التفتيش المركزي… (Time Track) لتسهيل تنفيذ المهام المنسية

عامر خضر آغا

تظهر محدودية صلاحيات التفتيش المركزي المقتصرة على إعداد التوصيات وارسالها الى الادارات العامة بعد أن تقاعست في كثير من الأحيان عن تطبيق استقصاءات جدية ضد الفاسدين في السلطة، وبفقدان الادارات والمؤسسات الرسمية كل امكاناتها لتأمين استمرارية عملها بصورة شبه كلية في غياب الرقابة واستشراء الفساد المتراكم وتقاعس الجهات الادارية المعنية عن تأدية مهامها في تسهيل سير العمل ومكافحة الهدر الفاضح.

يبدي التفتيش المركزي في الظاهر اهتماماً متقطعاً بتطوير انتاجية دوره الرقابي بعد أن قام حديثاً بالاعلان عن برنامج (time track) لتنظيم عمل المفتشين وتطويره، يرمي بحسب ما أوضح في بيان الى تدعيم المفتشين لجهة تنظيم وإدارة أعمالهم زمنياً ومعاونتهم على تنظيمها تسهيلاً لرفع تقاريرهم في كل الفترات وتسريعاً لإتمام الجولات التفتيشية على الادارات والمؤسسات العامة والبرامج السنوية والرد على بيانات الرأي في الشكاوى الواردة وإنفاذاً لتوزيع المهام على المفتشين ما يسهم في تقويم دقيق لجهودهم.

وأشار الى أنَّ نتاجات البرنامج ستنعكس حكماً على ضبط حضور الموظفين وتسريع تلبية شكاوى المواطنين وحاجاتهم بفاعلية أكبر، متمنياً تقديم نموذج علمي لمجلس الوزراء يحمي المال العام ويضبط الانفاق ويقيم قواعد العدالة والانصاف بين الموظفين، وتبعاً لما سبق فإن تطبيق ما ورد سيكون له دور فاعل في مراقبة الخلل في العمل الاداري وتحديده.

ورأى الخبير في الحوكمة والشفافية سعيد عيسى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنَّ إطلاق برنامج “time track” هو “خطوة جدية، والاشكالية ليست في الخطوة بحد ذاتها وانما في الحمايات التي يخبتئ خلفها الموظفون ولكل منهم مرجعيته السياسية من المدير العام وصولاً الى الحاجب، واذا أرادوا أن يحاسبوا الموظف فسيكشفون تباعاً تورط مرجعيته وبالتالي ستتعطل أي عملية لكشف الفساد في الادارات العامة والمؤسسات الرسمية ووحده الموظف المخالف والذي لا مرجعية له سيحاسب”.

وقال: “بعيداً عن سيطرة هذه المرجعيات، وبالنظر الى هذه الخطوة ادارياً فإنَّها تنعكس بصورة ايجابية جداً على المؤسسات في انتظام عملها، حتى وإن باتت الادارات الرسمية شبه متوقفة ولا تعمل إلا أربعة عشر يوماً وأقل فسيكون للبرنامج دور فاعل في مراقبة عمل الادارات ولاسيما عند تسيير أعمال المفتشين بالمراقبة، فعندما يشعر الموظفون أنهم مراقبون بطريقة ملموسة وأن التفتيش يلاحقهم سيكون هناك حتماً التزام أكبر والادارة إن فتحت لشهر أو ليوم، فالتفتيش دور يجب دائماً القيام به وهو بالحد الأدنى يفيد ولا يضر”.

ومن وجهة نظر قانونية، أوضح المحامي أمين بشير أنَّ “المشكلة التي تحول دون تنفيذ البرنامج لجهة تنظيم العمل والانتاجية وتطويرهما لدى الجهاز الرقابي متعلقٌ بالدرجة الأولى بغياب الارادة لدى هيئة التفتيش المركزي للقيام بدور المحاسبة والرقابة، فهي على الرغم من أن التسلسل القانوني الاداري ينتهي عندها دائماً ما تقوم بالاستنسابية في مراقبة الادارات والموظفين ومحاسبتهم لاستزلام موظفيها للسلطة السياسية وارتهانهم لها. وهي كهيئة عليا ناظمة لها صلاحيات واسعة جداً أقرتها القوانين تنص على مهامها في محاسبة ومراقبة كل موظفي المؤسسات العامة والدوائر الرسمية وكشف فسادهم بكل الأدلة والبراهين وانذارهم ومعاقبتهم واحالتهم على القضاء، واذا كانت المشكلة تكمن في الأعداد القليلة فإنَّ أضعف الايمان أن تقوم هذه العناصر بمهامها والتي لا تقوم بها حتى وإن وجدت التسيير لأن لا ارادة فعلية لمكافحة الفساد في العمل الاداري، والأجدى تطبيق حل جذري وهو ادخال الموظفين الأكفياء والنزهاء الذين لديهم الارادة الوطنية في اصلاح الخلل”.

وأشار الى أن “مهام التفتيش المركزي الرئيسة تكمن في مراقبة الادارات والمؤسسات العامة والبلديات بواسطة التفتيش على اختلاف أنواعه والسعي إلى تحسين أساليب العمل الأداري، وابداء المشورة للسلطات الادارية عفواً أو بناء لطلبها وتنسيق الأعمال المشتركة بين عدة إدارات عامة، والقيام بالدراسات والتحقيقات والأعمال التي تكلفه بها مجلس الوزراء.

ولفت عيسى في هذا السياق الى أنَّ التفتيش المركزي ببرنامجه هذا ليس عملية تفتيش وحسب، إنما هو تحديث في المجال الاداري واعادة حوكمة وكفاية للموظفين حتى يستطعيوا الاستمرار في مراقبة فعلية لأخذ الاجراءات الملائمة ورفعها بحق الموظفين الفاسدين الى ادارة التفتيش المركزي التي تنسق مع الادارات والمؤسسات العامة فيضبط عدم تفلت العمل الاداري نحو الزبائنية وتضبط عملية حضور الدوامات وعمليات السرقات.

شارك المقال