النزوح مكلف للجميع… و”العترة” على الفقير

حسين زياد منصور

في الوقت الذي يتواصل فيه العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، ويطلب فيه جيش الاحتلال من “الغزاويين” ترك منازلهم، والنزوح جنوب القطاع، عبر المناشير التي يرميها على رؤوسهم، لا تزال لعبة “البينغ بونغ” مستمرة بين “حزب الله” واسرائيل عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية. فمسيرات الاحتلال لم تتوقف عن استهداف مواقع الحزب وعناصره، فضلاً عن القنابل الفوسفورية التي أغرقت معظم جرود القرى الحدودية بها، الا أن المعركة بين الطرين لا تزال ضمن “قواعد الاشتباك”.

الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الجنوب، منذ بداية “طوفان الأقصى”، أدت الى البدء بعمليات نزوح بعض سكان القرى الجنوبية والحدودية المستهدفة، والبحث عن مكان آمن لايوائهم في حال تطورت الأمور وفتحت جبهة الجنوب ودخل لبنان في حرب مع اسرائيل.

ينزح الجنوبيون الى قرى ومناطق داخل الجنوب، وبعضهم وصل الى جبل لبنان، وآخرون الى طرابلس، وبحسب تقرير “المنظمة الدولية للهجرة”، فقد ارتفع عدد النازحين من المناطق الحدودية في الجنوب إلى أكثر من 29 ألفاً. وبحسب التقرير أيضاً، توجه هؤلاء الى مدن وبلدات جنوبية غير حدودية، ومنهم من توجه الى بيروت وضواحيها، ومناطق في جبل لبنان أو مناطق أخرى في شمال لبنان.

وهنا انقسم النازحون الى عدة أقسام، فمنهم من يمتلك منزلاً في بيروت أو ضواحيها، ومنهم من لجأ الى أقاربه، وآخرون تمكنوا من استئجار منازل، وبعضهم اضطر الى اللجوء الى المدارس، كما شهدت مدينة صور.

عمليات النزوح هذه دفعت بالكثير من هؤلاء الناس الى السعي لتأمين منازل للايجار فضلاً عن التموين، في حال وقوع حرب وندرة المواد الغذائية الضرورية والأساسية.

النزوح ليس هيناً

وفي حديث مع موقع “لبنان الكبير” يؤكد مصدر بلدي معني بمتابعة عمليات النزوح واللجان التي شكلت لمتابعة هذا الموضوع، أن “العمل جاد لتأمين كل مستلزمات النازحين ومتطلباتهم، ولن يشعروا بأي نوع من البعد والغربة، فهم سيكونون بين أهلهم وأحبائهم”.

ويشير المصدر الذي رفض الافصاح عن اسمه الى أنه سيتم استقدام مساعدات من خلال الجمعيات الأهلية المحلية والدولية، الى جانب تأمين المأكل والمشرب، فضلاً عن المستلزمات الأساسية، وكل ذلك للتخفيف من أعباء النازحين، معتبراً أن “النزوح من منطقة الى أخرى ليس هيناً، وسيكون مكلفاً على الجميع، وسيعاني منه جزء كبير من الناس، فلا يمكن نسيان ما مررنا به عام 2006، خلال حرب تموز، والآن نحن لا نزال نعيش تبعات الأزمة الاقتصادية منذ 2019”.

ويضيف: “منذ بداية طوفان الأقصى وضعنا خطة استباقية، خصوصاً مع استمرار التوتر على الحدود مع فلسطين المحتلة، فلا يمكن نكران تبعات النزوح والنتائج التي قد يخلفها، وتحديداً أننا لسنا في حالة اقتصادية طبيعية ومستقرة، فالنزوح الى منطقة معينة سيشكل عبئاً وضغطاً كبيراً عليها، وسيزداد الطلب على الاستهلاك فيها”.

“العترة علينا”

توضح احدى النازحات من القرى الحدودية أنها نزحت من قريتها مع عدد من أهلها، فمشهد الخروج وأصوات القذائف والمناوشات عند الحدود ذكرهم نوعاً ما بحرب تموز. وتقول: “أن يترك المرء منزله، ليس بالأمر السهل، وهذا ما حصل معنا، السؤال الأول الذي يتبادر الى أذهاننا، أين سنذهب؟ هل نحن قادرون على تحمل تكاليف ايجار منزل جديد؟ فالدفع سيكون لسنة مقدماً، وبالدولار، والايجارات ليست طبيعية، بل على العكس، التجار لا يرحمون أحداً، ويستغلون الظرف، ومن ثم هناك تكاليف التموين والتخزين. نحن نعيش أزمة صعبة، وفي الأيام العادية، بالكاد نستطيع تأمين مأكلنا ومشربنا، العترة علينا، نحن الفقراء”.

وتؤكد أن “ليس من السهل أن تترك منزلك في ظروف صعبة كهذه، لقد تمكنت من تأمين مسكن لي ولعائلتي، لكن دفعت الكثير من الأموال في وقت نحن بحاجة فيه الى كل ليرة، بينما غيري لم يتمكن من تأمين مسكن، وليس أمامه أماكن يذهب اليها”.

وتعد تكاليف النزوح خصوصاً في هذه الفترة مرتفعة، الى جانب الأزمة الاقتصادية الصعبة، وظهر تجار الأزمات بصورة واضحة في ما يتعلق بتأجير المنازل، اذ ارتفعت أسعار الشقق المؤجرة كثيراً، وأقلها أصبح بـ 600 دولار، وهي عبارة عن غرفتاين وحمام، وكل ذلك من دون حسيب أو رقيب.

وكان رئيس نقابة أصحاب السوبر ماركت في لبنان نبيل فهد أشار الى أن أسعار السلع لا تزال على حالها من دون أي فروق، مع العلم أن الطلب ارتفع نوعاً ما على المواد الأساسية.

شارك المقال