“الياس” تصل إلى لبنان… هل من داعٍ للقلق؟

محمد شمس الدين

بعدما شاهد اللبنانيون تبعات العاصفة “الياس” في اليونان وتخوفوا من احتمال وصولها إلى لبنان، تناقل الرأي العام الهواجس من هذه العاصفة، في بلد يعيش أسوأ أيامه لجهة البنى التحتية وقدرة الدولة على مواجهة كوارث طبيعية. ولكن يبدو أن القلق هو السائد هنا، لأن الأمر يبدو تهويلاً لا أكثر، فكيف سيكون الطقس يوم الأحد، وهل لبنان معتاد تاريخياً على عواصف شديدة؟ وهل حصلت أعاصير فيه سابقاً؟

تاريخياً وحتى قبل تأسيس الكيان اللبناني، لم يسجل أي إعصار في هذه البقعة، واقتصر الأمر على بعض العواصف الشديدة التي كانت تصل الرياح فيها الى أقصى سرعة 100 كلم/ساعة، ولم تتطور الى درجة إعصار يهدد الحجر والبشر، حتى أن الوفيات التي حصلت بسبب هذه العواصف كانت بسبب اما إهمال الدولة للبنى التحتية أو إهمال المواطنين في المناطق الجبلية.

في التاريخ الحديث حصلت عدة عواصف قوية في لبنان، ومنها تسبب بإغلاق المدارس، أما سبب الفيضانات التي تشهدها الشوارع فهو الفساد والاهمال المستشريان في الدولة اللبنانية، من وزارة الأشغال حتى البلديات والمتعهدين، ولا علاقة لها بقوة العاصفة. وبالطبع كان يحصل بعض الدمار، وقوع شجرة أو عمود أو حتى تأثر منازل قديمة، ولكن عموماً لم تصل إلى لبنان يوماً عاصفة يمكن تصنيفها كإعصار خطر، بل يمكن تجنب أي دمار أو تبعات للعواصف التي تضرب لبنان بأن تقوم الدولة بالعمل المناسب.

أما عن العاصفة “الياس”، فلن تصل إلى لبنان كعاصفة حتى، بل ستكون منخفضاً جوياً اعتيادياً في هذا الوقت من السنة، وفق ما أكد الخبير في علم المناخ والأرصاد الجوية علي جابر لموقع “لبنان الكبير”، موضحاً أن “العاصفة ستنحرف من اليونان باتجاه لبنان، ولكنها ستمر بعدة دول قبل ذلك، ومنها تركيا، ما يجعلها تصل كمنخفض جوي عادي لا تتخطى سرعة الرياح فيه الـ 40 ك/س، وهو أمر لبنان معتاد عليه، ولا جديد فيه، بل شهدنا عواصف أقسى بكثير سابقاً”.

وأشار جابر الى أن المنخفض الجوي سيكون أشد شمالاً من الجنوب، من دون أن ينسى التذكير بضرورة “تنظيف المجاري كي لا تحصل فيضانات لا علاقة لها فعلياً بقوة العاصفة، بل باهمال الدولة”. وقال: “منطقة الحوض الشرقي للبحر المتوسط لا تحصل فيها أعاصير، على الرغم من أن بعض العواصف القاسية مرّ فيها، ولكن بما أن العاصفة الياس نفست في اليونان، فلن تتأزم أكثر في لبنان، وستمر بصورة طبيعية في هذا الوقت من السنة”.

بيروت ليست غريبة عن الكوارث الطبيعية فقد سجلت زلازل عديدة فيها عبر التاريخ، 551، 1261، 1759، و1956، وبعض الهزات الأرضية البسيطة فعلياً، ولكنها نجت من الأعاصير حتى اليوم، وذلك بسبب موقعها الجغرافي، إلا أن هذا لم يمنع أعاصير السياسة، التي دمرت بيروت أكثر من الكوارث الطبيعية، وها هو البلد اليوم يعيش إعصار الفراغ المستمر منذ ما يقارب السنة، والذي يدمر لبنان يومياً أكثر فأكثر.

شارك المقال