منع المصانع من تشغيل السوريين… قرار “خلّبي” بغياب خطة بديلة!

راما الجراح

يبدو أن قرار التضييق على اللاجئين السوريين في لبنان اتُخذ، فبعد جملة من القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء في جلسة ١١ أيلول الجاري حول ملف النزوح السوري، وما كشفه قائد الجيش جوزيف عون عن دخول ٨٠٠٠ سوري إلى لبنان في الفترة الأخيرة، ٩٥٪ بينهم من الفئة العمرية الشابة، وعمليات التهريب اليومية، وتحذير وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين مما سمّاه “خطورة النزوح السوري”، إلى جانب عدد من النواب والأحزاب، أصدر وزير الصناعة جورج بوشكيان قراراً طلب بموجبه “من المصانع العاملة على الأرض اللبنانية، عدم استخدام عمال سوريين لا يحوزون أوراقاً وتراخيص قانونية وذلك تحت طائلة وقف عمل تلك المصانع وسحب تراخيصها”، مؤكداً أن “الوزارة ستتخذ الاجراءات والتدابير الرامية إلى التثبت من التزام المصانع بهذا التعميم والعمل بموجبه”. فهل بدأت فعلاً مرحلة التضييق عليهم لدفعهم للعودة إلى سوريا؟ وهل هذه الخطوة ستكون دافعاً لانقاذ العمالة اللبنانية في هذه الأوضاع الصعبة؟

تؤكد مصادر خاصة لموقع “لبنان الكبير” أن “السلطات الأمنية اللبنانية تكثف جهودها في الفترة الأخيرة لمكافحة ظاهرة تهريب الأشخاص عبر الحدود، وقد أحبط الجيش اللبناني الأسبوع الماضي محاولة تسلل نحو ١٢٠٠ سوري إلى لبنان، واللافت أن غالبيتهم من فئة الشباب ومن دون عوائلهم”.

وتوضح المصادر أن قرار وزير الصناعة “يمكن أن يُدخل أصحاب المصانع في دوامة طويلة لم تكن بالحسبان لأن غالبيتهم لا تعتمد على عمّال لفترات طويلة، ولا ضمان لهم، بل هناك تغيير وتبديل في العمّال السوريين كل فترة عند النسبة الأكبر من المصانع، وتتم محاسبتهم مادياً بصورة يومية، لذلك هذا القرار سيضرهم حتماً في غياب آلية وخطة بديلة في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد”.

وفي إتصالات لـ لبنان الكبير” مع عدد من أصحاب المصانع في منطقة البقاع، أجمعوا على أن قرار وزير الصناعة منطقي ولكنه ليس عادلاً، فالنسبة الأكبر من اللاجئين السوريين لا تملك أوراقاً قانونية تُثبت شرعية وجودها في لبنان، واليوم أصحاب المصانع وفي ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد بحاجة الى العمالة السورية في أعمالهم، لأنهم يعملون في كل المجالات داخل المصانع وبكلفة أقل عن العامل اللبناني بكل أسف، وهذا الكلام واقعي وحقيقي ولا يمكن غض النظر عنه، لذلك في حال تطبيق قرار وزارة الصناعة حرفياً، يمكن أن تذهب الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.

وأشاروا الى أن “كلامنا صرخة عبر موقعكم، فهذا التعميم يؤدي الى شح في اليد العاملة داخل المصانع، لأن أجرة العامل اللبناني تساوي أضعاف العامل السوري، واليوم أي مصنع في لبنان لا يجني أرباحاً باهظة تخوّله الاستمرار ومع دفع تكاليف عالية للعمالة اللبنانية، سندخل في نفق مظلم، وسنفتقد اليد العاملة، وعليه سيتسبب هذا التعميم تلقائياً بإغلاق أكبر عدد من المصانع”، مطالبين الوزير بإعادة النظر فيه “رأفة بأصحاب المصانع الذين يتعكزون على مصلحتهم في زمن أصبح فيه تأمين لقمة العيش شهرياً للعائلة بطولة”.

وتعتبر الدكتورة في علم الاجتماع عبادة كسر أنَّ “تعميم وزارة الصناعة يوحي وكأن لبنان بلد صناعي ويقع في قلب المنافسة العالمية على الصناعات الثقيلة كتصنيع السيارات، الأسلحة، الالكترونيات والذكاء الاصطناعي، ويخوض غمار الثورة الصناعية الرابعة! البيان جائر، وفي الوقت نفسه يمكن اعتباره خُلّبياً مقارنة بالأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها اللبناني والسوري المقيمان على أرض لبنان. ومنع العشرات من السوريين من مزاولة مهنة في المصانع اللبنانية لا يقدم ولا يؤخر في مستوى أزمة العمالة اللبنانية”.

وتقول كسر لـ”لبنان الكبير”: “إن لبنان ينزف طاقته الانتاجية الشابة من الذكور والاناث بمعدلات كبيرة للبحث عن فرص عمل في المهجر، وبالتالي يعتبر الشباب اللبناني المهاجر يداً عاملة أجنبية تستفيد منها الدول المضيفة، والأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان لها جذورها، وقد تكرّست كنهج مؤسساتي فاسد مع كل الحكومات المتعاقبة منذ الطائف وحتى اللحظة. لقد اعتمد لبنان على نظام اقتصادي ريعي نهب البلد وأفقر الناس وقضى على القطاعات الانتاجية عموماً بما فيها الصناعة والزراعة وغيرها، أضف إليها الطائفية السياسية التي أحدثت تضخماً وظيفياً في القطاع العام للمحسوبيات فتم اقصاء الأكفياء وزاد من الوعود السياسية الزائفة في تأمين وظائف مع كل موسم انتخابي، بحيث تتبخر الوعود مع انتهاء موسم قطاف الأصوات. وأسأل: أين العامل السوري في هذه المعادلة؟ لاحظنا أنه غير موجود أبداً. لذلك، فإن استخدامه الدائم في هذا السياق هو توظيف سياسي لا أكثر ولا أقل”.

وتشير الى أن “بيان وزير الصناعة ذكّرني ببيان وزير العمل في ٢٠١٦ بحق الفلسطينين المقيمين في لبنان، الذي أضاف إلى المهن الذي يمنع الفلسطيني من مزاولتها عدداً إضافياً ليصبح ممنوعاً من ممارسة أكثر من ٧٠ مهنة في لبنان”.

وتؤكد أن “التعاطي مع ملف المقيمين في لبنان بهذه الطريقة غير علمي، معيب وأقل ما يقال فيه انه عنصري، وهذه البيانات تعبّر عن مواقف تجهل حقيقة استثمار القوة العاملة الأجنبية في أي بلد لتساهم في النمو الاقتصادي، فالثورات الصناعية في العالم وتحقيق النمو الاقتصادي في الدول صنعتها اليد العاملة الأجنبية”.

شارك المقال