تراجع نسبة الجرائم… وبروز سرقة “ما تيسّر لسد الحاجة”

عبدالرحمن قنديل

“على عينك يا تاجر” عبارة رائجة بين اللبنانيين نتيجة السرقات في لبنان، الذي حوّلته الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الى ساحة مفتوحة لـ”التشليح” و”البلطجة” على المواطنين من دون تمييز، وتحول ذلك إلى قلق يومي بعد أن زعزع الانهيار ركائز عيشهم الأساسية، وامتد إلى أمنهم فازدادت الأخبار حول العنف والسرقة والاعتداءات، من دون أن تتوقف القوى الأمنية عن عملها في ملاحقة المجرمين.

حوادث السرقة في السابق كانت تحصل في أماكن وظروف محددة، أما اليوم في ظل الوضع الاقتصادي المتردّي فبتنا نسمع عن سرقات في وضح النهار في مدن وشوارع مكتظة، وحتى في القرى الصغيرة التي كانت تمثل مصدر أمن وأمان لسكانها. عادة، تنفذ عمليات السرقة شبكات منظمة تضع خططاً مسبقة وأهدافاً محددة لعملياتها، تتركّز على المقتنيات الثمينة كالسيارات والمجوهرات وغيرها، لكن هذا النوع أضيفت اليه اليوم السرقات الفردية، فقد زاد عدد الذين يسرقون من تلقاء أنفسهم ومن دون خطط مسبقة، وبرزت موجة “الذئاب المنفردة” في السرقة، على قاعدة “أخذ ما تيسر” لسد حاجات يومية لهم ولعائلاتهم.

ومع فقدان الثقة بين المواطن اللبناني والدولة، تشكّل مساران منفصلان لاستعادة ما يُسرق، فالبعض يلتزم الطرق القانونية من خلال تقديم شكوى وتسجيلها لدى المخفر، وإنتظار ما تؤول اليه التحقيقات، وآخر يفضّل التعاون مع اللجان البلدية أو الحزبية لجمع الأدلة وتتبّع أثر السارقين.

يكشف مصدر أمني لـ “لبنان الكبير”، أن “مجموع الجرائم انخفض بنسبة 36% مقارنة بالعام 2022، فمعدل سرقة السيارات انخفض الى 15% وسجلت السرقة الموصوفة انخفاضاً كبيراً اذ بلغت نسبته 38%”، مشيراً الى أن “قوى الأمن الداخلي استطاعت السنة الماضية وفي مراحل دقيقة ملاحقة العصابات الأساسية التي ترتكز على قيامها بالسرقات ولجم هذه العملية على الرغم من استمرار بعضها”.

ويؤكد أن “قوى الأمن توقف عصابات سرقة يومياً، وأن مردود السرقات عالٍ نسبياً وهذا عامل مشجع للأشخاص الذين يمتلكون ميولاً الى الاعتداء على القانون وممتلكات الناس”، لافتاً الى أن “هناك ارتباطاً بنيوياً بين الجريمة والادمان على المخدرات ترسّخ بعد الأزمة وارتداداتها بسبب لجوء العصابات اليها أثناء قيامهم بالعملية”.

ويوضح المصدر أن “العامل المعيشي له تأثير قليل، لأنها ليست عملية حسابية جرت بين ليلة وضحاها حوّلت من خلالها الفرد الى مجرم، فالمجموعات التي تسرق الناس وتحتال عليها وتؤذي ممتلكاتها تمتلك دوافع مسبقة قائمة على السرقة، لكن من الممكن أن تسرّع الأزمة المالية التي عصفت بالفرد في عملية انجراره الى ملعب السرقة والاحتيال على الناس والعبث بممتلكاتهم ومحتوياتهم. كما أن دخول عامل الدولار على الخط أصبح يشكّل ربحاً اضافياً لهم”.

ويعتبر أن “هناك أشخاصاً يتمتعون بخبرة طويلة في هذا المجال لذلك يفضّلون السرقة الذاتية من دون مشاركة أحد، وهناك آخرون يفضّلون العمل مع مجموعة متنوعة لديها أكثر من اختصاص وقادرة على حماية نفسها، ويمكن أن تكون هذه المجموعة ثنائية أو أكثر وفقاً للخطة المرسومة والهدف منها، وقد تؤهل الفرد الذي يدخل هذا العالم من خلال خبرتها في هذا المجال إن كان من ناحية الادمان أو السرقة واستقطاب أشخاص غيره سواء كانوا ذوي خبرة أم لا للتعرف الى عالمهم”.

شارك المقال