ابتزاز الطرابلسيين بنفاياتهم عبر “صفقات” سياسيّة وماليّة؟

إسراء ديب
إسراء ديب

يستغلّ بعض رجال السياسة والادارة ملف النفايات في طرابلس التي تشهد في الفترة الأخيرة تراكماً ملحوظاً لها في الكثير من مناطقها وأحيائها، إذْ لم يتحرّك المعنيّون في المدينة لحلّ هذه المعضلة التي باتت تدقّ ناقوس الخطر خصوصاً مع ظهور عامليْن رئيسيْن يُؤثران على حسن العمل في هذا المجال، أولهما: قرب انتهاء عقد شركة “باتكو” للتعهدات أيّ المشغّلة للمكب، والتي تقوم بإدارة العمل فيه مع جمع النفايات من مدن اتحاد بلديات الفيحاء (طرابلس، البداوي، الميناء والقلمون) عبر شركة “لافاجيت”. أمّا ثانيهما فيرتبط بـ “الشرارة” العمّالية التي أطلقها 40 عاملاً في المكبّ ضدّ الشركة منذ أيّام، بسبب تمنّعها عن دفع مستحقات ورواتب العاملين لديها، ما دفعهم لأيّام إلى إغلاق المكب، الأمر الذي انعكس أيضاً على صورة المدينة التي تدفع ثمن سياسات “ناقصة”.

ويتساءل متابع لهذا الملف عمّا سيحدث للمدينة في حال لم يجدد أو يمدد للشركة المشغّلة للمكب والتي سبق أن مدّد لها، الأمر الذي يُهدّد بتحويل المدينة إلى “مزبلة” قريباً، مستغرباً السياسات المتبّعة في هذا الملف ومع هذه الشركة التي سبق أن رفعت الصوت في 6 آذار الفائت، بكتابٍ أبلغت فيه مجلس الإنماء والإعمار عجزها عن مواصلة الأعمال في ظلّ الظّروف الحالية، لافتة إلى أنّ الطّاقة الاجمالية للمكبّ بموجب المعايير الحالية، ستصل إلى حدّها الأقصى بحلول 15 نيسان، وأنّ هناك ضرورة لإنشاء مكبّ نفايات جديد ومؤقّت.

في الواقع، تجاوز المعنيون بهذا الملف تاريخ 15 نيسان وأهمّية البحث عن أرض مناسبة بعيداً عن دير عمار التي رفضت رفضاً قاطعاً المحاولات “المستميتة” لاستخدام جزء من أراضيها خدمة لهذه الغاية، وباتت المدينة على موعد مع أزمة قديمة – جديدة، بدأت تظهر معالمها مع انتشار النفايات قرب أبي سمراء، باب التبانة، جبل محسن، دوار نهر أبو علي، وغيرها من المناطق والأحياء التي تُبيّن حجم الفشل في إدارة هذا الملف. ويقول المتابع لـ “لبنان الكبير”: “إنّ الشركة التي تدفع أجور موظفيها الذين أنذروها حتّى آخر الشهر الحالي (بالليرة) وترفض اعطاءهم معاشاتهم بالدولار كما يستحقّون، لا تزيل النفايات المتراكمة بصورة صحيحة، وبعد اتصالات مع الفعاليات البلدية والنقابية والسياسية في المدينة، عاد العمال إلى المكب الذي لا يتحمّل المزيد من النفايات التي تأتي من مختلف مدن اتحاد الفيحاء، مع العلم أنّه لا يكفي بمساحته وطاقته الاستيعابية نفايات المدينة وحدها”.

ويُضيف: “بالتأكيد يحتاج الطرابلسيون إلى بديل، لكن وفق معلوماتنا أنّ هناك مناقصة تجري لإعادة تأهيل جدار المكب القريب من البحر والذي يُقال انّه متهالك وآيل الى الانهيار، لكن حسب معطياتنا إنّ هذه المعلومات غير دقيقة، لكنّها صفقة يرغب في الحصول عليها أحد السياسيين الطرابلسيين لاعادة تأهيل الجدار كي لا ينهار، ما يزيد من احتمالية نجاح حصوله على الصفقة التي تُعبّر عن الاستغلال السياسيّ لهذا الملف عبر ادّعاء التدعيم الذي لا يحتاجه، بل تحتاج المدينة إلى حلّ آخر يُبعد المكب وآثاره عنها”.

وفي معلومات أخرى يُؤكّدها المتابع، تتحدّث عن دخول نفايات عضوية من إحدى شركات الطعام المعروفة في البلاد وقيامها برمي هذه المكوّنات السامّة في المكب مع النفايات الأخرى بموافقة رسمية، “ما يُخالف القواعد العامّة في هذا المجال ويُحدث الكثير من الأذى، وذلك بلقاء مالي تحصل عليه إدارة رسمية تسمح بتمرير هذه الفضيحة البيئية المؤذية عبر إجراءات خاصّة”، مشدّداً على دخول نفايات من “محافظات أخرى لا علاقة لها باتحاد بلديات الفيحاء مع دخول شاحنات غريبة ومجهولة المصدر أحياناً لترمي داخله، الأمر الذي نطرح بسببه أكثر من علامة استفهام حول مصير هذا المكب ونتائج هذه التصرفات التي تنعكس سلباً على صحة المواطن الطرابلسي وكلّ من يعيش داخل المدينة، فكلّهم يعانون نتيجة هذا الاهمال المزعج، من قيام بعض الأشخاص بالتخلّص من النفايات المتراكمة على الطرق وإلى جانب مكبات النفايات بروائحها وحشراتها المؤذية، عبر حرقها عمداً، ما يُشير إلى الضرر المضاعف الذي يحدث يومياً في المدينة”.

شارك المقال