قطاع الأدوية في عمق الأزمة… تهافت على شرائها والتخزين ممنوع

منى مروان العمري

يعيش قطاع الأدوية كغيره من القطاعات الحيوية في لبنان سباق محموم مع الوقت فيما لو توسعت دائرة الاشتباكات على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة ليدخل لبنان مرحلة حرب شاملة. فهذا القطاع في الأساس يعاني مشكلات جوهرية مع حرب ومن دون حرب، اذ طالت أزمة نقص الأدوية في لبنان لا سيما أدوية الأمراض المزمنة التي بدأت في العام 2020 بسبب احتجاز أموال الشركات المعنية لدى المصارف، كل الفئات العمرية والاجتماعية، خصوصاً بعد التوقف عن استيرادها إثر ارتفاع أسعارها، في الوقت الذي نشطت فيه أسواق التهريب وانتشرت الأدوية المزوّرة في السوق السوداء، وكل ذلك على حساب صحة المواطنين. واعتاد القادمون إلى لبنان أن تكون حقائبهم محمّلة بالأدوية المقطوعة ولا سيما أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، الأمر الذي زاد من مخاوف اللبنانيين الآن تزامناً مع التطورات الأمنية وغياب الاستقرار ما دفع بهم الى التهافت على شراء الأدوية وتخزينها خشية انقطاعها وتحسباً لأيّ مستجدات طارئة.

زيادة الطلب 3 أضعاف

ينقسم اللبنانيون بين من يحاول شراء بعض الأدوية الضرورية، التي يحتمل أن تحتاجها العائلة بصورة متكررة، على غرار بعض المسكنات وتلك المتعلقة بنزلات البرد والالتهابات، بالاضافة إلى أولئك المصابين بالأمراض المزمنة والمستعصية.

تشير إحدى الأمهات لموقع “لبنان الكبير” الى أنها تحاول تأمين أدوية طفلها في الوقت الحالي تخوفاً من تطوّر الأوضاع بصورة مفاجئة، وهذا ما يثير لديها الخوف والقلق من فقدان الأدوية التي يمكن أن يحتاج اليها طفلها. وتقول: “نحن على أبواب الشتاء والحاجة إلى الدواء أمرٌ مهم لأطفالنا في الطقس البارد كالبنادول والموتيليوم وغيرها، ولا ندري ما سيحصل، الأهم هو تأمين الحاجيات الأساسية لأولادنا”.

وفي المشهد نفسه، يقول مواطن يعاني من مرض عصبي مزمن: “قمت بشراء علب أدوية إضافية تحسباً لحالة الحرب، اذ ان علبة الدواء تكفي لمدة شهر فقمت بشراء 4 علب إضافية. فنحن في بلد المفاجآت ولا نعلم ما الذي تخبئه لنا الأيام القادمة”.

وتؤكد صيدلانية في احدى أشهر الصيدليات في بيروت، “لقد شهدنا في الآونة الأخيرة ارتفاعاً في الطلب على شراء الأدوية بصورة كبيرة، بحيث زاد الاقبال على شراء بعضها كأدوية القلب والضغط والسكري وأدوية الأعصاب بالاضافة إلى أدوية الأطفال وغيرها، وتركّز الطلب عليها بكميات كبيرة وصلت مؤخراً إلى 5 علب لكل شخص أي زاد الطلب ثلاثة أضعاف عن السابق”، موضحة “أننا لا نستطيع في هذه الحالة أن نلبّي الاحتياجات بهذه الكمية لأننا نخشى نفادها من المستودعات، وبالتالي يهمّنا أن يستفيد الجميع من توافر الأدوية وعدم تخصيصها لأحد”.

وهذه الزيادة في الطلب، وفق أحد الصيادلة، تأتي في توقيتٍ غير صائب، في عزّ استمرار أزمة الدواء، ما أحدث إرباكاً لدى كثير من الصيادلة الذين وجدوا أنفسهم أمام طلبيات لم يكن بالامكان الاستجابة لها من دون أخذ الاحتياطات اللازمة.

سلوم: الحديث عن خطة طوارئ غير ممكن

هذا الأمر دفع بنقابة الصيادلة إلى اتخاذ إجراءات طارئة تحول دون الوقوع في أزمة جديدة – بحسب نقيب الصيادلة جو سلوم – فطلبت النقابة من أصحاب الصيدليات “ترشيد صرف الوصفات الطبية بعدم إعطاء المريض أكثر مما يحتاجه، كي نضمن تأمين الدواء لأكبر عدد من المرضى من جهة ومنعاً لاحتكارها وتخزينها من جهة أخرى، وخصوصاً أنّ التجربة السابقة في ما يخص تخزين الدواء لم تكن جيدة”.

وكان سلوم أعلن في وقتٍ سابق، بيانٍ، تشكيل خلية في حال نشبت الحرب، تضم أعضاء مجالس النقابة وممثلين عن القوى السياسية والمجتمع المدني، مهامها تأمين الدواء للمرضى وتأمين مساكن للصيادلة ونقلهم، ويكون مركز عملها ومنطلقها نقابة الصيادلة في بيروت، واضعاً أرقاماً عدة بتصرّف الصيادلة ولاحقاً للمرضى اللبنانيين للتواصل وطلب النجدة.

وفي حديثٍ لموقع “لبنان الكبير”، يشير سلوم الى أن “الحديث عن خطة طوارئ غير ممكن لأنّ وضع الأدوية في الأساس سيئ ولدينا الكثير من المشكلات كمّاً ونوعاً في هذا القطاع”، قائلاً: “نحن في عزّ الازمة، لأنّ أدوية السرطان مقطوعة بصورة كبيرة والأمراض المستعصية تصل أدويتها بصورة متقطّعة ما يؤثّر على صحة المرضى وبالتالي الواقع سيئ”.

أما في ما يخص مخزون الدواء، فيؤكد سلوم أنّ لديهم أرقاماً ومعطيات لا يمكن الكشف عنها “إنما واقع الدواء في لبنان لا يسمح للبلد بالدخول في حرب”.

شارك المقال