هل يشهد البقاع استقالات بلدية “بالجُملة”… ويتحول الى مطمر نفايات؟

راما الجراح

لا تُحسد بلديات البقاع على موقفها من أزمة النفايات، وعجزها عن دفع تكاليف رفعها إلى مطمر زحلة تحديداً، فالمتوافر من الامكانات المالية في صناديقها لا يكفي لتغطية رواتب الموظفين، التي ارتفعت مقابل ثبات القيم المالية للواردات في ظل ارتفاع حجم الكلفة المالية لأي عمل بلدي. الوضع تعيس جداً وفق توصيف غالبية رؤساء بلديات البقاع الأوسط، من منطقة بوارج إلى زحلة، وأي عطل في آلة أو شاحنة للبلدية مهما كان صغيراً أو كبيراً أصبحوا عاجزين عن صيانته مباشرة، وقد يطول الانتظار أياماً وشهوراً أيضاً لتأمين التكلفة.

وأكد أحد فعاليات زحلة، في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “كلفة تجميع النفايات في زحلة تبلغ شهرياً حوالي ٣ مليارات ليرة، والمدينة تنتج ١٤٠ طناً بحيث تتم معالجتها في المطمر بكلفة لا تقل عن ٤٢ دولاراً للطن الواحد، ما يزيد عن ٥ مليارات شهرياً. طبعاً وبحسب هذه الأرقام، كلفة معالجة النفايات في إطار منطقة زحلة تبلغ حوالي ٩٠ ملياراً سنوياً ما يفوق أساساً حجم الميزانية المخصصة للبلدية”.

وأوضح أن “هناك ٢٦ قرية تعالج نفاياتها في مطمر زحلة أيضاً ولا تستطيع دفع أكثر من ٤ دولارات عن كل طن، والفارق تدفعه بلدية زحلة المشغلة للمطمر. وكل البلديات باشرت بجباية رسوم مالية لإمكان الاستمرار في رفع النفايات، ومنها استعانات بأحزاب سياسية ونواب في المنطقة للمساعدة بسبب التكاليف الكبيرة التي تبدأ أقله بـ ٣٠٠ مليون وتنتهي بمليار ليرة شهرياً عن القرية الواحدة”.

وأشار رئيس بلدية سعدنايل حسين الشوباصي الى أن “مستحقات البلدية لنقل النفايات إلى مطمر زحلة كانت تبلغ حوالي ٢٠ مليوناً شهرياً على سعر صرف الـ ١٥٠٠، أما اليوم فسيتم تحويل الدفع بحسب صيرفة، بما معناه أننا نحتاج شهرياً ما بين ٨٠٠ مليون ومليار ليرة في الشهر. طبعاً سنضطر إلى الجباية من الناس لنستطيع دفع هذا المبلغ كل شهر، وإلا ستطمرنا النفايات، وسيترتب على كل منزل مبلغ يتراوح بين ١٥٠ و٢٠٠ ألف شهرياً، وطبعاً هناك نسبة من الناس لا تتقبل موضوع الدفع، وسنضطر الى سد المبلغ عنهم”.

وفي ما يخص قرارات بلدية زحلة بشأن المطمر، قال: “مدينة زحلة ليست خصماً لنا، في النهاية لديهم تكاليف كبيرة ومن حقهم المطالبة بزيادة المستحقات. ولكن بما أن كمية النفايات زادت بصورة كبيرة بسبب النزوح السوري إلى لبنان، يجب على المنظمات الدولية أن تدفع لمطمر زحلة كل التكاليف لنتمكن من الاستمرار. هناك جمعية الـ UNDP مشكورة قدّمت آليتين لرفع النفايات، ولكن العمّال والمازوت علينا، وبصراحة لولا تبرعات الناس وتضامنهم معنا لما استطعنا تأمين مادة المحروقات لتشغيلها مثلاً، الا أن مطمر زحلة بحاجة ماسّة الى المساعدة من الجمعيات في ظل غياب الدعم للصندوق البلدي، وإلا فان كل المناطق التي ترفع نفاياتها إلى مطمر زحلة في البقاع الأوسط مهددة بأن تطمر بالنفايات”.

ولفت الى أن “الدولة رفعت يدها عنا أساساً، ولولا وقوف الناس إلى جانبنا لما استطعنا الاستمرار إلى اليوم، ولكن طفح الكيل، رؤساء البلديات أصبحوا مثل الشحائين لتأمين ما يلزم في الحالات الطارئة بكل أسف، ووصلنا إلى مكان نضطر الى كسر أنفسنا من أجل مصلحة البلدة ليس أكثر”.

فيما تعاني زحلة و٢٦ قرية بقاعية من أزمة نفايات، هناك قرية وحيدة “مرتاحة” ومُنفردة بنفسها في هذا الخصوص، وقال رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين: “منذ حوالي عامين، قمنا بتشكيل لجنة ثقافية مع المجتمع المدني، مشايخ، مخاتير، وأعضاء بلدية، ودرسنا واقع بلدة مجدل عنجر وحاجاتها الأساسية، وكانت الحاجة الأكثر الحاحاً هي الحفاظ على نظافة المنطقة وتفادياً لأي مشكلة في هذا الخصوص قد تؤدي إلى تزايد الأمراض، وطالبنا بحاويات نفايات مع بيك أب وصهريج مياه، وسنتسلم شحنة جديدة بعد شهرين”.

وأكد “أننا لا نواجه مشكلة في النفايات، لا في رفعها، ولا حتى في نقلها، مجدل عنجر من القرى القليلة في لبنان التي تقوم بعملية فرز من المصدر، لدينا مصنع فرز، ومكب خاص للقرية. ونحن جغرافياً ضمن نطاق زحلة، ولكن لدينا خصوصية في موضوع النفايات. ونحث كل بلدية على تقديم مشروع اقتراح كهذا إلى الجهات المانحة من دون أي تقاعس كما فعلنا نحن عام ٢٠١٧، لأن للموضوع أولوية بيئية وصحية”.

للأسف فان البلديات كما هو معروف تعتمد على الصندوق البلدي لتلبية حاجاتها، وفي ظل الأوضاع المادية الصعبة، وعجز الدولة عن تمويلها منذ سنتين، لم تجد وسيلة سوى اللجوء إلى جيوب المواطنين، لاستيفاء بدلات رفع النفايات ومعالجتها، فإلى متى يمكنها الصمود؟ وهل ظاهرة الاستقالات التي بدأت من صيدا ستمتد إلى كل البقاع قريباً؟

شارك المقال