ترند “المونة” محط الأنظار… للشتوية والحرب و”بزنس” تسويقي

منى مروان العمري

تعد المونة في لبنان من أقدم العادات والتقاليد الموروثة من جيل الى آخر، والتي يعمل على تحضيرها مسبقاً خلال فصلي الصيف والخريف بغية استخدامها في الشتاء، حيث اعتاد سكان القرى البقاء في منازلهم والتقليل من تنقلاتهم بسبب الأحوال الجوية التي تفرض عليهم إقامة قسرية، إضافة إلى ظروف الأزمة الاقتصادية التي لا يزال يمرّ بها اللبنانيون الى جانب الظروف الحالية التي استدعت منهم تخزين الغذاء والمؤن تخوفاً من أيّ حرب قد تطرأ بصورة مفاجئة.

مونة الشتاء زينة البيت

عادةً ما يعتمد اللبنانيون في فصل الشتاء على ما يقومون بتموينه، كالكشك والقاورما ومكدوس الباذنجان والخيار ومربى التين والتفاح والمشمش والزبيب والجوز والزعتر بالسمسم والسماق ولبنة الماعز والجبنة والزيت والزيتون، وحتى الصابون البلدي والزهورات والخل والعصائر وغيرها، بحيث تختلف عملية التموين بين منطقة وأخرى في لبنان، حسب ما تفرضه الطبيعة الجغرافية والزراعية للمناطق، وتختلف معها أنواع المونة والأطعمة.

وتقول أم أحمد لموقع “لبنان الكبير”: “المونة الشتوية بأنواعها هي زينة البيت، فالكبيس والزيتون والزعتر والمربيات كلها أصناف لذيذة نستعد من خلال تحضيرها لفصل الشتاء ونشعر براحة نفسية بوجودها في البيت على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، الا أن المونة ومع ما نمرّ به تبقى عادة جميلة لا نستطيع التخلي عنها”.

مونة الحرب تعود من جديد

تشير ميديا – من ضيعة بقاعية – الى “أننا بدأنا بشراء بعض الحاجيات الأساسية التي يمكن أن نحتاجها اذا وقعت الحرب، فاشتريت أنا وزوجي كميات من الأرز والحمص والعدس والمعكرونة، وصناديق من المعلبات كالمرتديلا والتونا والسردين والطماطم”.

وتضيف: “لم نكد ننتهي من المونة الموسمية التي اعتدنا تحضيرها لكل موسم الشتاء، حتى بدأنا بتحضير مونة أخرى كمرحلة اضافية في حال وقوع حرب في لبنان. التكاليف باهظة، فمونة الشتاء على أنواعها من كشك، كبيس، مربيات، ملوخية، مكدوس وغيرها كانت كلفتها تزيد عن الـ1500 دولار عموماً، والآن مونة الحرب إلى جانبها، وعلى الرغم من كل هذا يمكن أن نقول ان هذه الطريقة هي الأمثل والأوفر بالنسبة الى وضعنا واقتصادنا”.

أما أم مصطفى فتوضح “أننا جهزنا بيوتنا بجميع الأغذية والمؤن، لا نعلم من سيكون في ضيافتنا اذا وقعت الحرب لا قدّر الله، اذ قمنا بشراء صناديق من المعلبات على أنواعها وشوالات من الطين والأرز والبقوليات، وقمنا بتخزين المربيات والزيت والطحينة تحسباً لأي طارئ قد يقع على عاتقنا”، مؤكدة أن “الأسعار خيالية ولكن اذا وقعت الحرب فلن نستطيع تأمين هذه الأغذية وبهذه الكمية وبالتأكيد الأسعار سترتفع بصورة جنونية، فهذه الحرب ليست كما الحروب التي عشناها من قبل ولا نريد أن نعيش المزيد منها”.

ترند “المونة”

بعد ان أصبح للسوشيال ميديا إستخدامات لا تعدّ ولا تحصى، إستغلّ الكثيرون هذه المنصات لاظهار قدراتهم ومعارفهم وخبراتهم في شتى مجالات الحياة. وكان لتحضير المونة بأنواعها وبيعها نصيبٌ كبير لانعاش هذا القطاع على مواقع التواصل الاجتماعي، فالعديد من النساء ممن استخدمن المونة كنوع من “البزنس” عبر التسويق لمنتجاتهن كأغذية خالية من المواد الحافظة و”شغل بيت” وبأحلى الأسعار، يقمن بصناعتها وتحضيرها أمام أعين الجمهور وبيعها عن طريق صفحاتهن على مواقع التواصل وتحقيق الافادة الربحية من خلالها وجذب أكبر عدد من المتابعين والمشاهدين.

ومن بين أشهر من يقوم بتحضير المونة على صفحة “انستغرام” الستّ بلقيس التي تقوم بتصوير محتوى مليء بالأفكار والمعلومات عن كيفية تحضير المونة وأسرار نجاحها وحفظها لمدة أكبر، والكثيرون يتابعون صفحتها بشغف وحبّ، بل يكون لديه أيضاً دافع لشراء بعض أصناف المأكولات والمونة اللذيذة التي تحضرها.

في سياقٍ متّصل، يوضح أستاذ التاريخ ومؤسِّس صفحة “Heritage and Roots” عبر “إنستغرام” شارل الحايك، أنْ “لا زمن محدداً لبدء صناعة المونة في لبنان، فالمراجع لا تُجمع على تاريخ حاسم، وهي عملية تحضير الغذاء لفصلَي الخريف والشتاء لتأمين استمرارية الحياة. المصادر التاريخية مفقودة حيال رَبْط ولادة المونة بعصر. فالمسألة تفاعلٌ ممتدّ منذ آلاف السنوات مع طبيعة المنطقة والمناخ ضمن المواسم المتوافرة”، مشيراً الى أن “المونة لم تكن موارد عيش، عدا ما يُدفع للمطاحن لطَحْن القمح وتحويله إلى برغل وسواه. أصل الصناعة محورُه العائلة، قبل التوسّع إلى البيع”.

ويسمّي الحايك تحويل المهارات المتوارثة إلى منتَجات مباعة بالـ”ترند”، للتأكيد على حداثة هذه التجارة وجِدَّتها.

شارك المقال