الأخبار الزائفة… سلاح خطير في المجتمع وانتشارها أسرع

حسين زياد منصور

الكثير من الأزمات والمشكلات التي واجهها لبنان خلال السنوات الماضية، ولا يزال، من سياسية، أمنية، اجتماعية وغيرها، شكلت بيئة “خصبة” لانتشار الأخبار الزائفة، ومنها ما هو خطير ويمس بالاستقرار الأمني، وتنتشر بقوة إثر تداولها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعد “Fake News” التي تلقى رواجاً كبيراً بين الناس، من أخطر الأسلحة المنتشرة في المجتمع، خصوصاً أنها أكثر انتشاراً من الأخبار الحقيقية وأسرع أيضاً، مع العلم أنها تخلق “بلبلة” وتشعر الناس بالخوف، وبسبب وسائل التواصل الاجتماعي تصل بسهولة الى عدد أكبر منهم.

والأخبار الزائفة هي مجموعة من الأخبار المبنية على الكذب، ومضمونها غير حقيقي، والهدف منها تضليل الناس. وتعتمد تزييف المصادر والمضمون والتلاعب بالعناوين أيضاً.

وفي الأيام الماضية شهدنا انتشار العديد من الأخبار الكاذبة، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية التي يعيشها مخيم عين الحلوة، ومن ضمن هذه الأخبار كان وفاة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، وانتشار أنباء عن قدوم موجات حر قد تصل الحرارة جراءها الى 60 درجة مئوية.

البراج: المسؤولية غائبة لترهل القطاع الاعلامي

في حديث لموقع “لبنان الكبير” يؤكد الأستاذ في علوم الاعلام والاتصال في الجامعة اللبنانية الياس البراج أن الاخبار الزائفة والمفبركة ليست ظاهرة جديدة، لكنها تفاقمت في السنوات الأخيرة لعدة أسباب اجتماعية وسياسية ومهنية وغيرها، وهناك جانب تاريخي لهذا الأمر، اما الدارج مؤخراً فهو القاء المسؤولية على شبكات التواصل بأنها السبب المستجد لأنها اتاحت النشر لجميع المتصلين بالانترنت وبالشبكة. لكن أخطر ما فيها وما يجب التصويب عليه هو استخدامها مما يسمى الجيوش الالكترونية التي أصبح بوسعها الترويج للأخبار الزائفة والمفبركة والكاذبة أكثر مما كان في المراحل التاريخية السابقة، الى جانب ذلك، هذه الجيوش تمارس نوعاً من الترهيب إضافة الى ثقافة الشتائم وهذا بدوره يجعلها عبر نفوذها تتمكن من التضييق على صانعي المحتويات المحترفة”.

ويرى أن “المسؤولية الأساسية إضافة الى الجيوش الالكترونية، ليست على شبكات التواصل وحسب، بل على أصحاب السلطة أيضاً الذين يقفون وراء هذه الجيوش، والمسؤولية ليست بالحد من شبكات التواصل أو وضع قيود على حريتها، بل نكون هنا قد وقعنا في مشكلة أخرى، إذاً المسؤولية الأساسية هي على أصحاب السلطة والنفوذ الذين يقفون وراء ترويج الأخبار الكاذبة ووراء الجيوش الالكترونية التي يستخدمونها لهذه الغاية”.

ويشير البراج الى أن “الوجه الثالث من المسؤولية هو المسؤولية المهنية أو الثقافية، وخصوصاً في كيفية الحد من هذه الظاهرة، وبرأيي هذه المسؤولية غائبة حالياً بصورة كبيرة بسبب ترهل القطاع الاعلامي والاعداد المهني الاعلامي الذي تنقصه المعايير الكافية للفرز بين المحتويات والأخبار”، مشدداً على ضرورة “تطوير الفكر الاجتماعي والسياسي للعاملين في الصحافة والاعلام منذ أن يكونوا على مقاعد الدراسة قبل أن يتحولوا بدورهم الى ضحايا لظاهرة الأخبار الزائفة والمفبركة”.

غزيّل: البعض يروّج لنفسه عبر هذه الأخبار

اما محمود غزيّل وهو مدرب على التحقق من المعلومات فيوضح أن “أكثر الناس الذين يصدرون خبريات كهذه ينقسمون الى ثلاثة أنواع: الأول، الأشخاص الذين لديهم منفعة سياسية أو يريدون إحداث مشكلات في المعسكر الآخر. الثاني مجموعات هدفها الربح المادي بطريقة أو بأخرى، والنوع الثالث الذي ينشر هذه المعلومات الخاطئة من دون دراك هذا الأمر أي بغير دراية بأن هذا الخبر غير صحيح. مثال على ذلك الخبريات عن موجات حر شديدة، وأن الحرارة ستصل الى ستين درجة، وهذه الاشاعات كانت تنتشر بين الناس من دون قصد وبصورة مباشرة، اما بالنسبة الى الخبرية التي تتعلق بميشال عون فهي تنتشر كل فترة من جديد، وفي الغالب هناك أطراف سياسية مستفيدة منها بطريقة أو بأخرى”.

ويلفت الى أن بعض الصفحات والمواقع يقوم بإعادة الترويج لهذه الأخبار، وعدد كبير من هذه المواقع غير معروف صاحبها وتستفيد منها كمجموعات “الواتساب” بالترويج لنفسها وذلك للحصول على المزيد من الزيارات والمتابعات.

وعن تصنيف الأخبار الزائفة، يشير غزيل على أن “منها ما يكون عن قصد وتقف خلفها جهة معينة تنشر المواد المزيفة أو التي تحتوي على خطأ، وهناك الأخبار الزائفة التي لا تحمل سوء نية وراء نشرها، وهذا النوع نشهده كثيراً خصوصاً مع النزاعات السياسية عبر انتشار صور أو فيديوهات أو أخبار”.

ويشرح غزيّل عن خبرية موجات الحر الشديدة بالقول: “عندما وصلنا النص وجدنا أنه منطقي نوعاً ما بالنسبة الى جهاز الدفاع المدني عن الاستعداد لموجة الحر، لكن بمجرد أخذ جملة من هذه المعلومات ثم وضعها عبر غوغل، تبين أن المعطيات الموجودة نفسها مذكورة في خبر منشور منذ 5 سنوات عبر مواقع الانترنت، وبعد التدقيق أكثر فأكثر تبين أنها تعود الى إحدى الدول الخليجية، وبالتالي لا علاقة لها بلبنان”.

ويشدد على ضرورة التدقيق في تفاصيل العناصر وإيجاد نوع من التلاعب أو وجود أمور غير منطقية، معتبراً أن كل مادة خطرة، لكن درجة الخطورة تختلف بحسب المادة.

طعمة: قانون العقوبات يعاقب على هذه الأفعال

ويلفت رئيس اللجنة القانونية لمحاربة الفساد جاد طعمه الى أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت منصات اعلامية من الممكن استعمالها لترويج الأخبار الكاذبة والافتراءات، موضحاً أن قانون العقوبات اللبناني يعاقب على هذه الأفعال في حال تضمنت ذماً وقدحاً بما يؤدي الى تشويه السمعة والاساءات الشخصية من دون اغفال امكان ملاحقة هذه الأفعال في حال تضمنت إختلاقاً لجرائم أو أي افتراء حول اقتراف جريمة وهنا العقوبة قد تزيد أو تنقص وفقاً لطبيعة الجرم الذي حاول المُفتري توجيهه الى الشخص المفترى عليه.

وأطلقت العديد من المؤسسات الاعلامية برامج لمكافحة الأخبار الزائفة والكاذبة، الى جانب بعض المنصات التي هدفها الأساس التدقيق في هذه الأخبار ومنها “مسبار” التي تدقق في الأخبار على صعيد عربي ودولي ومنصة “صواب” أيضاً.

وعرضت قناة “الجديد” برنامجاً تحت عنوان “مش دقيق” من تقديم الاعلامية حليمة طبيعة لتوعية المشاهدين حول ضرورة التأكد من الأخبار التي يتداولونها، وكذلك فعلت “LBC” للغاية نفسها، ونشرت فقرة تسمى “للتوضيح”.

شارك المقال