الذكاء الاصطناعي… يحارب القوى العاملة

حسين زياد منصور

لا يتوقف الذكاء الاصطناعي عن ابهارنا وتخويفنا في الوقت نفسه، ففي كل مرة يظهر تقدماً أو تطوراً في مجال معين يقدم فيه خدمة للبشرية، تتصاعد المخاوف التي يسببها بفقدان نسبة كبيرة من الناس وظائفها.

هذا الأمر أشار الى خطورته الكثير من الخبراء الاقتصاديين العالميين، بأن برامج الذكاء الاصطناعي التي تنتشر تشكل خطراً على وظائف العاملين في قطاعات متنوعة، ويشبهون ما يحصل بما نتج عن الثورة الصناعية ودخول الآلات والروبوتات سوق العمل و”ضرب” الملايين من الوظائف خلال العقود الماضية.

وكان للعديد من المسؤولين دعوات وتحذيرات من انعكاسات هذا التطور ونتائجه على الوظائف، إذ تحدثت النائبة الأولى للمدير العام لصندوق النقد الدولي غيتا غوبيناث عن اضطرابات كبيرة في أسواق العمل ستحصل بسبب الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعزز الانتاجية والناتج الاقتصادي.

اختفاء ربع الوظائف

وفي آخر تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي منظمة اقتصادية حكومية دولية تتخذ من باريس مقراً لها، وتأسست لتحفيز التقدم الاقتصادي والتجارة العالمية، تضم 38 دولة عضواً، ومعظمها من الدول الغنية اضافة الى بعض الاقتصادات الناشئة مثل المكسيك وإستونيا، أشار الى أن أكثر من ربع الوظائف في دول المنظمة تعتمد على مهارات يمكن أتمتتها بسهولة في ثورة الذكاء الاصطناعي المقبلة، ما يزيد من مخاوف العمال من أن يفقدوا وظائفهم بسبب التكنولوجيا الحديثة.

الى جانب ذلك، أفاد التقرير بأن هذه الوظائف تشكل 27٪ من القوى العاملة في المتوسط في دول المنظمة، لافتاً الى وجود تزايد في مخاطر هذه القضية أيضاً في دول أوروبا الشرقية.

وأوضح التقرير أن بإمكان الذكاء الاصطناعي القيام بأكثر من 100 مهارة وظيفية، من بينها 25 مهارة مرتبطة بالوظائف الأكثر عرضة للخطر، وأن العديد من هذه الوظائف المهددة بالانقراض تتطلب مهارات عالية، ومنها تلك المرتبطة بالمجال الطبي والأنشطة المالية والقانونية. وتجدر الاشارة الى أن هذه الوظائف تتطلب سنوات عديدة من التعليم والتدريب والممارسة، وتعتمد على الخبرات المتراكمة لأصحابها على مدار السنين.

وبحسب التقرير فان كل 3 من أصل 5 موظفين يخشون فقدان وظائفهم لصالح الذكاء الاصطناعي خلال السنوات العشر المقبلة.

وكان الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ماتياس كورمان قال: “ان تأثير الذكاء الاصطناعي على العمال في مكان العمل، لناحية الفوائد والمخاطر، يعتمد على إجراءات السياسة التي ستتخذ، وان على الحكومات مساعدة العمال على الاستعداد للتغييرات والافادة من الفرص التي سيوفرها الذكاء الاصطناعي”.

أبي نجم: وظائف عديدة معرضة للخسارة

المستشار في أمن وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي رولاند أبي نجم أكد في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “هذا الموضوع مهم وخطير جداً في الوقت نفسه، وأن قضية الوظائف تتعرض للكثير من المخاطر لناحية خسارتها، خصوصاً أن الكلام لا يزال عن الذكاء الاصطناعي التوليدي”.

وقال: “منذ أسبوع أعلن إيلون ماسك عن إطلاق شركته الجديدة إكس. إيه. آي، وبالأمس أشاروا عبر تويتر الى أن التركيز لديهم سيكون على ما هو أكثر من الذكاء الاصطناعي العام. إذاً مع تطور الذكاء الاصطناعي وتطور هذه القدرات، هناك العديد من الوظائف التي لن تستبدل 100٪ بالذكاء الاصطناعي، بل ستكون في كثير من الأماكن المعينة وخصوصاً الأشغال الروتينية سيقوم بها”.

وأعطى أبي نجم مثالاً على ذلك ما يحصل في هوليوود، لافتاً الى المشكلات التي تحصل بسبب كتاب السيناريو، فقد أصبح الذكاء الاصطناعي قادراً على كتابة السيناريو، الى جانب الممثلين والمخرجين أيضاً.

أضاف: “أصبح بإمكاننا انتاج فيلم مستخدمين الذكاء الاصطناعي، من خلال استخدام أشخاص وأماكن خيالية، اذ من الممكن الاستعانة بأوجه الممثلين الحقيقيين ووضعها وتركيبها من خلال الذكاء الاصطناعي”.

وتوقع “أن تزداد بطبيعة الحال نسبة الوظائف التي ستستبدل بالذكاء الاصطناعي أو على الأقل بدل أن يتواجد 100 شخص في هذه الوظائف نجد شخصين أو ثلاثة فقط لادارة برامج الذكاء الاصطناعي التي تقدم هذه الأعمال”.

التاريخ يعيد نفسه

وشبّه أحد الخبراء الاقتصاديين تطور الذكاء الاصطناعي، بدخول الروبوتات والآلات سوق العمل واحلالها مكان اليد العاملة، ويوعز ذلك بالمنافسة بين الشركات العملاقة وسعيها الدائم الى الربح بأقل تكاليف ممكنة، قائلاً: “يجب على العمال التأقلم ومعرفة كيفية الافادة من الذكاء الاصطناعي للعودة الى سوق العمل، ويجب التأقلم مع هذا التطور التكنولوجي واستغلاله لصالحهم، في ظل الخطر الكبير الذي يشكله عليهم، والآثار الكارثية التي سيتركها في بداية الأمر”.

شارك المقال