لبنان يدخل شهر الشح في المياه… معالجة الأزمة بالسبل البدائية

عبدالرحمن قنديل

“لبنان بلد المي معقول بطل يكون في مي؟” سؤال بات يطرح في بلد أكل فيه الفساد الأخضر واليابس ولم يوفر مياهه حتى بعد مشاريع عهد “المسيلحة” الناجحة والتي أثمرت نتائجها بصورة كبيرة على لبنان واللبنانيين، الذين أضحت المياه بالنسبة اليهم موضع شكوك ولغز يرتبط بالكهرباء التي تأتيهم “صدفة” من دون موعد مسبق.

بيان مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان تطرق إلى أسباب تراجع التغذية بالمياه لمنطقة الأشرفية وأحياء في العاصمة بيروت، موضحاً أن السبب الرئيس يعود إلى الانقطاع شبه المتواصل للكهرباء عن محطة الضبية التي تشكل المصدر الوحيد لتغذية المناطق المذكورة، والتي لا يمكن تشغيلها على المولدات بسبب حاجتها إلى التغذية بخط توتر متوسط.

وأعلنت المؤسسة من جهة ثانية، عن عطل طرأ على إمدادات آبار المشرف الأمر الذي أثر سلباً على توصيل المياه إلى منطقتي برج البراجنة وحي السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت، مؤكدة أنها تسعى إلى تصليح العطل بمواردها الخاصة والضئيلة بعدما تبلغت من المنظمات المانحة عدم القدرة على تأمين المزيد من الدعم لتصليح الأعطال.

كما أشارت إلى دخول لبنان شهر شح المياه الذي يشكل عاملاً أساسياً إضافياً لتراجع التغذية عموماً في هذا الوقت من السنة، لافتة الى أنها تسعى وبكل جهد إلى إعادة التغذية بالمياه إلى العاصمة وأحيائها والمناطق الأخرى بأقصى سرعة ممكنة، سواء من خلال إجراء الاتصالات اللازمة لتأمين تغذية إضافية بالكهرباء على محطة الضبية أم من خلال العمل شبه المتواصل لتصليح العطل في آبار المشرف. ولكن المؤسسة أملت في الوقت نفسه من المعنيين على المستويات كافة مواكبتها في هذا المجال وتأمين المطلوب لإعادة المياه إلى المشتركين في أقرب فرصة “لأن هذه المسؤولية هي مسؤولية مشتركة في ظل ضآلة الموارد لا بل شبه غيابها”.

تزامن هذا البيان مع إعلانها الأخير عن أنها ستضطر إلى اعتماد نظام تقنين قاسٍ يخشى أن يبلغ مرحلة الانقطاع التام للمياه في المناطق التي تتغذى من محطات الضخّ الرئيسة العاملة على المولّدات، وذلك نتيجة عدم توافر التمويل الكافي بالعملة الصعبة أي بالدولار الأميركي النقدي لتسديد ثمن مادة المازوت. وجاء ذلك، تعقيباً على البيان الصادر عن مؤسسة كهرباء لبنان بتاريخ 14 آب الماضي، بشأن تسديد فواتير استهلاك الكهرباء نقداً أو بواسطة حساب جديد “فريش” بطلب من البنك المركزي، وليس بموجب حوالات مصرفية، كما جرت العادة، وذلك تحت طائلة قطع التيار عن المتخلفين.

وكشفت مصادر خاصة في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “هناك أزمة مياه في الوقت الراهن بحيث أصبحت كيفية معالجة الأزمة في إطار السبل البدائية، إذ كانت محطة الكهرباء في منطقة الزوق في السابق مجبرة على أن توفر خطاً خاصاً لمصلحة مياه الضبية لتبقى المياه تؤمن الكهرباء للمحطة والمحطة تؤمن المياه لبيروت”.

ورداً على ما قاله مدير مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران حول إنقطاع الكهرباء، أوضحت المصادر أن “معمل الزوق يوزع بصورة مستمرة ولا ينقطع، وكان هناك في السابق خط يربط الزوق بالضبية تبقى المياه مؤمنة من خلاله أما في باقي المناطق فكان هناك ضعف في بعض أماكن الآبار الارتوازية، لذلك كنا نؤمن المياه باستمرار أي بمعدل 18 ساعة في الـ 24 كل يوم”.

وأكدت أن “لا شيئ إسمه ما فينا نأمن مازوت، لأن مشكلة المازوت في البلد تمحورت حول فرق الأسعار والتأمين وعمليات التهريب المسؤول عنها بعض المافيات، ووزير الطاقة مجبر على أن يؤمن المازوت لمحطات المياه من خلال إعتمادات من الدولة أو مواقع أخرى لا أن يضع كل طاقته على الفيول، فليست لدينا محطات تعمل على الفيول لذلك يجب أن تؤمن للمياه كما تتأمن خطوط الكهرباء من الزوق إلى الضبية”، معتبرة أن “هذا الكباش السياسي من غير المعروف ما هي نهايته لأن لا وجود لرجال دولة في لبنان للمحاسبة”.

وشددت المصادر على أن “الحجج التي تساق حول عدم دفع أجور المتعهدين لذلك لا يقومون بالصيانة ولا وجود للمال لأن وزارة المالية لا تدفع، لا أساس لها من الصحة، فالمصلحة الوحيدة التي لها فائض من الجباية هي مصلحة بيروت وجبل لبنان”، نافية علمها بسبب تردد المدير العام للمصلحة في إتخاذ قرارات جريئة وحاسمة، “ولكن ممنوع توقيف الآبار الارتوازية لأن هناك فحصاً دورياً لكل بئر إذا كان صالحاً للشرب أم لا، وتوقيفها حصل بحجة المازوت”.

وعزت مصادر مطلعة المشكلة الأساسية في موضوع المياه في بيروت والاهمال الحاصل لها إلى “إفلاس كامل القطاعات في الدولة لذلك أزمة المياه مرتبطة بصورة مباشرة بموضوع الكهرباء، فإذا لم تكن هناك كهرباء لا مياه، وإذا لم يكن هناك مال في المؤسسات العامة التي تناوب على سرقتها وزراء الطاقة المتعاقبون لا يمكن أن تكون هناك لا مياه ولا كهرباء ولا حتى إتصالات، لذلك لا بد من أن تكون هناك إمكانات متوافرة في هذا الشأن فضلاً عن أزمة الموظفين المالية الناتجة عن إهمال عملهم”.

وأعربت عن إعتقادها أن “المبررات التي تسوقها وزارة الطاقة من جهة ومصلحة مياه بيروت من جهة أخرى هي لتغطية عدم توافر الإمكانات اللازمة وعدم وجود أموال لتغطيتها وممر لرمي التهم على بعضهم البعض”.

وحمّلت المصادر المسؤولية الأساسية لوزير الطاقة والمياه وليد فياض، معتبرة أنه “وزير وصاية أي هو المسؤول عن المياه والكهرباء وكيفية تأمينهما ولا يستطيع الاختباء وراء الحجج والأعذار فهو يستطيع أن يطلب من الشركات تأمين خط الكهرباء لأي محطة لأن هناك أشخاصاً يأخذون مياهاً وكهرباء عشرين ساعة في النهار الواحد وآخرون لا كهرباء ولا مياه لديهم حتى”.

شارك المقال