من يفعّل الهيئات المدنية وكيف؟

ليال نصر
ليال نصر

يعزز إعطاء الأولوية لتطلعات الشباب اللبناني (ذكور وإناث) وإشراكهم في صنع القرارات، عمليات الاصلاح المؤسساتي في بلد منهوب يحكمه زعماء طوائف معظمهم من كبار السن الذين بدل أن يصلحوا أفسدوا، وبدل أن يعمّروا هدّموا، وبدل أن يجعلونا ننعم بالسلام والاستقرار، ساهموا ولا يزالون في استدامة النزاعات، ويلعبون على شد العصب والوتر الطائفي فيرعبون الناس بإشعال الفتن والتحذير المستمر من الحروب، ما يسبب أزمات نفسية عند معظم اللبنانيين. فما أهمية تفعيل دور الشباب والهيئات المدنية من أجل التنمية والتطوير والتقدم في شتى المجالات المؤثرة والاصلاحية في مجتمعنا اللبناني؟

تصف الخبيرة في الحوكمة والتنمية والناشطة السياسية والحقوقية د. جوزفين زغيب في حديثها لموقع “لبنان الكبير” واقع الشباب والهيئات المدنية حالياً في لبنان بأنه “أضعف من قبل، إذ كان هناك متطوعون كثر وجهات مدنية أكثر تدعم الشباب ولكن بعد الأزمة الاقتصادية والهجرة المتكاثرة للشباب اللبناني، بدأ يضعف دورهم في هذا القطاع خصوصاً أنهم اليوم يفتشون عن بدل نقل وبدل مادي لأي نشاط يريدون القيام به لأن الوضع الاقتصادي والمالي متدهور جداً”، لكنها اعتبرت أن “هناك ضرورة لدور الشباب في المجتمع المدني لأنهم الفئة الأساسية التي تحضّر للمجتمعات، فإذا لم يكونوا منخرطين هذا يدل على أن المجتمع المستقبلي سيكون أصعب ويعتمد على المسنين ما يضعف المجتمع وتقدمه وتطوره”.

متى يكون دور الشباب بارزاً؟

يتمظهر دور الشباب في المجتمعات عندما يبدأون بأخذ مراكز صنع القرار وعندما نعرف أن الجمعيات المدنية في حدودها كالهيئة الإدارية أو الأمانة العامة يجب أن يكون فيها وجود للشباب الذين يأخذون قرارات استراتيجية من أجل صنع تغيير حقيقي. فعندما تبرز طموحاتهم أكثر ويضعون طاقاتهم في الهيئات المحلية أي البلديات ويكونون منتخبين من الشعب بحيث يظهرون دورهم الفاعل، سيتقبلهم المجتمع، لأننا في لبنان لا نزال في المدرسة القديمة بحيث تكون هناك هيئة إدارية غالبيتها من كبار السن الذين لا يستطيعون أن يتقبلوا الأفكار الجديدة ويريدون أن يستفيدوا من الشباب للعمل التطوعي ولتنفيذ استراتيجيات الجمعيات فقط وليس لانخراطهم في صنع القرار.

كيف نفعّل دور الشباب؟

الطريقة الأساسية لتفعيل دور الشباب تكمن في انخراطهم في صنع القرار وفتح المجال لهم أي أن نضع كوتا شبابية في أي هيئة إدارية. هكذا بدأوا في الأمم المتحدة في الهيئات الكبيرة بحيث هناك كوتا من 20% إلى 30% لمقاعد شبابية كي يستطيعوا اتخاذ القرارات. فاليوم لا يمكن لمجلس وزراء أو مجلس بلدي أن يكون جميع أعضائه من كبار السن أو هيئات إدارية لجمعية من دون شباب، فنبدأ بكوتا.

مثلاً نقول إننا نريد 20% من الشباب الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين عاماً فيتمكنون بعد ذلك من الانخراط أكثر في صنع القرار ويستطيعون أن يبدوا آراءهم ونأخذ بها وبأفكارهم الجديدة، ويكون تطوعهم ليس بطريقة المدرسة القديمة ونشاطاتها. فهناك اليوم نشاطات جديدة نستطيع من خلالها فسح المجال أكثر للشباب وتحفيزهم، فاليوم عندما يريدون الانتقال الى الجمعية علينا تأمين بدل نقل أو سيارة لهم لتقلّهم بالإضافة إلى أبسط الأمور التي يحتاجون اليها مثل الانترنت ليتمكنوا من العمل فالمكان الذي يريدون التطوع فيه، يجب أن يساعدهم ليكونوا موجودين ومؤمنين به.

تأثير وتغيير

اذا كان دور الشباب فاعلاً واستطاعوا الوصول الى مراكز صنع القرار، يصبح التقدم في المجتمع أسرع بكثير، فتدخل التكنولوجيا بطريقة سريعة ويدخل الوعي والأفكار الجديدة. مثلاً من خلال العمل عبر الانترنت، يصبح لدينا مكننة لجميع الأمور والحوار يصبح مختلفاً كون الشباب يتميزون بالحماس وهم معطاءون ولا يخافون فيذهبون بعملهم الى آخر حدود. وتتحقق أحلام المؤسسات المدنية بطريقة أسرع، والمأسسة يصبح لديها شكل آخر من الادارة فالشباب اليوم لا يقبلون بكتابة واردات وصادرات على دفتر بل يكتبون على نماذج موجودة في “غوغل” ويعملون من خلال رموز للاستجابة السريعة ولا يقبلون بكل ما هو قديم بل لا يعرفونه أصلاً لأن كل شيئ أصبح متجهاً نحو المزيد من التكنولوجيا .

جهات معنية بإحداث التغيير

تؤكد زغيب أن “دعم تحقيق هذا التغيير يحتاج أولاً الى قرار من الدولة التي يجب أن تضع سياسة لدعم الشباب تفرضها في الهيئات الادارية والادارات العامة بالإضافة إلى فرض كوتا شبابية في البلديات، عندها تلزم اللوائح نفسها بوضع شباب معها، ففي كل بلدة هناك شباب رائعون وهكذا نبدأ بتحميس الشباب للانخراط”.

من جهة المجتمع المدني، من الضروري أن تقوم الهيئات الادارية المرخصة التي لديها علم وخبر من وزارة الداخلية، بالتفكير في هذا الأمر وإفساح المجال له.

والجهة الأساسية التي تساعد على انخراط الشباب في العمل المدني هي الجامعات اللبنانية المفروض أن تكون لديها طريقة ومنهج جديد أي تعليم غير رسمي يحمّس الشباب للإنخراط أكثر في العمل المدني، فتجبرهم الجامعات على إعطاء المزيد من ساعات التطوع خصوصاً داخل الجمعيات البيئية والاجتماعية والخيرية.

أما الأهم من كل ذلك، فهو أن يكون الشباب بحد ذاتهم منخرطين في العمل كمواطنين ومواطنات في دولتهم وبلدهم.

شارك المقال