قضيّة تحرّش “صامتة” شمالاً… أستاذ يستدرج تلاميذه الى دور العبادة!

إسراء ديب
إسراء ديب

تحوّلت آفة التحرّش التي باتت تُكشف محلّياً عبر التقارير الإعلامية، إلى كابوس يُطارد الكبار والصغار، النساء والرجال وكذلك الأطفال الذين باتوا الفئة الأكثر تعرّضاً لهذه الظاهرة الخطيرة التي تُشير إلى أمريْن أساسيين: أولهما، تأكيد الانفلات الأمني وعدم خشية المرتكبين من العقاب والقصاص، وثانيهما، الانفلات الأخلاقي الذي يُشير قطعاً إلى قرب انهيار المنظومة الاجتماعية القائمة على مبادئ أساسية الدينية منها والاجتماعية، وذلك في حال لم يتمّ الحدّ من تفاقم هذه الظواهر البعيدة عن الانضباط والانسانية.

وبعد قضية الطفلة لين طالب التي لا تزال قائمة حتّى اللحظة على الشكوك حيناً والتدخلات حيناً آخر، إضافة إلى قضية التحرّش بطفل عكار منذ أسابيع، يتحدّث مصدر لـ “لبنان الكبير” عن قضية تحرّش جديدة وخطيرة تعرّض لها تلاميذ من أستاذهم شمالاً، واستمرّت لأعوام لكنّها كشفت في الأيّام القليلة الماضية.

هذا الأستاذ الأربعيني الذي يعيش في إحدى البلدات المعروفة بالتزامها الديني وتمسّكها بتقاليد وأعراف تُميزّها عن غيرها من البلدات، استغلّ تلاميذه “الصبيان” بأسلوب ذكي، وفق المصدر، الذي يقول: “إنّه ناظر وأستاذ يعمل في إحدى الثانويات كما يقوم بنشاطات مختلفة في بلدته منها ما هو دينيّ ومنها ما هو رياضي، واكتشفت أفعاله بعد تحرّي والدة أحد التلاميذ عن حال ابنها النفسية والاجتماعية، وهي من شجّعت العديد من الأمّهات على القيام بالخطوة نفسها لكشف ما اقترفه هذا الشخص الذي كان يرتكب جرائمه القائمة على التحرّش بالتلاميذ الذكور حتّى في دور العبادة”.

ويروي المصدر ما حدث، معتبراً أنّ كشف هذه الأفعال قد يُؤدّي إلى التخفيف من حدوثها أو انعكاساتها لا سيما على الأطفال، ويوضح “منذ أسابيع، لاحظت والدة نادر (اسم مستعار) أنّ ولدها يحبس نفسه في المنزل وغرفته، ولا يخرج حتّى عندما يُناديه الأستاذ للقيام بنشاطات رياضية أو كشفية، فلا يردّ حينما يُناديه بزمور سيارته لاصطحابه معه، واستغربت حال ابنها وشكّت سريعاً بالموضوع، ما دفعها إلى الجلوس معه واستدراجه في الكلام ليقرّ بأنّه يتعرّض للتحرّش من هذا الأستاذ، وبعد معرفتها توجّهت مسرعة وبغضب شديد إلى أحد قادة الأجهزة الأمنية في المنطقة وتحدّثت معه عن الحادثة”.

خطوة هذه الأم كانت كفيلة بدفع الأجهزة الأمنية إلى التحرّي عن هذا الشخص ومراقبته جيّداً، بحيث قرّر القائد الأمنيّ إجراء تحقيق شفاف، ما دفع العديد من الأمّهات إلى التقدّم بالشكوى عينها ضدّ الشخص نفسه، “وبعد إجراء التحقيقات، سيق شابان أو تلميذان إلى التحقيق، وردّ الاثنان على أحد الأسئلة الحساسة بالطريقة والجواب عينه، الأمر الذي أثبت التهمة على الناظر الذي ينتمي إلى عائلة عريقة”.

كما كشف التلميذان أنّه كان يرتكب فاحشة التحرّش في أندية وكذلك في دار للعبادة، “لكنّه كان يقول لنا إنّ هذه السيئات أو الذنوب ستغتفر لأنّ الله غفور رحيم وسنتوب عن فعلتنا، ما أدّى إلى تهرّبنا من التحرّش الذي كان يحصل لنا”. ووفقاً لمعطيات “لبنان الكبير”، إنّه وبعد ثبوت هذه التهمة على الناظر، صدر حكم قضائي بسجنه لمدّة 6 أعوام.

الحالات إلى ازدياد

ويلفت مصدر أمنيّ لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ هذه الحوادث قد ازدادت خلال الأعوام الأخيرة، مؤكّداً أنّ “غالبية الحالات تحصل مع صغار النازحين السوريين للأسف، إذْ لا يملكون الوعي الكافي الذي يمنع تعدّي أيّ شخص عليهم. من هنا، لا بدّ من التركيز على أهمّية توعية الأهالي قبل الأطفال، ومنع ركوب أيّ شخص في سيارة شخص آخر مهما بلغت صلة القرابة أو المعرفة، لأنّ بعض الحالات يُسجّل وقوعه في أماكن جبلية أو على تلال بالقرب من الأشجار حيث لا كاميرات مراقبة ولا بيوت سكنية، بل مجموعة من الأعشاب، وحين تحصل هذه الحادثة لا يعترف بحدوثها أحد خوفاً من ردّ الفعل أو من تهديد المرتكب للطفل تحديداً خصوصاً في ما يرتبط بمسألة قدرة هذا الشخص على افتعال مشكلة تُؤدّي إلى ترحيله من المنطقة حيث يقطن مع أهله”.

وتُشير متابعة لهذا الملف شمالاً إلى أنّ أساتذة كما شخصيات تربوية أخرى، كانوا واجهوا في صرحهم التعليميّ حالات تحرّش وغيرها من الحوادث المشينة، محاولين إثباتها إنقاذاً للتلاميذ سواء أكانت بين التلاميذ أنفسهم أو بين التلاميذ والطاقم التعليميّ، “لكنّها اصطدمت حرفياً بعوائق منعت وصول هذه القضايا إلى الأمنيين، بسبب قوّة من يرتكب هذه الجرائم أحياناً ومنصبه الذي ينتمي إليه، وهو ما يُخيف الكثير من النّاس ويجعلهم في حال تردّد دائمة خوفاً من البوح بالحقيقة”.

شارك المقال