إحذروا… الرجولة غير الصحية

ليال نصر
ليال نصر

أزواج يضربون زوجاتهم أو يعاملوهن بقسوة، لأنهم يعتقدون أن هذا هو دور الرجل في العلاقة الزوجية، وآخرون يضايقون نساء في الشارع، اذ يعتقدون أنهم بهذه الطريقة يعبّرون عن رجولتهم.

مثلان عن الرجولة غير الصحية في الواقع لندرك أن هذا المفهوم يمكن أن يسبب إيذاءً كبيراً للأفراد والمجتمع، لذلك من الضروري العمل على تغيير المفاهيم السلبية عن الذكورة، وتعزيز مفهوم الرجولة غير العنفية الذي يتسم بالاحترام وحفظ الكرامة الانسانية. فما هي الرجولة غير الصحية وما أسبابها؟

تعرّف مستشارة ادارة حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي وحماية الأطفال في منظمة “أبعاد” أمل فرحات لموقع “لبنان الكبير” الرجولة غير الصحية بأنها مصطلح يشير إلى مجموعة من الصفات والسلوكيات التي ترتبط بالرجل، ولكنها تتسم بالعدوانية، والسيطرة، والقهر والذكورية العنفية.

ويمكن أن تكون هناك أسباب متعددة وراء الرجولة غير الصحية، منها:

– التنشئة الاجتماعية: يلعب المجتمع دوراً مهماً في تشكيل مفهومنا عن الذكورة، وفي كثير من الأحيان تعزز الصور النمطية السلبية عن الرجل، مثل أنه يجب أن يكون عدائياً وعنيفاً ومسيطراً.

– التجارب الشخصية: يمكن أن تؤدي التجارب الشخصية السلبية، مثل العنف المنزلي أو التنمر، إلى تعزيز المشاعر العدوانية لدى الرجل.

– الاضطرابات النفسية: قد تلعب بعض الاضطرابات النفسية، مثل اضطراب الشخصية النرجسية، دوراً في ظهور الرجولة العنيفة.

ممارسات تدل على عدم سلامة الرجولة

وذلك من خلال مجموعة من السلوكيات، منها:

– العنف الجسدي أو اللفظي: قد يلجأ الرجل إلى العنف الجسدي أو اللفظي لإثبات رجولته، أو للسيطرة على الآخرين.

– السيطرة والهيمنة: قد يحاول الرجل فرض سيطرته على الآخرين، سواء في العلاقة الزوجية أو في العمل أو في المجتمع.

– الذكورية المتطرفة: قد يسعى الرجل إلى إبراز رجولته من خلال التركيز على مظهره الخارجي أو سلوكه الجنسي.

أساليب لمجتمع سوي

تعطي جمعية “أبعاد” اهتماماً لموضوع التربية الصحيحة للرجولة السليمة اللاعنفية لأن الرجولة السليمة هي ركيزة أساسية للمجتمع السوي، فهي تمثل مجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي تشكل شخصية الرجل وتجعله عضواً فاعلاً وبنّاءً في المجتمع. وفي ظل التحولات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها العالم اليوم، بات من الضروري أكثر من أي وقت مضى الاهتمام بالتركيز على القيم والمبادئ الصحيحة التي تجعل الأفراد قادرين على مواجهة التحديات والمساهمة في بناء مستقبل أفضل.

وهناك عدة أسباب دفعت الجمعية الى تسليط الضوء على هذا الموضوع في الوقت الراهن وهي: إنتشار الممارسات والسلوكيات العنيفة، والتي تضر بالمجتمع والأفراد، والحاجة إلى تعزيز دور الرجل في الأسرة والمجتمع، وأهمية دور الرجال في تعليم القيم مثل العدل والرحمة والتسامح للأطفال.

وتلفت فرحات إلى أن أهمية التربية الصحيحة للرجولة السليمة اللاعنفية تكمن في أنها تساعد على:

– تكوين شخصية الرجل على أسس أخلاقية سليمة.

– غرس قيم المسؤولية والعدالة والرحمة في قلب الرجل وشخصيته.

– إعداد الرجل ليكون عضواً فاعلاً وبنّاءً في المجتمع.

– المساهمة في الحد من ظاهرة العنف والممارسات المؤذية التي تصدر عن بعض الرجال.

دور التربية والأهل

تستند التربية الصحيحة للرجولة السليمة اللاعنفية إلى مجموعة من المبادئ والأسس، منها: الحب والرعاية والاهتمام، القدوة الحسنة، الاحترام والتقدير والتوجيه والدعم.

ومسؤولية التربية الصحيحة للرجولة السليمة تقع على عاتق الوالدين معاً، فالأم والأب يلعبان دوراً أساسياً في تكوين شخصية الطفل، ويجب عليهما أن يتعاونا لتنشئة أبنائهم على القيم والمبادئ الصحيحة من أجل تماسك الأسرة.

سبل اعتماد التربية السليمة

التربية السليمة هي تربية تركز على غرس القيم الايجابية والأخلاق الحميدة في الأفراد، وتساعدهم على أن يكونوا مسؤولين ونافعين للمجتمع.

أهم السبل لاعتماد التربية السليمة للأفراد

– الحب والاحترام: يجب أن يشعر الأفراد بالحب والاحترام من آبائهم وأمهاتهم، وذلك لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذاتهم.

– التوجيه والدعم: يجب أن يتلقى الأفراد التوجيه والدعم من والديهم في جميع مراحل حياتهم، وذلك لمساعدتهم على اتخاذ القرارات الصائبة وتطوير مهاراتهم وقدراتهم.

– المسؤولية والالتزام: يجب أن يتعلم الأفراد أهمية المسؤولية والالتزام، وذلك من خلال مساعدتهم في الأعمال المنزلية والأنشطة المدرسية والمجتمعية.

– إحترام الآخرين: يجب أن يُعلّم الأفراد احترام الآخرين، بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم.

– القيم الأخلاقية: يجب أن يُعلّم الأفراد القيم الأخلاقية الحميدة، مثل الصدق والأمانة والرحمة والعدل.

– المهارات الحياتية: يجب أن يُعلّم الأفراد المهارات الحياتية الأساسية، مثل إدارة الوقت وحل المشكلات والتواصل الفاعل.

تبدأ التربية منذ الصغر، لذا يجب أن يبدأ الآباء والأمهات بغرس القيم الايجابية في أبنائهم منذ سن مبكرة ويتبعون الأساليب التالية:

– القدوة الحسنة: يجب أن يكون الآباء والأمهات قدوة حسنة لأبنائهم، وذلك من خلال الالتزام بالقيم التي يرغبون بغرسها فيهم.

– مناقشة القضايا المهمة: يجب أن يناقش الآباء والأمهات القضايا المهمة مع أبنائهم، وذلك لمساعدتهم على فهمها والتفكير فيها بعقلانية.

– المرونة: يجب أن يكون الآباء والأمهات مرنين في تربية أبنائهم، وذلك لمراعاة خصوصية كل طفل.

إن التربية السليمة للأفراد هي مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع، وذلك لضمان تنشئة جيل من الأفراد الصالحين الذين سيكونون أساساً في بناء مجتمع أفضل.

تسعى “أبعاد” إلى تثقيف المجتمع بأهمية التربية السليمة للرجولة السليمة، وتعريفه بالأسس والمبادئ التي تقوم عليها فتنظم حملات توعية عامة بالاضافة إلى:

– ندوات وورش عمل: للآباء والمعلمين والأطفال، لتدريبهم على أساليب التربية السليمة والتركيز على أهمية الحوار والتواصل مع الأبناء، وتوفير القدوة الحسنة لهم، وتعليمهم القيم والأخلاق الحميدة.

– تدريبات وبرامج لتمكين الشباب من تحقيق إمكاناتهم وتطوير مهاراتهم. وتركز هذه البرامج على تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى الشباب، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

كما تسعى “أبعاد” إلى إعادة صياغة التربية الوالدية الايجابية، وزيادة الوعي بها. وترى أن التربية الوالدية الايجابية هي التي تركز على بناء الثقة والاحترام بين الآباء والأبناء، وتشجيع الأبناء على اتخاذ القرارات السليمة وتحمل المسؤولية.

تهدف هذه المبادرات إلى بناء مجتمع أكثر عدلاً وتماسكاً، يتمتع فيه الرجال والنساء بحقوق متساوية، ويساهمون في بناء مستقبل أفضل للجميع.

شارك المقال