رفع رسوم التسجيل في “اللبنانية”… تجاوز قانوني فاضح

عامر خضر آغا

شغل الرأي العام اللبناني لاسيما الفئة الشبابية منه قرارٌ صادرٌ عن وزارة المالية ووزارة التربية يقضي برفع قيمة رسوم التسجيل في الجامعة اللبنانية بأضعاف كبيرة عما كانت عليه، ما أثار سخط الطلاب الذين اعتبروا أنها جامعة الوطن الحاضنة لأبنائه الذين لم يعد باستطاعتهم في الفترة الراهنة تأمين مستلزمات الدراسة وتكاليف النقل إلا بشق الأنفس، ليبادر الاتحاد الطلابي العام الى تقديم مراجعة أمام مجلس شورى الدولة لابطال قرار الوزارتين.

ارتكزت الدعوى على صدور القرار عن مؤسسات لا يحق لها أن تبت فيه كونها ليست المرجعية المختصة قانونياً تبعاً لما ورد في قوانين موازنة متعاقبة وقانون تنظيم الجامعة اللبنانية، وأن الجهة المخولة لاصدار قرار كهذا بناءً على فحوى الطعن هو مجلس الجامعة المسؤول وفق قانونها عن مهام أساسية أبرزها وضع النظام الداخلي للجامعة والموافقة على الأنظمة الداخلية للكليات والمعاهد وابداء الرأي في مشروع نظامها المالي ودراسة مشروع الموازنة السنوية.

أما الاشكالية الحاصلة بصورة أساسية في هذا السياق فتكمن في ما اذا كان وزير التربية مع رئيس الجامعة مجتمعين يشكلان صفة مجلس الجامعة المغيّب حالياً لعدم تعيين أعضائه، في الحق باصدار قرار كهذا؟ المحامي أمين بشير أوضح لموقع “لبنان الكبير” أن “الآلية القانونية لرفع الرسوم يفترض أن تصدر بتوصية من مجلس الجامعة وأن تضاف فيما بعد بمرسوم من مجلس الوزراء بالأكثرية، وقرار الوزارتين لم يصدر لا بتوصية ولا بمرسوم، كما أنه لا يحق لمجلس الجامعة أن يصدر أي توصية في هذا الشأن من دون وجود العمداء واكتمال نصاب المجلس في الأصل وذلك وفقاً لما نص عليه قانون تنظيم الجامعة اللبنانية، إضافةً إلى ذلك فإنَّ صلاحيات وزارة المالية في هذا الخصوص محدودة في صرف الأموال الواجب تأمينها فقط، وليست لها أي صلاحية أخرى في فرض رسوم أو زيادتها”.

عانت الجامعة اللبنانية التهميش الفاضح بسبب استمرار الطبقة الحاكمة في حماية مزاريب الفساد والهدر وشرعنتها، وكانت مواردها دائماً ضحية المحاصصات والصفقات السياسية التي أنهكت قدراتها على تطوير تجهيزاتها وتحسينها لجهة تدعيم موجوداتها التكنولوجية التعليمية والادارية التنظيمية أو لجهة ايفائها مستحقات أساتذتها المثبتين والمتعاقدين، فجرت عدة محاولات علنية وضمنية آخرها أموال مستحقة للجامعة اللبنانية من فحوصات كورونا التي أجريت في مطار رفيق الحريري الدولي وبلغت قيمتها 52 مليون دولار، بغياب أي دعم بعدها لاستمرارية الجامعة التي باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة لجهة التكاليف التي لم تعد قادرةً حتى على تغطية أقل قدر من الأساسيات فيها.

وفي هذا السياق، أشار الدكتور المتقاعد في الجامعة اللبنانية ناجي جمَّال لـ”لبنان الكبير” الى أنَّ “للجامعة اللبنانية مصدري دخل إما مساهمة من الدولة عبر ما تصرفه وزارة المالية لها بكميات منقوصة، لأن موازنة الجامعة لا تعطى لها وليست مخولة التصرف بها فيكون عليها أن تقدم في كل مرة طلباً إلى وزير المالية ووزير التريية ليقوما فيما بعد بتحويل المبلغ، ولا يتم في الأساس صرف ما يقر للجامعة وخصوصاً في دعم القدرة التشغيلية لها والتي أساساً لا تشكل الا 30% من موازنتها و70% رواتب وأجور، فلم تكن هناك قدرة على تطوير الكليات التطبيقية لا سيما وأن الوجهة أساساً للدولة في موازنتها هي دعم الجامعات الخاصة أولاً أو يستوجب على الجامعة أن تخلق ايرادات ذاتية، وهذه الايرادات تكون إما من رسوم التسجيل أو من مشاريع انتاجية خاصة وهي غير ممكنة”.

وأكد أن “أموال فحوص كورونا هدرت نتيجة الاختلاف على كيفية توزيع واردات الفحوص، فقد اعتبرت الميدل ايست أنَّ الأموال من حقها طالما أنها تستجلب الركاب مع ما قابله آنذاك من طلب لوزارة الصحة بأن تتقاضى الجامعة اللبنانية بدلاً معيناً عن كل فحص يجرى، إضافة الى ذلك لا تملك الجامعة أي اطار قانوني لمواجهة الحكومة والوزارات المعنية قضائياً”، معتبراً أن “الحل الأساس هو وضع نظام جديد للجامعة أي إعادة هيكلة مراسيم تنظيمية جديدة مبنية على نزع الصلاحيات المركزية من رئيس الجامعة لأنَّ كل تعديل يجب أن يتم في كلية ما يجب أن يمر عبره للموافقة عليه، ويجب أن يكون له مساعدون ما يسهل توزيع الامكانات وتوجيه الصلاحيات وتفعيلها فلا يمكن لرئاسة الجامعة أن تدقق كل معاملات الكليات الموجودة فقط، إضافةً إلى الغاء التفريع المذهبي لكليات الجامعة اللبنانية ما يقلص المصاريف ويوجهها في مجمعات أكبر، لأن التفريع يؤدي الى زيادة تكاليف التجهيزات والأساتذة والطلاب وعادة لا يكون هناك عدد طلاب يوجب اقامة فروع جديدة الا أن أطرافاً سياسية تستفيد من هذه التقسيمات الطائفية والمناطقية”.

شارك المقال