الأطفال في خطر… الاباحية تتسلل إلى البيوت عبرهم

راما الجراح

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالفيديو الذي نشرته الناشطة الاجتماعية آنّا فطايرجي وروت فيه تفاصيل حادثة أليمة ومخيفة حصلت بين طفلين (أخ وأخته) في أحد الأماكن الترفيهية للأطفال. وفي تفاصيل الحادثة، أن طفلين دخلا إلى لعبة وعبارة عن بيت صغير يدخله الصغار ليلهوا بالأشياء الموجودة فيه وكأنهم يلعبون “بيت بيوت”، أغلق الطفلان الباب وراءهما وتأخرا في الداخل فيما الأولاد الآخرون في إنتظار دورهم، وعندما جاءت احدى الأمهات لتَفَقد ما يحصل سمعت طفلاً يقول” “افتحي رجليك ما تخافي”، ففتحت المرأة الباب وفوجئت بمشهد شبيه بالأفلام الإباحية لطفل يبلغ من العمر ٥ سنوات وأخته البالغة من العمر ٧ سنوات فقط، وعندما صرخت عليهما ليبتعدا عن بعضهما ووبختهما، جاء الجواب من الطفل: “ما دخلك فيني هيدي أختي ما خصك”.

وقالت الناشطة فطايرجي، لموقع “لبنان الكبير”: “نصيحتي للأهل أن يتكلموا مع أطفالهم منذ الصغر أن هناك مناطق في أجسامهم لا يجب أن يراها أحد سوى الوالدين، ولا في أي مكان، لا في بيت جدهم ولا أقاربهم ولا في المدرسة. نظرتنا إلى أطفالنا أنهم صغار لا يفهمون شيئاً، وهذا أكبر خطأ نرتكبه بحقهم، فهم على الرغم من صغر سنهم إلا أن لديهم جسماً واحساساً، ويشعرون بكل شيء، ولكن الفرق أنهم لا يستطيعون التعبير عن أي شعور يحصل لهم، لذلك نصل إلى حالات كثيرة يستسلم فيها الطفل لأنه استمتع ليس أكثر، وصحيح أنه بريء جداً ولكنه بحاجة جداً الى التوعية”.

أضافت: “لا شك في أن الطفل سيفهم علينا منذ صغره في حال تكرار الكلام عن التوعية أمامه، ما يجنبنا مشكلات كثيرة محتملة جداً. من ناحية أخرى منع أطفالكم من الجلوس وحدهم في غرفة وإقفال الباب وراءهم، بالإضافة إلى الانتباه بصورة كبيرة جداً إلى موضوع الهواتف الذكية، فإحدى صديقاتي مثلاً وعن طريق الصدفة رأت طفلتها تنظر إلى اعلان يحتوي على مشاهد اباحية والمشكلة أن الشخصيات كرتونية ما يلفت نظر الأطفال ويمكن أن يدفعهم إلى تقليد أفعالها، لذلك على الجميع تنزيل تطبيق “youtube kids”.

وشددت فطايرجي على وجوب “أن تكون هناك رقابة شديدة على الهاتف، وتحديد المحتوى الذي يجب أن يشاهده الطفل، حتى أنواع الألعاب يجب أن نحددها”، ناصحة الجميع بأن “يقوموا بالاشتراك في خدمة على الواي فاي او الـDSL من أوجيرو تمنع البحث أو خروج مشاهد اباحية على الهاتف حتى لو كانت لحيوانات وتكلفتها ٢ دولاران في الشهر فقط، وهي مفيدة جداً للكبار والصغار على حد سواء”.

أما الخبيرة التربوية والأسرية أمل حيدر فأعربت عن تفهمها “أن تكون مناقشة مواضيع حسّاسة ومثيرة للقلق مثل التحرّش الجنسيّ بالأطفال أمراً صعباً، لكن من المهمّ ملاحظة أنَّ كلّ موقف فريد من نوعه، والأسباب الكامنة وراء انخراط الطّفل في مثل هذا السّلوك يمكن أن تختلف”، معددة بعض العوامل المحتملة التي قد تسهم في تحرش الطّفل جنسياً بطفل آخر:

أ- التّعرّض لمحتوى غير لائق: قد يتعرّض الأطفال لمحتوى فاضح أو غير لائق من خلال مصادر مُختلفة، مثل وسائل الإعلام أو الإنترنت أو حتى التعرض المباشر للسلوك الجنسي للبالغين، فمثل هذا التعرض يمكن أن يشوه فهمهم للحدود المناسبة ويقودهم إلى تقليد ما يَرَونَهُ.

ب- السّلوك المُكتسب: في بعض الأحيان قد يتعلّم الأطفال سلوكاً غير لائق من بيئتهم المباشرة، مثل مشاهدة العلاقات المسيئة أو الاستغلاليّة بين البالغين أو حتى تعرّضهم الى الإساءة بأنفسهم، بحيث أنَّهم قد يظهرون بعد ذلك سلوكيات مماثلة تجاه الأطفال الآخرين.

ج- الافتقار إلى التعليم المناسب: قد لا يفهم الأطفال الذين لم يتلقوا تعليماً مناسباً بشأن الموافقة والحدود الشخصية والعلاقات المحترمة عواقب أفعالهم وتأثيرها، وبالتالي قد ينخرطون في سلوك غير لائق من دون أن يدركوا الضّرر الذي يسبِّبونه للآخرين.

د- المشكلات العاطفيّة أو النّفسيّة: قد يعاني بعض الأطفال الذين يُمارسون التحرّش الجنسيّ من مشكلات عاطفيّة أو نفسيّة أساسيّة. يمكن أن يشمل ذلك تاريخاً من الصدمات أو الإهمال أو الاضطرابات العاطفيّة التي تؤثر على قدرتهم على تكوين علاقات صحية وفهم الحدود المناسبة.

ه- ديناميّات القوّة والتّحكّم: في بعض الحالات قد ينخرط الطّفل في التحرّش الجنسيّ لممارسة السّلطة والسّيطرة على طفل آخر، ويمكن أن يكون هذا نتيجة مشاهدة أو تجربة مماثلة، ما يؤدي به إلى تكرار مثل هذا السّلوك لاكتساب شعور بالسيطرة أو الهيمنة.

واعتبرت أن “من المهم أن نتذكر أن هذه عوامل عامة، وقد لا تنطبق على كل المواقف، كما يتطلب هذا الأمر معالجة التحرش الجنسي بالأطفال ومنعه، واتباع نهج شامل يتضمن التثقيف والتوعية والتواصل المفتوح وأنظمة الدعم لكل من الضحية والجاني. وإذا كنت تشك في مثل هذه الحوادث، أو أصبحت على دراية بها، فمن الضروري إبلاغ السلطات المختصّة أو طلب المساعدة من المتخصّصين الذين يمكنهم تقديم التّوجيه والدّعم اللّازِمَين”.

وأكدت حيدر أنه “لا بُد من تقديم نصائح مهمة للأهل منها، التواصل الفاعل بينهم وبين الطفل، وأن يكون مبنياً على الصراحة والاصغاء اليه والى أسئلته باهتمام من دون توبيخ، فالأهل هم مصدر أمان وثقة للطفل. ثانياً، التربية بالقدوة، فعلى الأم والأب أن يكونا نموذجاً إيجابياً من خلال إظهار السلوك المحترم في تعاملاتهما مع طفلهما ومع الآخرين، فغالباً ما يتعلم الأطفال من خلال الملاحظة والنمذجة. وأخيراً علم طفلك أن يضع حدوداً من خلال مساعدته على تنمية التعاطف من خلال تعليمه مراعاة مشاعر الآخرين وتجاربهم، بالترافق مع تعليمهم وارشادهم الى وضع حدود عند التعامل مع الآخرين خصوصاً في ما يتعلق بجسدهم، بالإضافة إلى أن على الأهل أيضاً متابعة محاضرات توعوية متعلقة بالتربية الجنسية، ليتعلموا كيفية التعامل مع أسئلة أبنائهم بحسب مراحلهم العمرية”.

ليس صحيّاً أن يصبح الهاتف الوسيلة الوحيدة للهو طفلك حتى تنتهي من عمل المنزل، أو من “الصبحية مع نفس أرغيلة” من دون إزعاج، وليس طبيعيّاً أن يُسكت الأب أطفاله بإعطائهم الهاتف أو “الآيباد” من أجل راحته. على الأهالي تنظيم حياتهم وإدارة بيتهم بصورة سليمة حتى لا يدمروا مستقبل أطفالهم بسبب إهمالهم.

شارك المقال