الحرائق… إهمال بشري وغياب الوعي للمخاطر

حسين زياد منصور

كما افتتاح الموسم السياحي في كل عام، يفتتح أيضاً موسم الحرائق، الذي يأكل الأخضر واليابس اجمالاً خلال شهري تموز وآب، مع ارتفاع درجات الحرارة وقدوم فصل الصيف، بحيث يشهد لبنان سنوياً حرائق في غاباته، من الشمال حتى الجنوب، من دون تمييز وتفرقة مناطقية وطائفية.

هذه الحرائق التي تتوسع وتتمدد تواصل قضاءها على الأراضي الحرجية والزراعية التي تتقلص يوماً بعد يوم مع ما تسببه من أضرار على البيئة، كما أنها تطال في بعض الأحيان التجمعات السكنية.

وفي إقليم الخروب بدأ موسم الحرائق بقوة، فاندلعت في عدد من ضيعه، وكان أبرزها في بلدة مزبود حيث تجدد الحريق عدة مرات خلال فترة قصيرة. وكان وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين جال في بلدات الاقليم للمشاركة والاطلاع على حملة لتنظيف الأحراج وجوانب الطرق والتي أطلقتها مجموعة رصد وإنذار الحرائق في إقليم الخروب.

وأشار الوزير ياسين حينها الى أهمية استكمال حملة الوقاية من حرائق الغابات التي أطلقت في حزيران وأقرها مجلس الوزراء، فتنظيف الأحراج وجوانب الطرق وإزالة كل ما من شأنه أن يتسبب بحرائق أمر مهم، لأن الوقاية أساسية للحد من الحرائق الكارثية.

الدفاع المدني جاهز دائماً

وتشير مصادر الدفاع المدني لموقع “لبنان الكبير” الى أن العناصر دائماً على أتم الاستعداد والجهوزية لكل المشكلات التي يواجهونها، ولن يتأخروا أبداً في تلبية أي نداء، لكن كل شيء يحصل ضمن الامكانات المتاحة للمديرية.

وتوضح أن “الحصول على المساعدات والتعزيزات في بعض الأحيان يتم من مراكز أخرى، إن كان لناحية المعدات والآليات أو العناصر، وذلك حسب الموقف أو الحدث أو الحريق، لكننا على أتم الاستعداد والجهوزية في كل الأيام والأوقات ليل نهار”.

وعن المصاعب التي يواجهونها، تعيد المصادر تكرار المشكلات والصعوبات التي يواجهونها منذ سنوات، ألا وهي الصيانة الدورية للآليات التي لم تخضع أصلاً للصيانة منذ سنوات بسبب الأزمة وتسعيرة الدولار، على اعتبار أقل “تصليحة” تكلف بالدولار بين أجرة العامل وسعر القطع الذي لا يستهان به، الى جانب النقص في المعدات الأساسية والضرورية مثل الخراطيم.

وتشدد المصادر على ضرورة الالتزام بتعليمات الدفاع المدني والاتصال فوراً برقم الطوارئ عند حدوث أي حريق كي يتم تداركه لتفادي ازدياد الخسائر في الغطاء الأخضر والأضرار البيئية، داعية البلديات والجمعيات والهيئات الاهلية الى التعاون في ما بينها لتفادي الحرائق بقدر المستطاع، مع توجيه الشكر الى القوى الأمنية التي تلعب دوراً في مكافحة الحرائق.

تنظيف الحقول وجوانب الطرق ضروري

وفي حديث مع “لبنان الكبير”، يقول الناشط البيئي والاجتماعي ومنسق مجموعة رصد وإنذار الحرائق في إقليم الخروب المهندس غازي عيسى: “ان أسباب الحرائق في لبنان هي الأنشطة البشرية، ونادراً ما يندلع حريق لأسباب طبيعية، فالحرائق اما أن تكون مفتعلة أو ناتجة عن الاهمال وعدم الانتباه والوعي لمخاطر النشاط الذي يمارس في الحقول وبين الأحراج”.

ولمنع تكرار وحصول الحرائق ينصح عيسى بـ “عدم استعمال مصادر أو مسببات النار داخل الحقول والأحراج أو بالقرب منها، أي السيجارة والنرجيلة، مواقد الطبخ والشواء، الى جانب اشعال الفحم وحرق الأعشاب اليابسة والمخلفات الزراعية، الألعاب النارية، وإن كنا مضطرين الى إشعال النار لأي سبب من الأسباب، فالحذر والانتباه ضروريان”.

ويضيف: “في حال استعمال موقد من الضروري اختيار مكان بعيد عن الأشجار والأعشاب اليابسة ومن ثم تنظيف المكان من الأعشاب وأوراق الشجر لمسافة لا تقل عن متر من مكان الموقد وعلى شكل حزام حوله، ولا يجب استخدام الموقد أثناء حدوث الرياح، ومن الضروري أيضاً تحضير دلو أو مصدر مياه للتأكد من اطفائه، والأفضل تغطيته بالتراب بعد الانتهاء منه”.

وعن السجائر، يشدد عيسى على وجوب عدم رميها عشوائياً، بالتأكد من اطفائها ليس بالدوس عليها وحسب، بل اطفاؤها بالمياه أو “بالبصق عليها”. اما بالنسبة الى النرجيلة فيجب وضعها بصورة ثابتة وغير معرضة للانقلاب، واطفاؤها بالمياه عند الانتهاء. ويشير الى ضرورة عدم نقل منقل الفحم بواسطة الدراجات النارية، واستعمال الألعاب النارية بالقرب من الأشجار والحقول وأماكن العشب اليابس.

ويؤكد عيسى وجوب تنظيف الحقول وجوانب الطرق من الأعشاب اليابسة والنفايات الزجاجية وعدم حرق المخلفات، “لأن المخلفات الزراعية مصدر قوي جداً للحرائق حتى بعد اطفائها، خصوصاً عند إشعال كميات كبيرة لأن الجمر يبقى لفترة طويلة تحت الرماد وعند هبوب الرياح تعود النيران الى الاشتعال”، لافتاً الى أن هذه المخلفات في حالات الضرورة يجب حرقها داخل برميل حديدي، أو اختيار مكان بين الصخور وبعيد عن مجرى الرياح، وأفضل الحلول هو من خلال تجميعها في كومة وتكبيسها ليصغر حجمها ثم رشها بكمية مناسبة من المياه وتغطيتها بقطعة نايلون أو بالتراب وتركها تتحلل طبيعياً.

ويدعو الى الابلاغ فوراً عند رؤية دخان يتصاعد من الأحراج أو الحقول، والتوجه الى مكانه ومعرفة السبب ومحاولة إطفاء النار وحصرها بإزالة الأعشاب وفروع الأشجار اليابسة القريبة منها، وبالنسبة الى الحرائق المفتعلة الامر نفسه ويجب التنبه الى وجود أغراب ومعرفة سبب وجودهم في الأحراج.

ويرى العديد من المراقبين والمتابعين لقضية الحرائق أن بعضها كان متعمداً ومفتعلاً، وهذا ما أشار اليه أحد المتطوعين لإطفاء الحرائق، قائلاً: “من غير المنطقي أن يتجدد الحريق عدة مرات بعد أن يطفئه الدفاع المدني بصورة تامة، بالتأكيد هناك من يشعلها، وله أهداف، للافادة من الحطب، لذلك يجب أن تكون هناك مراقبة شديدة في أماكن الحرائق من السلطات البلدية، على أن يحاسب جميع المتورطين”.

تجدر الاشارة الى أن لبنان شهد في العام 2019، سلسلة حرائق كبيرة على مختلف أراضيه استمرت لأيام عقب خروجها عن السيطرة.

شارك المقال