قضية وفاة أبو نمري إلى الواجهة مجدداً… وتخوف من ذيول ثأرية

راما الجراح

منذ حوالي شهر تقريباً توفي العسكري في الجيش اللبناني إبراهيم أبو نمري (٣٠ سنة)، من بلدة الصويرة البقاعية، بعد تعرضه لحادث دهس عن طريق الخطأ تسبب له بأضرار في جسده ما استدعى نقله فوراً إلى أقرب مشفى “مستشفى الأطباء – المنارة” لمعالجته، ومن ثم نقل إلى “مستشفى تعنايل” لمتابعة العلاج، ولكن ما لبث أن توفي متأثراً بجروحه. يومها تضاربت الأقاويل حول ما حصل معه وتدهور حالته، واتهم ذووه “مستشفى المنارة” بالتقصير والاهمال، وفُتح تحقيق في الموضوع.

ومنذ يومين، تعرض مدير “مستشفى المنارة” الدكتور خالد الخطيب، للاعتداء من شقيق إبراهيم، الذي أبرحه ضرباً ما أدى إلى نزيف في رأسه وكُسر في يده. واستنكر نقيب أطباء لبنان في بيروت يوسف بخاش، في بيان، “الإعتداء الوحشي” على الطبيب الخطيب، من أحد عناصر الحماية في “الكاسكادا مول” في البقاع، “الذي كمن له، وانهال عليه من الخلف بالضرب بآلة حادّة على الرأس وسائر أنحاء الجسم، ما أدى إلى اصابته بنزيف في الرأس، وكسر في الذراع ورضوض في أنحاء الجسم”. وأهاب بالدولة وأجهزتها القضائية والأمنية، “الضرب بيد من حديد، لوضع حدّ لظاهرة الاعتداء على الأطباء والتعرض لهم”، مشيراً الى أن “مثل هذه الظاهرة أصبحت من حياتنا اليومية. فلو كان هناك رادع لما تحول الطبيب الى مكسر عصا”.

وناشدت نقابة المستشفيات في لبنان “الجهات الأمنية تحمّل مسؤولياتها كاملة، وتأمين الحماية للدكتور خالد وجميع العاملين في المستشفيات، الذين يواصلون عملهم تحت ضغوط معيشية صعبة من المفترض مراعاتها وإعطاء الحوافز المناسبة، بما يؤمن سير الخدمات التي يقدمون، مع الاسراع في التحقيقات في هذا الحادث لإجراء المقتضى وفق القوانين المرعية، وإنزال أشدّ العقوبات بالمعتدي الذي هو معروف، فيكون عبرة لكل معتدٍ”.

أمين: نطالب بمعاقبة المعتدي ونرفض اتهامنا

وفي حديث مع زوجة الطبيب الخطيب، الدكتورة رشا أمين، قالت لموقع “لبنان الكبير”: “حصلت حادثة الاعتداء مساء السبت، وفوجئنا بالهجوم الذي تعرض له زوجي وكنت برفقته، خصوصاً أن وقتاً مضى على الموضوع، ونحن وضحنا موقفنا أمام الاعلام بأن لا ذنب لنا في ما حصل مع الشاب إبراهيم أبو نمري، وطبعاً أخذ التحقيق مجراه وتبين أن لا علاقة لنا بشيء، ولم نخطئ في علاجه وأساساً لم نستطع معالجته لأنه كان بحاجة إلى طبيب مختص بالشرايين ومستشفانا متواضع ولا نستطيع إجراء عملية كهذه فيه”.

أضافت: “كانت تصلنا تهديدات في الفترة الأولى من الحادثة ولم نكن نعلم مصدرها. ولكن عندما تعرض زوجي للاعتداء بآلة حديد عندها رأيت وجه الشخص الذي بدأ بضربه من الخلف على رأسه عدة مرات وتسبب له بنزيف، وكسر في يديه وكتفيه، وحاولت كثيراً ابعاده عن زوجي، وتعرفت على صورته لدى مخابرات الجيش عندما أخذوا افادتي وتبين أنه شقيق المرحوم إبراهيم ويُدعى محمود، وقُمنا بتقديم شكوى ضده ونتمنى توقيفه في أقرب وقت لأننا نعتبر أن الخطر لا يزال يحيط بنا في حال لم يضبط الموضوع، ونحن نرفض حتى اليوم أي اتهام يوجه الينا في قضية وفاة إبراهيم، وحزنا كثيراً لأجله، وزوجي أساساً طبيب أشعة ولم يرتكب أي خطأ، والحمدلله حالته مستقرة، وانخفض النزيف، وغداً بحسب الصورة في حال استمر النزيف في الانخفاض ستُجرى له عملية في يده بسبب الكسر”.

أبو نمري: لسنا بوارد الثأر ونريد حلاً

أما شقيق الضحية، ابلال أبو نمري فأكد أن “الدكتور خالد تعرض للضرب من شقيقي محمد وحالته مستقرة، وليس لدرجة نزيف داخلي في الرأس كما يقال، ولو كان هذا الكلام صحيحاً يفترض أن يكون في غيبوبة، ولكن هناك جروح في رأسه وكُسر في يده”، موضحاً أن “شقيقي محمد يعمل كعنصر حماية في الكسكادا مول – البقاع الاوسط، وصودف وجود الدكتور خالد في المكان نفسه، وعلى فورة الغضب هجم عليه وضربه لأنه مقتنع تماماً بأن شقيقنا ابراهيم توفى بسبب مماطلتهم في مستشفى المنارة، ولم يكن هناك أي تخطيط للموضوع وليس كميناً كما انتشر الخبر ووُزع على وسائل الاعلام ونتمنى أن يخافوا الله وينقلوا الأخبار بدقة من دون تحريف ومبالغة”.

وتوجه أبو نمري عبر “لبنان الكبير” إلى الدكتور الخطيب وذويه بالقول: “لسنا في وارد لا القتل ولا التهديد، ولو كان ذلك صحيحاً لهجمنا على المستشفى، أو تعرضنا له في الصويرة أو داخل مجدل عنجر بلدة زوجته، ولكن لا شيء من هذا الكلام، والأمر ليس ثأراً أبداً، وكنا نتمنى التوسع في التحقيق أكثر ومعاقبة مَن تسبب بوفاة إبراهيم، ونحن مُصابنا أليم، وفي حال لم يأخذ القضاء حقنا عند الله تلتقي الخصوم”. كما تمنى على الدكتور بخاش “تفهم رد فعل شقيقي محمد وفورة دمه، ونحن نريد الوصول إلى حل والاصلاح، فقدنا شاباً عزيزاً على قلبنا ولسنا مستعدين للمشكلات أبداً”، آملاً من فعاليات المنطقة “التدخل أيضاً لإنهاء هذا الأمر بصورة سلمية ونحن منفتحون على حل لهذه القضية”.

واعتبر مصدر مطلع على القضية من منطقة البقاع أن “لا احتدام أبداً بين أبناء المناطق المعنية بالحادثة، والجميع حزنوا على مصاب آل نمري الأليم، كما وتأثروا وفوجئوا بما حصل مع الدكتور خالد. هناك مطالبات بالتهدئة وبتدخل فعاليات المنطقة لحل الموضوع على أكمل وجه وبطريقة سلمية كي لا نصل إلى تطورات لا تُحمد عقباها”.

هناك مشكلات ثأرية كثيرة في منطقة البقاع تنتظر تدخل وجهائها وفعالياتها لحلها وحقن الدم، وهناك تخوف من أن تتحول قضية إبراهيم أبو نمري في حال لم تضبط وتحل بأسرع وقت إلى مشكلة ثأرية قيد الانتظار. ألم يحن الوقت لتحرك المعنيين لوقف مسلسل سفك الدم والحد من هذه العقلية الموجودة لدى بعض أهالي منطقة البقاع بدل اللجوء إلى القضاء وأخذ التحقيق مجراه؟

شارك المقال