إحباط عمليتي التهريب شمالاً… تنسيق أمني ناجح ورصد للعصابات!

إسراء ديب
إسراء ديب

يُعيد إحباط شعبة المعلومات عميلتي تهريب غير شرعيتين شمالاً في الساعات الأخيرة، قضية الهجرة غير النظامية نحو أوروبا إلى الواجهة من جديد، بحيث نفذت الأجهزة المتعاونة في الشمال، ضربة أمنية قاسية الى أصحاب العصابات المهرّبة للبشر بعد توقيف المئات من المهاجرين في محلّتَي أوتوستراد المنية – الضنية وأوتوستراد المحمّرة العكارية قبل وصولهم إلى شاطئ سلعاتا البترونية للانطلاق إلى القارة الأوروبية وتحديداً إلى إيطاليا.

المهاجرون الذين أوقفوا على متن شاحنات أو “بيك آب” قبل انطلاقهم إلى البترون فجراً، كانوا قد دفعوا مبالغ مالية كبيرة تتراوح بين 6000 و7000 دولار هرباً من لبنان (وفق بيان المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي)، ومعظمهم من اللاجئين السوريين وكذلك من اللبنانيين، وذلك وفق ما يُفيد المحامي محمّد صبلوح المدير العام لمركز “سيدار للدّراسات القانونية” المعنيّ منذ عام و3 أشهر، برصد الهجرة غير الشرعية ومساعدة المهاجرين قدر الامكان منعاً لمحاولات انتهاكهم من “تجار الموت” الذين برعوا في تهجير النّاس وتشجيعهم على القيام بخطوة جريئة وقاسية قد تودي بحياتهم عبر الغرق في مياه البحر أو تركهم في قاعه كما حصل في مراكب ورحلات أخرى.

ويُشير متابعون شماليون لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ بيان قوى الأمن (الذي أكّد قيام دوريّات شعبة المعلومات بتوقيف 111 شخصاً من التابعيّة السّوريّة على طريق عام المنية – الضنية، وتوقيف 120 آخرين أيضاً على طريق عام المحمرة)، لم يذكر في تفاصيله توقيف اللبنانيين إلّا عن السائقين ومن يرافقهما، في حين أشارت معلومات إلى توقيف أكثر من 400 مهاجر معظمهم في عكار، بعد رصد ومراقبة أمنية دقيقة لافتة للحدّ من هذه التجارة عبر البحر.

في الواقع، يستغلّ تجار الموت الجمود السياسي والاقتصادي في البلاد ورغبة الكثير من المواطنين أو النازحين في تحقيق عملية الهجرة والخروج من البلاد، ولكن على ما يبدو أنّ للقوى الأمنية بمختلف أجهزتها هذه المرّة رأياً آخر، إذْ يُبدي الكثير من المتابعين الشماليين إعجابهم بالتنسيق الأمني الذي أحبط عملية تهريب شمالية كان يُمكن أن تُحدث كارثة أو فاجعة جديدة غير متوقّعة، وهذا ما يلفت إليه صبلوح قائلاً: “إنّ عملية إحباط عملتيّ التهريب جاءت بعد تنسيق وتعاون أمني جيّد، وهو أمر إيجابي يحدث للمرّة الأولى كما نرصد، حقاً هي أوّل مرّة تتفق فيها الأجهزة الأمنية وتكشف أمر هجرة غير شرعية شمالاً، وتلاحق عصابات الهجرة غير الشرعية، ولا تزال تقوم بهذه المتابعة الأمنية المستمرّة وهي مشكورة على قيامها بعمليتين متزامنتين لملف دقيق وخطير كنّا قد شكّلنا بسببه ضغطاً إعلامياً محلّياً ودولياً عبر مطالبتنا المجتمع الدّولي بالتدخل بعد وضع علامات استفهام عدّة على الأداء الأمني في مجالات أو قضايا متنوّعة محلّياً، لكن يبقى الكشف عن هذه المافيات خطوة إيجابية أولى، والتعاون الأمني أيّ بين المعلومات، الأمن العام والجيش خطوة ممتازة بحيث تابعوا ورصدوا المواطن السوري وهو الحزراوي أو عبد الرحمن الحزراوي الرأس المدبّر لهذه العملية وفق معطيات أوّلية”.

ولا يُخفي صبلوح أنّ الإيجابية التي تحدّث عنها، لا تقتصر على التعاون أو الكشف فحسب، بل انسحبت على الاطار القانوني الذي سارت فيه عملية التوقيف أيضاً، مشيراً الى “القاء القبض على المهاجرين واحالتهم على مخفريّ العبدة والمنية ومن المتوقّع إطلاق سراحهم، لكن من اللافت أنّه تمّ التعامل مع السوريين تحت سقف القانون خلافاً للتجاوزات القانونية التي كانت تحدث سابقاً وأبرزها كان مرتبطاً بقيام الأمنيين بترحيل السوريين، لكن وفق معلوماتنا فقد سلّموا إلى المخافر والجيش يُلاحق أفراد العصابة للكشف عنهم وإلقاء القبض عليهم”.

في المقابل، يذكّر مصدر مطّلع على هذا الملف بملاحقة القوى الأمنية لـ”الحزراوي” وتحديداً للسوري عبد الرزاق الحزراوي الملقب بـ “أبو رامي الحزراوي”، أيّ المهرّب الأساس للمهاجرين الذين نجوا من الغرق قبالة ساحل سلعاتا في الشمال سابقاً، وحينها بلغ عددهم 232 شخصاً، مع “غرق امرأة وطفلة أثناء عمليات الانقاذ”، وهي قضية أحدثت ضجة في أواخر العام 2022. ويقول: “وفق المعلومات، فإنّ أبو رامي كان أتى بمركب من سوريا وعلى الأرجح من طرطوس وقام بتسجيله باسم و. الموقوف اللبناني منذ العام 2022 بهذا الملف بعد إقناعه بأنّه يمكنه القيام برحلات مع عائلته مجاناً حسب ما أذكر، لكنّ أبو رامي لا يزال متوارياً عن الأنظار، وعلى ما يبدو أنّ الحزراوي الأوّل والثاني يُعدّان من الأقارب ولا ندري ما الصلة بينهما حقيقة، لكن نظراً الى تورّطهما بالجريمة نفسها، مع الجنسية والعائلة نفسها، كما بسبب تورطهما بالجريمة على شواطئ سلعاتا واختيارهما لهذه الوجهة البحرية تحديداً، كلّها أمور تُثير الشكوك حتماً، وبصورة عامّة التحقيقات لا تزال قائمة”.

ويضيف: “على القوى الأمنية تبديد الشكوك حول ما إذا كان هناك رابط بين الحزراوين، مع تحديد الرؤوس المدبّرة لهذه العصابات التي تشتري مراكب من سوريا أو تصنعها هناك، لتبيعها بسعر رخيص جداً شمالاً وفي مناطق لبنانية أخرى، وتتهرّب من الضرائب بأسلوب غير شرعي، ما يزيد من فرص استخدام هذه المراكب لغايات الهجرة غير القانونية والبعيدة عن الانسانية، لذلك لا بدّ من الأخذ في الاعتبار هذه التجارة لمنعها وتشجيع الصناعة اللبنانية وفرض رقابة على المراكب وملكيتها حتّى محلّياً كي لا يتورّط أحد تماماً كما حصل سابقًا مع و.”.

شارك المقال