الكتب والقرطاسية عبء اضافي بالدولار… وسوق المستعمل ناشط بقوة

حسين زياد منصور

إقتربت انطلاقة العام الدراسي الجديد، وانطلقت معها مساعي الأهالي الى تأمين مستلزمات أبنائهم، من كتب مدرسية وقرطاسية، فهذه أمور أساسية للطالب لا يمكن الاستغناء عنها. هنا كانت الكارثة والفاجعة لدى بعض الأهالي، فأكدت احدى الأمهات التي التقى بها موقع “لبنان الكبير” في احدى المكتبات أن أسعار الكتب الجديدة غالية جداً بالنسبة اليها وكلها بالدولار، لذلك تشتري الكتب المستعملة، وتبدل بعضها في سبيل توفير بعض المال لشراء الحاجيات المدرسية الأخرى، وقد دفعت ما يقارب الـ 150 دولاراً بين تأمين جميع الكتب لولديها في المرحلة الأساسية الى جانب احتياجاتهما من القرطاسية.

وأوضح صاحب احدى المكتبات أن أسعار الكتب المستوردة أو الأجنبية بالدولار، أما الكتاب الرسمي فسعره نفسه لم يتغير، معتبراً أن “المشكلة اليوم برفع الدعم الكلي عن الكتب، أي أن الأهالي في العام الماضي دفعوا جزءاً من ثمن الكتاب اما هذه المرة فسيدفعونه كله”.

وعن أسعار الكتب، أشار الى أنها تختلف بين مرحلة وأخرى، لكن المعدل العام لتكلفتها سيكون بحدود 150 دولاراً، مؤكداً التراجع الكبير في الاقبال على شراء الكتب الجديدة، خصوصاً أنه لم يتبقَ على انطلاقة العام الدراسي سوى أسابيع قليلة جداً.

أضاف: “سوق المستعمل نشط بقوة، خصوصاً أن سعره يكون بحدود نصف سعر الكتاب الجديد، وهناك من يقوم بتصوير الكتب الأجنبية، بسبب أسعارها المرتفعة، وكلفة التصوير أقل من سعرها جديدة”.

ولفت الى أن “الأهالي يواجهون مشكلة أيضاً في القرطاسية كما الكتب، فالكثيرون منهم لم يشتروا حقائب جديدة على سبيل المثال، ومنهم من كان يشتري 10 دفاتر فأصبح يشتري 5، ومن كان يشتري الألوان الخشبية والمائية والعديد من الأنواع والاشكال، أصبح يكتفي بنوع واحد”.

الطويل: مدارس أوقفت عملية تبديل الكتب

رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لمى الطويل أكدت لـ “لبنان الكبير” أن “المدارس التي تتبع برامج أجنبية هي التي تحدد الكتب المطلوبة وقيمتها، وتبلغ الأهالي بذلك، وطبعاً الأسعار تكون باليورو أو الدولار، وفي هذه الحالة الأهل يعرفون أن هذا مكلف لأن البرنامج أجنبي أي أنه من اختيارهم”.

وقالت: “بالنسبة الى الكتب الوطنية، فالموجودة في السوق لا تزال وفق السعر القديم، لكن لا نعرف اذا كانت هذه الكمية ستكفي حاجة المجتمع كله، فهل ستكون هناك طباعة لنسخ جديدة تكون أسعارها أغلى وذلك مع رفع الدعم عن الورق؟ هذا ما لا نعرفه”.

أضافت الطويل: “نحن كأهالي طلاب المدارس الخاصة، سواء من ناحية الأقساط أو طريقة العمل فيها نتعرض لإهمال تام من وزارة التربية، فليست هناك أي خطوة أو اجراء تقوم به الوزارة لضبط التجاوزات في المدارس الخاصة، ولا حماية للأهالي منها نهائياً، والاعتراضات التي كان يقدمها الأهل توضع في الجوارير ولا يتم البت فيها”.

وأشارت الى أن “الأهالي يلجؤون الى تبادل الكتب والحصول على تلك المستعملة، وهناك مدارس أوقفت عملية تبديل الكتب التي كان الأهالي يقومون بها، وبعضها عاد ليفرض زياً مدرسياً”، موضحة أن “تصرفات المدارس عادت كما كانت قبل الأزمة في ظل غياب تام للوزارة في حفظ حق الأهالي وهذه المشكلة ستتفاقم مع انطلاقة العام الدراسي”.

عاصي: ارتفاع عالمي في أسعار الكتب

ولفت أمين سر نقابة الناشرين المدرسيين وصاحب دار “الفكر اللبناني” جاد عاصي في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى وجود ارتفاع عالمي في أسعار الكتب بنسبة 23٪. وقال: “تقدمنا بدراسة عن ذلك لوزير الاقتصاد والتجارة، لكنهم لم يأخذوها في الاعتبار، وهنا نسأل عندما ترتفع أسعار المحروقات عالمياً، في لبنان أيضاً ترتفع، وفي حالتنا ارتفعت أسعار الكتب عالمياً، فلماذا لا يريدون رفعها في لبنان؟ نحن لسنا تجار أوراق أو حبر، نحن تربويون ونتعاطف مع الأهالي، ولكن في الوقت نفسه نريد الاستمرار”.

وسأل عاصي: “كيف يمكننا المضي بالقطاع التربوي في الوقت الذي أصبحت فيه كلفة الكتاب أكثر من مبيعه؟ السنة الماضية كانت نسبة المبيعات 6٪، مقارنة بالعام 2019، الكل يشتري كتباً مستعملة، ولا يمكن الاعتراض على ذلك، فالوضع الاقتصادي تعيس”، معتبراً أن “ما يشكل حالة ارباك فكري اليوم أن كل شيء أصبح طبيعياً وكما كان في السابق، باستثناء ما هو مرتبط بالمدارس والكتب. اليوم التربية هي خشبة الخلاص للبنان، والوجه الحضاري لأي بلد هو الثقافة، والفن أيضاً من ضمنها”.

أضاف: “بالنسبة لي البلد مرتبط بشخصين، الأستاذ والقاضي النزيه، لذلك يجب أن يكون الموضوع التربوي على سلم أولوية اللبناني. المكتبات أيضاً من المتضررين والمتأذين فهي مؤسسات مسجلة تدفع الضرائب، وأجور الموظفين، تتعرض للمضاربة ممن يبيعون اونلاين، نحن مع أن يعمل الجميع ويعيش لكن بطريقة منظمة”.

وعن المنهاج، أكد عاصي “أننا اليوم لا نزال ندرس بمنهاج أصبح عمره 27 سنة، عرضنا على وزير التربية والتعليم ورئيسة مركز البحوث والانماء، الاستعداد لوضع كل خبراتنا لتحسين مناهجنا وتطويرها بصورة مجانية والتعاون مع الوزارة، وعلى سبيل المثال اليوم كتاب الدولة يعلم الطلاب أن هناك دولة اسمها السودان، ولكن في الحقيقة والواقع السودان أصبح مقسماً الى دولتين جنوب السودان وشمال السودان. اليوم ما يهم هو العدالة الاجتماعية، فلا يمكن أن يكون هناك طالب يحصل على المعلومة الكاملة وآخر على نصفها”.

وعن كمية الكتب الموجودة في السوق، أوضح عاصي أنها كافية ولكن دور النشر تعمل “بخسارة”، داعياً وزارة التربية الى إشراك دور النشر في المناهج وبصورة مجانية لأنهم أصحاب رسالة كالأساتذة والمعلمين.

وختم بعبارة يعتبرها شعاره التربوي: “معاً نبني الانسان في الانسان”.

في المحصلة، ارتفاع أسعار الكتب والقرطاسية يرتب أعباء إضافية على الأهالي الى جانب الأقساط المرتفعة والزي الرسمي والنقليات وتكاليف التدفئة أيضاً، في وقت لا تزال الأزمة الاقتصادية متفاقمة، ورقابة القيمين على القطاع التربوي غائبة.

شارك المقال