطعم يوزع الوجبات والسندويشات مجاناً.

“الأسعار نار” هذا ما قاله لنا أحد الأشخاص عند مدخل المطعم، مضيفاً: “صحيح الأسعار نار، لكنني مضطر الى شراء الطعام لزوجتي وأبنائي، فالعيد فرصة لرسم البهجة على وجوهم، واراحة زوجتي من هم تحضير الأكل والغسيل والجلي. وعلى الرغم من ذلك، ليس هناك أصلاً ما يمكن القيام به، سوى طلب الغداء من المطعم، ثم الذهاب الى المراجيح وتناول البوظة أو الآيس كريم، هذا هو برنامج اليوم لا أكثر، وهذه امكاناتي”.

“ريحة الشوي واصلة لقبرص”

اما في صيدا عاصمة الجنوب، فعند مدخلها لناحية نهر الأولي، وبعيداً عن زحمة السير الخانقة، تستقبلك رائحة الشواء التي تسيطر على الجو، وقال رفيق رحلتي الاستطلاعية ممازحاً: “ريحة الشوي واصلة لقبرص”.

عشرات السيارات مركونة يميناً ويساراً بالقرب من النهر، ودخان “الكوانين” يتصاعد، لحمة مشوية، طاووق، كفتة، جوانح، كل ما يخطر في البال من طعام يمكن أن يُشوى.

استفسرت من أفراد وعائلات عن سبب المجيء الى هذا المكان، لا ارتياد المطاعم من دون تكبد عناء اعداد الطعام وتتبيله وشّيه، فكان رد الجميع متشابهاً. وقال أحد هؤلاء: “المشاوي لم تعد وجبة طبيعية بالنسبة الينا، بل في المناسبات والأعياد فقط، والجلوس بجانب النهر له طعم خاص، نتعرف على العديد من الناس البسطاء في معيشتهم أمثالنا، وعلى الأقل أنت تعرف نوع الطعام الذي تأكله، فأكل المطاعم في العيد بيخوف، وصاحب المطعم لا تهمه صحة الزبون بقدر ما يهمه البيع أكثر وتحقيق الربح واستغلال الموسم، لذلك نتجنب ارتياد المطاعم في هذه الحالات، فليست لدينا القدرة على دخول المستشفيات في ظل هذه الأوضاع الصعبة، حتى شراء الأدوية، ولا يمكن نسيان أسعار المطاعم الغالية، فالعيد يعد فرصة لرفع الأسعار من دون أن ينتبه الزبون”.

الغلاء فاحش

في ظل أجواء الفرح المقنعة هذه، كانت هناك عائلات كثيرة لم تصل اليها فرحة العيد، بسبب الأوضاع الصعبة التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأكد رب أسرة أنهم لم “يعيّدوا” هذه السنة كما باقي العائلات ولم يتمكنوا من تأمين “متطلبات العيد” اللازمة، من شراء المعمول والألعاب والملابس الجديدة.

وأشار الى أن “الغلاء فاحش، وكل شيء بالدولار، وراتبي بالليرة لا يتجاوز الـ150 دولاراً، كيف بدي عيّد، من وين بشتري تياب وألعاب لأولادي؟ بعض الجمعيات تسعى كي تكون بجانب الناس في هذه الظروف وقدمت المساعدات العينية أو الرمزية، مشكورة، لكنها لا تقدم ولا تؤخر”.

شارك المقال