أهمية التكنولوجيا في التعليم… سوء استخدامها يؤثر على المهارات

تالا الحريري

مع التطور التكنولوجي ودخول الذكاء الاصطناعي في مجالات العمل العديدة، لا بد من ملاحقة هذا التطور وعدم تجاهله. فعلى الرغم من محدودية الذكاء الاصطناعي الآن وعدم تفوقه بالكامل على قدرة الانسان، إلا أنّ العمل القائم على تطويره لا يمكن تجاهله، إضافة إلى تسهيله حياة الكثيرين، لذلك يعتبر استخدام التكنولوجيا في مجالات الحياة كافة أمراً مهماً وضرورياً في هذا العصر، لكن الأمر الأهم هو كيفية توظيفها واستعمالها.

استخدام التكنولوجيا في المدارس

وحذرت “اليونيسكو” من الاستخدام المفرط للتكنولوجيا في المدارس، إذ قد تنطوي التكنولوجيا الرقمية في المدارس على آثار ضارة مع التأكيد على ضرورة إخضاع هذا المجال إلى القوانين. وساهمت التكنولوجيا الرقمية في تحسين إتاحة موارد التدريس والتعلم بصورة كبيرة للتلاميذ، وخصوصاً في أثيوبيا والهند حيث ظهرت المكتبات الرقمية الشائعة جداً، وأنقذ التعلّم عن بعد المجال التعليمي في فترة فيروس كورونا.

وأشارت إلى “نقص يطال البيانات المحايدة المرتبطة بالتأثيرات الناجمة عن التقنيات التعليمية، وأنّ قسماً كبيراً من البيانات القاطعة مصدرها جهات تسعى إلى بيع هذه التكنولوجيا”، مشددة على ضرورة “التركيز على نتائج التعلم لا على الموارد الرقمية. فقد توصلنا إلى أنّ مجرد حمل التلميذ جهازاً محمولاً يشتت انتباهه ويؤثر سلباً على عملية التعلّم في 14 دولة، مع أنّ أقل من دولة بين كل أربع دول قد حظرت استخدام الهواتف الذكية في المدارس”.

وحسب التقرير “عندما جرى توزيع أكثر من مليون جهاز كمبيوتر محمول من دون دمجها في أصول التدريس في البيرو، لم يتحسّن التعلّم. وفي الولايات المتحدة، بيّنت دراسة شملت أكثر من مليوني تلميذ أنّ عدم المساواة في التعلّم قد زاد عندما كانت عملية التعلّم تتم فقط من بعد. فالتكنولوجيا قد تكون ضارة في حال استُخدمت بصورة غير ملائمة أو مفرطة”.

فيما لفت استطلاع أجرته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى “وجود صلة سلبية بين الاستخدام المفرط لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأداء الطلاب”.

حسن استخدام التكنولوجيا في التعليم

في هذا الاطار، أوضح خبير أمن المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي فريد خليل لـ”لبنان الكبير” أنّ “حسن استخدام التكنولوجيا يؤدي إلى نتائج جيدة وسوء استخدامها أو استخدامها بكثرة معينة لا تناسب القطاع يؤدي إلى نتائج سلبية. قطاع التعليم يقوم على تدريب الانسان على التطور بتدرج معين حتى يكون قادراً على التفكير العميق وهذا النوع من التفكير في أي قطاع هو الأفضل. إذا أعطيت الطفل أو التلميذ تكنولوجيا لا تساعد في أن يقوم بالتفكير والبحث العميق، لا يكون قد اكتشف ذاته بل اكتشف قدراته لأن قدرات الانسان تُكتشف وتكون محدودة ويتمكن من تطويرها ويكتشف أشياء جديدة ويستمر. فإذا كانت بين يديه تكنولوجيا تقدم له كل شيء بسهولة، لن يستطيع التفكير وبالتالي أكون قد حدّيت من قدرته”.

وأعطى مثالاً على ذلك بقوله: “كان هناك نفور أو عدم رضا من استعمال الآلة الحاسبة لدى التلاميذ باعتبار أن هذا يمنعهم من التفكير، لكن عندما يكبرون قليلاً نرى ضرورة استخدامها في أماكن معينة لتسهل لهم الأمور غير الأساسية كي يتجهوا من خلالها إلى أمور أساسية كثيرة أخرى. الشيء نفسه ينطبق على أي تكنولوجيا يمكن أن أعطيهم إياها، إذا أعطيت التلميذ تابليت يقدم له صوراً جاهزة فهذا من الممكن أن يحد من نمط تفكيره أو خياله. مثلاً نحن نعرف أن الكتاب يجعله يتخيل الحالة التي يقرأها بعكس مشاهدة فيلم، لذلك يجب أن نكون على دراية بما نقدمه للتلميذ وفي أي مرحلة”.

وأكد خليل أن “التلميذ لا يمكن حده بالطبشور والقلم والحبر فقط، فاذا أعطيناه التابليت ليصبح متصلاً وفاعلاً أكثر سيكون لديه تواصل مع كل شيء رقمي، لأنّه في النهاية سينطلق إلى مجال العمل حيث كل شيء أصبح رقمياً هناك خصوصاً مع دخول الذكاء الاصطناعي وبالتالي لا يمكن حرمان التلميذ من حصوله على التكنولوجيا، أو أن يكون التعليم منقطعاً بهذا الحد عن التكنولوجيا”، مشيراً إلى أنّه “ضد محاربة التكنولوجيا لكن يجب ادراك استعمالها ومن يريد تقديمها وأن يكون من يقدمها مدرباً عليها أولاً. اليوم يقع المجهود على وزارة التربية في أن تضع أشخاصاً لديهم الكفاءة والخبرة في استعمال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وكل ما يتعلق بهما لتكون على معرفة اطار كل شيء وحدوده، وذلك يشمل القطاع التربوي الخاص أو الرسمي في أن يدركا حجم الموضوع وتأثيره عليهما وعلى التعليم لأن التكنولوجيا تعطى على مراحل ويجب مواكبة هذا التطور ويستثمر في تعليم الأجيال القادمة، فلا يمكنني اجبار التلميذ على أن يكون لديه تابليت وتكنولوجيا معينة والوضع الاقتصادي غير جيد”.

وشدد على أهمية “عدم اعطاء التلميذ التكنولوجيا بصورة عشوائية أو أن يتعذب للتعلم بطريقة بدائية فيما غيره يتقدم، لذلك يجب أن يعرف كيف يستخدمها والا سنبقى دول عالم ثالث ونعطي أسباباً تخفيفية لعدم قدرتنا على ادخال التكنولوجيا في القطاع التربوي”.

وقال المسؤول عن التقرير أعلاه، مانوس أنتونينيس: “لا يمكن إنكار أن الجميع، بمن فيهم التلاميذ، عليهم أن يتعلموا عن التكنولوجيا لأنها جزء من مهاراتنا الأساسية اليوم”.

استخدام التكنولوجيا فكرة غير راسخة في لبنان

وشرحت احدى المعلمات في مدرسة خاصة لـ”لبنان الكبير” عن أهمية إدخال التكنولوجيا ودمجها في التعليم، “فهي تسهل على المعلم امكان ايصال الفكرة بصورة أوضح وتمكن الطالب من استيعابها بطريقة أسرع. مع وجود اللوح الالكتروني بات بامكاننا إظهار الصور والفيديوهات لاعطاء نماذج وأمثلة أكثر عن الدرس الذي نشرحه كما يشكل نوعاً من التفاعل ويشجع التلاميذ على المشاركة”. وأشارت إلى أنّ “المدرسة تقوم بتدريبنا على استخدام اللوح الذكي، فيقوم كل فترة فريق مختص وخبير بدورات تدريبية وبتقويم لأدائنا”.

وقالت: “امتلاك التلميذ لتابليت في الصف أثناء الدرس قد يشتت انتباهه ويلهيه كما لا يمكن للمعلم أن يراقب 32 تلميذاً إذا كانوا يتابعون الدرس على التابليت أو يتصفحون شيئاً آخر. على الرغم من ذلك أرى أنّ لا امكان للكثير من المدارس أن تؤمن هذا العدد الهائل من الالكترونيات للتلاميذ وتحمل تكلفة صيانتها وبرمجتها وغيره، فحتى اللوح الذكي لا يزال غير موجود في جميع المدارس، ولا يزال استخدام التكنولوجيا ومتابعة تطورها فكرة غير راسخة في لبنان بخلاف بعض الدول المتقدمة”.

شارك المقال