تُشكّل الأزمات الاقتصادية والمالية تحدّياً واضحاً أمام الطرابلسيين في عيد الأضحى المبارك، ويبدو أن سوقيْ المواشي والسيّارات سيتأثران أيضاً بهذه العوائق التي لن يُذللها سوى دعم المغتربين المتوقّع في هذه الأيّام، بحيث يُمكن للتحويلات الخارجية تنشيط هذه الحركة في كلّ من هذه الأسواق، لإنعاشها وتحريك عجلتها التي يُتوقّع لها دائماً أنْ تتحسّن في فترة العيد.
وعلى الرّغم من تراجع عملية العرض والطلب التجارية هذا العام، يُمكن القول إنّ سوق المواشي، تشهد حركة مقبولة لدى بعض الملاحم، فيما تُشير أخرى إلى تراجع الحركة فيها بوضوح هذا العام. ويُشدّد صاحب ملحمة (من أبي سمراء) لـ “لبنان الكبير” على أنّ الاقبال على الأضحية هذا العام يبقى أفضل من العام الماضي، لكنّه لا يُعدّ إقبالاً كثيفاً كالذي كانت تشهده المدينة سابقاً، معتبراً أنّ مصدر هذا الاقبال يأتي من تحويلات المغتربين الذين يُرسلون أموالهم لنحر الأضحية بعدما كانوا يُؤدّونها في الاغتراب ويُرسلون منها إلى لبنان. ويؤكّد أنّ معظم هذه الخراف تأتي من سوريا إلى لبنان، وبعضها يُرسل من البقاع أو من عكّار، “وذلك بسبب تمتّع سوريا بسوق مواشي مهمّة نظراً الى وجود البادية فيها واعتماد البعض على هذه التجارة، التي لا يعتمد لبنان عليها ولا يملك هذه الأعداد الضخمة من الخراف واللحوم”.
وفق معطيات، فإنّ هذه اللحوم التي تأتي من خارج لبنان، تُعدّ غير شرعية أو تدخل في معظمها عبر طريقة التهريب، لكنّها تبقى سليمة وصحية خلافاً للكثير من الخراف التي تذبح في بعض الدّول العربية.
وعن سعر الخروف، يُشير صاحب ملحمة آخر في منطقة ساحة الكورة – طرابلس إلى أنّ الأسعار هذا العام باتت أغلى من عيد العام الماضي، إذْ “يتراوح سعر الخروف بين 5 دولارات، 5.50 دولارات أو 6 دولارات على كلّ كيلو منه، وكلّ ملحمة يُمكن أن تبيعه بسعر، وإذا كان مذبوحاً فيتراوح الكيلو بين مليون ومليون و200 ألف ليرة وحسب كلّ ملحمة أيضاً”.
ويُوضح أنّ حجم الطلب على الخراف حتّى من المغتربين قد تراجع كثيراً، لكن لا يُمكن الجزم بأنّه غير موجود، ويقول: “بالأمس كان لديّ 120 خروفاً للذبح، أمّا العام الماضي فكنت أذبح أكثر من 250 خروفاً، ما يعني أنّ الاقبال ضعيف هذا العام إذا ما قارناه بالعام الماضي، وغلاء الأسعار يُعدّ سبباً رئيساً في هذه المشكلة”.
سوق السيّارات
يُمكن القول إنّ تزامن عيد الأضحى مع انطلاق الموسم الصيفي كان يُمكن أن يُستثمر إيجاباً في هذه الفترة التي كان عليها استقطاب السياح والمغتربين، لكن مع تراجع عدد السياح شمالاً بسبب الوضع المالي الذي يفرض غياب الأمن والاستقرار، كان يُمكن التعويل على المغتربين الذين تُشير المعطيات إلى توجه عدد كبير منهم إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج هذا العام (خصوصاً من أهالي أستراليا الذين يدفعون ثمناً أقلّ عند حجزهم من لبنان لهذه الغاية).
من هنا، تفرض عودتهم أو بقاؤهم في لبنان خلال فترة العيد وبعدها، الاتجاه إلى استئجار السيارات والذي يبدأ منذ لحظة وصولهم إلى مطار رفيق الحريري الدولي حيث يُمكنهم استلام سيّارة عبر مكاتب المطار، لكن هذه الطريقة ووفق محمّد أسعد عبد الله الذي يعمل في مكتب “Aya Rent a car” في طرابلس، تُعدّ صعبة للغاية على بعض المسافرين الذين يُواجهون مشكلة مع التأمين المفروض عليهم ويبلغ 500 دولار. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “لا يُعدّ المبلغ مشكلة، بل طريقة الدفع التي لا تتمّ بالكاش، بل عبر بطاقة الائتمان المصرفية الأمر الذي يُعدّ عرقلة أولى للبعض، أمّا الثانية فهي انتظار استعادة المال الذي يستغرق مدّة 15 يوماً، لهذا السبب يتجهون إلى استئجار سيّارات من الشمال”.
ويُوضح عبد الله أنّ الإقبال على السوق خفيف للغاية ولا يُقارن بالأعوام الماضية، ويُضيف: “قد يمرّ 3 أو 4 أيّام ولا تخرج من المعرض سيّارة واحدة. وتراجع إقبال المغتربين على الاستئجار أو الشراء يعود الى قيام بعض أصحاب السيّارات أو أصحاب الأرقام البيضاء بتأجير سياراتهم بسعر رخيص للغاية ومن دون تأمين ما يجذب المغتربين كثيراً إليهم، والمشكلة الأكبر حينما يملك الشخص الواحد أكثر من سيّارة واحدة، فيقوم بتأجيرها وهو ما ينعكس على العمل الذي ندفع لتأمينه 25 ألف دولار سنوياً لنأخذ 400 دولار على تأمين غير شامل للسيارة الواحدة في ظلّ تراجع حدّة العمل”.
وعن أسعار تأجير السيارات، يُشير إلى أنّ “السيارة الصغيرة أو المتوسطة يبلغ سعرها 35 دولاراً أمّا الكبيرة فيتراوح بين 50 و80 دولاراً حسب نوع السيّارة”، لافتًا إلى وجود مكاتب تأجير في طرابلس وكذلك في عين المريسة – بيروت تقوم بتأجير سيارات من دون أرقام وغالباً ما تكون أجنبية بسعر رخيص. ويتمنى على الدّولة “تشديد رقابتها وفرض هيبتها على عملية تأجير السيارات لتكون مقتصرة على أصحاب الأرقام الخضراء فقط، لإدارة هذا القطاع الذي بات غير منظّم”.