“حمام دم” متوقّع في طرابلس… مجرم طليق يُهدّد الأمن المهتز

لبنان الكبير

تحوّلت منطقة “المنكوبين” في طرابلس إلى ما يُشبه “منطقة الأشباح” نتيجة غياب الأمن والاستقرار عنها بعد جريمة القتل المروّعة التي تعرّض لها خالد ديب بعد إطلاق عربي (ابن عمّه) النار عليه علناً أمام المنطقة التربوية، إذْ يخشى كلّ سكان “المنكوبين” اليوم (لا آل ديب فحسب) الخروج من منازلهم بسبب “تهديدات تصل إلى كثيرين من عربي المتواري عن الأنظار والذي تصلنا منه الكثير من الأخبار التي لا نزال نضعها في خانة الاشاعات”، وفق ما يقول مصدر في المنطقة لـ “لبنان الكبير”.

في الواقع، لم تعرف هذه المنطقة “المنسية” بأحزمة فقرها وبؤسها، الراحة الأمنية منذ ارتكاب هذه الجريمة وبعدها، وهي مهدّدة اليوم بانتزاع فتيل الفتنة فيها في أيّ لحظة، ضاربة عرض الحائط بما صرّح به وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي من دار الفتوى، بأنّ “الوضع الأمني في لبنان جيّد بهمّة كلّ القوى الأمنية والعسكرية”، لكنّ الرصد اليوميّ لمنطقة الشمال وتحديداً لـ “المنكوبين”، ينفي “الأمان الوهمي”.

ويُحذّر المصدر من عدم الاسراع في إلقاء القبض على عربي (25 عاماً)، قائلًا: “عقب الجريمة، اتصل عربي بأحد الأشخاص في المنطقة ليُؤكّد له أنّه قتل خالد، وبعد يوميْن على الحادثة، تحدّث مباشرة مع شاب من المنطقة على طريق عام السقي وهدّد كلّ من وقف ضدّه بالقتل قائلاً: حساباتي سأصفيها مع الجميع. ومن رآه رصد حزاماً ناسفاً بقنابل على صدره”.

ويُشدّد على أنّ “الأجهزة الأمنية تُدرك مكانه لكنّها لا تُلقي القبض عليه”، موضحاً “أننا علمنا من جهاز أمني أنّه موجود ضمن البداوي، فيما أعلمنا جهاز آخر أنّه موجود ضمن طرابلس، أيّ أنّه لم يخرج من حاجز دير عمار أو شكا، ما يُشير إلى سهولة العثور عليه، لكن على ما يبدو أنّ الغطاء الأمني والسياسي يشمله”.

كيف بدأ الخلاف؟

يروي المصدر تفاصيل الخلاف العائلي الذي لا يُعدّ قديماً: “منذ عام تقريباً وضع بعض أهالي المنطقة صورة لزياد (16 عاماً) شقيق خالد كتب عليها (المختار) نظراً الى محبّتهم له، ومع أنّه كان صديقاً مقرّباً لعربي ويبقى معه، صدم بتدخل مفاجئ من الأخير الذي تشاجر مع زياد بسبب كلمة المختار، فأطلق النار عليه، لم تخرج الرصاصة في الضربة الأولى ولا الثانية لكنّها أصابته في مكان حساس في الثالثة وكاد أن يتوفى لولا التدخل الطبّي الذي أنقذه أخيراً”. وبعد تقديم شكوى ضدّه، أسقطت العائلة حقّها بعد فرض شروط عدّة، “لكن الجميع استغربوا فكرة إخلاء سبيله مباشرة، ما يُشير إلى جهات تدعمه”.

ويُشير المصدر إلى أنّ “عربي كان يسكن في السويد وعاد منها إلى سوريا بعد الثورة حيث انضمّ الى مجموعة مسلّحة وحكم عليه بالسجن 3 أعوام بتهمة الانتماء إلى منظمة وعلى الأرجح داعش، وخرج منه في العام 2017، وحاول أن يُصبح زعيماً على المنطقة وأن يكون محبوباً، فأطلق النار على العائلة ومحيطها ومرّة على آل الشعار وغيرهم، وكانت عائلته قدّمت شكوى ضدّه في هذه الفترة حتّى أنّه أطلق النار على منزل أحد المحامين ثاني أيّام العيد”، مضيفاً: “منذ فترة وجيزة أوقف في خلية قيل انّها كانت تستهدف تفجير مستشفى الرسول بِمُسَيَّرَة مفخّخة ضمن مخطّط إرهابي ذي خلفيات طائفية، لكنّه خرج منها وصدم بأنّ خالد (22 عاماً) لم يعد يتحدّث معه بعد الإشكال مع أخيه لتفادي أزمة جديدة، وهو موقف اتخذه أهالي المنطقة التي لم تُرحب بوجوده، لكنّه لم يقبل هذا الأمر على نفسه”.

المصالحة ومعطيات

العائلة حاولت معالجة هذه المشكلات بصلح أوّل لم يتمّ بسبب “تدخل بلال المرج (التبانة) وهو والد زوجة عربي الذي تدخل بالسلاح معتبراً أنّ المصالحة باطلة، ليتضح أنّ عربي كان تحدّث معه عبر الواتساب ليُؤكّد له أنّه يرفض الصلح أساساً. وجرت مصالحة ثانية بعد أسبوع، لكن تبيّن أنّها كانت نابعة من غدر وخيانة، إذْ كان خالد أخفي لفترة عن عربي خوفاً من قتله وبعد إقناع رجال المنطقة أنّ المصالحة نالت موافقة الجميع ومنهم عربي، أعيد خالد ليموت على يد الاخير بفخ غادر وغير متوقّع”، وفق ما يقول المصدر الذي يلفت إلى أنّ شروط المصالحة كانت قاسية كثيراً منها منع عربي من حمل السلاح، ومنع نشر صور استفزازية وغيرها…

ويؤكد المصدر أنّ التقدّم بالشكاوى والإبلاغ عن عربي لم يجدِ نفعاً في ظلّ “تلكؤ” الأجهزة الأمنية عن القيام بواجباتها، أمّا عمّه بلال المرج “فقد قيل انّه تبرأ منه بعد الجريمة، مع العلم أنّه قبل نصف ساعة من وقوعها، جاء إلى المنطقة ليأخذ ابنته منها ورحل”.

أمّا المرج، فيتحدّث متابع للملف أنّه مدعوم سياسياً من قيادات طرابلسية، وهو شقيق أحمد المرج (عضو في مجلس بلدية طرابلس وكان مرشحاً للانتخابات النيابية)، ووفق مرجع قانوني فإنّ الأجهزة الأمنية داهمت في “المنكوبين” لكنّها لم تُداهم في التبانة أو في منزل المرج أو العائلة التي تملك أراضٍ في السقي، قائلًا: “عربي كان نشر صورة لعمّه منذ فترة كاتباً عليها أنّ من يُحاول الاقتراب منه مهدور دمّه”.

ويُضيف المرجع: “لا يُمكن الحديث عن ثأر في المنطقة، لكن في اجتماع شماليّ عند المدّعي العام الاستئنافي، لا يخفى على أحد أنّ النيابة العامّة قامت بواجباتها القانونية وطلبت من الأجهزة إحضاره لكنّ الأخيرة تقاعست عن دورها، فهي تستطيع إلقاء القبض عليه في دقيقتين فقط، لكن الجميع أجمعوا خلال الاجتماع أنّ الحلّ يبقى لدى الأجهزة الأمنية”.

ويُتابع: “أحد المخافر أكّد أن لا آليات ولا سماح لهم بالاقتراب من المرج، لكن ووفق الأهالي فإنّ هذه الفتنة سيكون لها ردّ فعل فيما بعد إنْ لم يضبط الوضع، خصوصاً وأنّ عربي وحيد الآن وبالنسبة إليه خسر كلّ شيء ولا مانع لديه من المزيد”.

ويدعو “الأجهزة الأمنية الى أن تقوم بواجباتها ميدانياً وعلى الأرض بدلاً من البطولات الوهمية والمفبركة والتي كشف بعضاً منها المحامي محمّد صبلوح منذ أسبوعين وتكمن في قيام عناصر أمنية تابعة لأجهزة مختلفة باستدراج فتيان قاصرين لاتهامهم بالتطرف وبالتالي إنّ تورّط هذه الأجهزة في هذه الملفات، يدفعنا إلى التساؤل: لماذا لا تُطبّق العدالة فعلياً وكيف ترمى الاتهامات الباطلة اعتباطياً بلا دليل على أبرياء فيُسجنون، فيما يبقى المجرم حرّاً طليقاً يُهدّد الأمن المهتز؟”.

شارك المقال