طلاب لبنان في خطر… من السبب؟

ليال نصر
ليال نصر

يشعر طلاب لبنان كما أهاليهم وأساتذتهم بالقلق من العام الدراسي 2023 -2024، فعندما يعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي أن العام المقبل يعتمد على توافر التمويل فقط، من البديهي أن يكون التخوف سيد الموقف، ففي ظل عدم وجود حلول فعلية أو حتى تعهدات بتوفير التمويل المطلوب للعام الجديد، يصبح الطلاب في دائرة خطر فقدان عام دراسي جديد. فما تأثير ذلك وانعكاساته على الطلاب؟

الباحث الأول في “مركز الدراسات اللبنانية” محمد حمود أوضح لموقع “لبنان الكبير” أنه يقوم منذ بدء جائحة كورونا، بعملية رصد لتأثير الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على القطاع التربوي في لبنان، وأنه كل عام ومع بداية العام الدراسي يجري دراسة من خلال استمارة مع الأساتذة والطلاب والأهالي ليعرف التطورات التي تحصل والصعوبات التي تواجههم.

تحديات وصعوبات

بحسب ما توصلت إليه الدراسة، هناك نزوح من المدارس الخاصة الى المدارس الرسمية. وقال: “39% من الأهالي الذين شاركوا في الدراسة هذه السنة قالوا إنهم نقلوا أولادهم من الخاص إلى الرسمي آخر ثلاث سنوات، و93% منهم قالوا إنهم فعلوا ذلك بسبب عدم قدرتهم على دفع الأقساط الخاصة. في المقابل، تؤثر الاضرابات المستمرة في المدارس الرسمية على نوعية التعليم التي يتلقاها الطلاب وعدد الأيام الدراسية التي بطبيعة الحال عندما تقل سيتقلص المنهاج خلال العام، وبالتالي سيدرس الطالب خلال العام الدراسي لكن من دون أن يحصل على المعلومات كافة من جميع المواد المفترض أن يتعلمها، فيصبح هناك تراكم في نقص التعليم واكتساب المعلومات على مدى سنين، وهكذا يزيد الفاقد التعليمي كل عام لدى الطلاب”.

تأثيرات وانعكاسات

وتشير الدراسة إلى أنه من ناحية الطلاب، أشار 25% منهم فقط إلى أنهم أنهوا البرنامج كاملاً في المدرسة الرسمية العام الماضي مقابل 64% في المدارس الخاصة، ما ينعكس على جودة التعليم ويسبب تفاوتاً بين القطاعين الخاص والعام فتزيد الفجوة.

إضافة إلى ذلك، 40% من طلاب المدارس الرسمية يعتبرون أن جودة التعليم في المدارس الرسمية جيدة مقابل 73% في المدارس الخاصة.

34% من طلاب المدارس الرسمية وصفوا أداءهم التعليمي بالجيد مقابل 65% في المدارس الخاصة، وهنا نرى مجدداً الثغرة الحاصلة في جودة التعليم بين المدارس الرسمية والخاصة.

أما بالنسبة الى التأثير خصوصاً على طلاب الثانوي، فيعتقد 21% فقط من طلاب الشهادة الثانوية أن المعرفة والمهارات التي اكتسبوها خلال السنوات الثلاث الماضية تمكنهم من إكمال مسيرتهم التعلمية وهذه النسبة مقسمة بين 15% في القطاع الرسمي و38% في القطاع الخاص.

تشير هذه النسب إلى أن القطاع الخاص أيضاً وضعه ليس ممتازاً ولكن مقارنة بالرسمي وضعه أفضل جزئياً وهذا له تأثير كبير خصوصاً عندما يصل الطلاب الى مرحلة الثانوي، ما يعني أن هؤلاء الطلاب بانتظارهم صعوبات في الجامعات ويضطرون لأخذ دروس إضافية وسيكون لديهم نقص في بعض المهارات التي يفترض أن تؤمنها المدرسة لهم وتمكّنهم منها قبل أن ينتقلوا إلى المرحلة الجامعية.

عقبات وتداعيات

وإذا حللنا هذه النسب المئوية بحسب الدراسة، فنرى أن هناك عدداً كبيراً من الطلاب يمكن أن لا ينجحوا في الجامعة بسبب هذا النقص وفقد التعليم والتراكم خلال السنوات الثلاث الاخيرة. إذاً سيتسرّب الطلاب ويواجهون صعوبات في الجامعة ولن يستطيعوا إكمال تعليمهم، أو سيتخرج طلاب جامعيون بمستوى ضعيف لأنهم لم يتأسسوا كما يجب في مدارسهم. هذا كله يمكن أن يؤثر على المدى الطويل بالاضافة إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لذلك على البلد لأن الجيل المعتمدين عليه كي ينقذنا من الأزمة، يحتاج الى أن نؤمن له الشروط كي يصبح باستطاعته الخروج منها، لأن عملية النهوض الاقتصادي لا تحصل بين ليلة وضحاها وهناك أجيال يجب أن تستعد من أجل نجاحها.

حلول واجب تنفيذها

هذه المشكلات والتحديات يجب أن تجد حلولاً سريعة من أجل إنقاذ الطلاب من الخطر المحدق بهم. ورأى حمود في هذا الاطار أن المطلوب من وزارة التربية القيام بعاملين أساسيين في القطاع الرسمي كي يسير العام الدراسي بطريقة سلسة من دون انقطاع. وعليه، يجب أن تضمن الوزارة تأمين شروط الأساتذة وحقوقهم كي لا يلجؤوا الى الإضرابات. وهذا وحده ليس كافياً لأننا حتى لو بدأنا بالعام الدراسي من دون إضراب، إلا أن هذا لا يلغي التأثير على الطلاب من الاضرابات السابقة والفقد التعليمي. فما حصل سابقاً، سبب تراكماً، وهذا يجب أن يعالج مع الأخذ في الإعتبار أن الطلاب لم يدرسوا في ظروف طبيعية ومواد كثيرة لم يتعلموها كما يجب.

ولفت حمود إلى ضرورة أن تكون المدارس الصيفية وصفوف التقوية للطلاب إحدى الحلول. كما يجب تدريب الأساتذة على أن الطلاب مستواهم ليس كالأجيال السابقة، لذا عليهم أن يعلّموا بأسلوب مختلف وأن يدعموا الطلاب بطريقة إضافية ولو أن هذا يشكل عبئاً عليهم، غير أنها عملية كاملة متكاملة بحيث لا يمكننا معالجة جانب واحد من المشكلة وترك الباقي. فهناك نقص يجب أن يعوّض بحيث تتأمن رواتب الأساتذة وحقوقهم المهدورة، لأننا لا نستطيع الاستمرار في وضع الأساتذة بين خيارين إما أن يدفعوا كلفة النقل إلى المدرسة أو كلفة رغيف الخبز، فالأساتذة قدّموا الكثير ولا يزالون.

شارك المقال