حقيقة اجتياح “البق” لبنان… حذار من تجّار المبيدات!

إسراء ديب
إسراء ديب

يُدرك اللبنانيون جيّداً أنّ الطقس “المتقلّب” الذي تشهده البلاد في الأيّام الأخيرة، سيُؤدّي حتماً إلى انتشار الحشرات المختلفة التي لا يُعدّ ظهورها مستغرباً في هذه المرحلة الموسمية، إذْ لا يخفى على أحد العدد الهائل للحشرات التي باتت تدخل يومياً إلى المنازل، لا سيما من الذباب والبعوض.

وفي وقتٍ لم تُقلق فيه هذه الظاهرة مختلف الفئات الشعبية محلياً نظراً الى اعتيادها، أشارت معلومات صحافية (نشرت منذ ساعات) إلى دخول حشرات “البق” إلى لبنان لا سيما إلى طرابلس التي ستكون على موعد مع انتشارها وفق هذه المعلومات التي أحدثت توتراً كبيراً، خصوصاً وأنّ هذا النوع تحديداً بات يُشكّل عاملاً استفزازياً ووسواساً قهرياً لدى البعض بعد معاناة فرنسا الكبيرة معه، لذلك وبعد رصد “لبنان الكبير” بعض المنشورات الالكترونية، اتضح أنّ سيّدات من طرابلس كن قد تساءلن منذ أشهر عبر صفحات ومجموعات إخبارية عن هوية الحشرة التي تبدو غريبة “بشكلها” عليهنّ، ما دفعهنّ إلى نشر صور للتأكّد منها وكيفية التخلّص منها، لا سيما بعد تأكيد المتابعات أنّها تعود إلى حشرة “البق” التي دفعت سيّدات إلى المشاركة بخبراتهنّ للمساعدة في الحدّ منها.

ولا يغفل الخبير البيئي بول أبي راشد “مزاجية” هذا الطقس الذي يحمل في تقلّباته، تكاثراً واضحاً للحشرات عموماً، وللبعوض (البرغش) لا سيما ذاك الذي يلدغ، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “نتيجة لتأخر الجو البارد قد تتكاثر الحشرات، وفي المقابل يُمكن القول إنّ هطول الأمطار وتجمّع البرك الصغيرة قد يُساهمان أيضاً في تكاثرها”.

أما الدكتور نبيل نمر وهو خبير في علم الحشرات، فيرفض أيّ تضخيم إعلاميّ يُقلق الشعب من أيّ ظاهرة كانت، موضحاً لـ “لبنان الكبير” أنّ البقّ موجود أساساً في لبنان، وهو ناتج عن عدم تنظيف الفراش وغيره، “لكن غالبية اللبنانيين في روتينها اليوميّ، تقوم بتنظيف منزلها جيّداً عبر تعريض فراشها وأغراضها للشمس، ما يؤدّي إلى هرب هذا النوع من الحشرات من النور والشمس، لكن إنْ لم يتمّ التنظيف باستمرار فستتكاثر طبعاً”.

الا أن نمر يُحذّر من دخول سلالات جديدة منها آتية من الخارج، لافتاً إلى أهمّية الاهتمام بحقائب المغتربين أو المسافرين وثيابهم التي قد يضعونها مباشرة في الخزانات ما يُؤدّي إلى تكاثر الحشرة في حال وجدت فيها، لذلك لا بدّ من تعريضها للشمس وتنظيفها جيّداً قبل وضعها في أيّ مكان آخر، فالحلّ بسيط يقوم على التعقيم والتهوية، بدلاً من الاهمال الذي يسمح بانتشارها في الفراش، الكنبة، والثياب.

ولا تحتاج هذه الحشرة إلى مبيدات مضرّة أو غير مضرّة للبيئة، ووفق نمر فإنّ “بيف باف” أو أيّ دواء تقليديّ قد يقتلها، وبالتالي فإنّ بعض السيّدات قد يلجأ إلى أفكار تقليدية للتخلّص من الحشرات وقد ينجح في ذلك، كاستخدام الكاز مثلاً، وغيرها من الأساليب الروتينية، وهو ما يُشدّد عليه مصدر بيئيّ يُحذّر ممّا وصفه بـ “تجار المبيدات”، ويقول: “بعض مطلقي الشائعات قد يُروّج لانتشار الحشرات فيقوم بتخويف النّاس منها وإثارة قلقهم من تداعياتها، وبالتالي لا يقتصر أمره على التحذير فحسب، بل يبدأ بترويج فكرة اللجوء إلى المبيدات، وأكثر ما نخشاه هو شعورنا بوجود صفقة مبيدات قائمة على التخويف للرش والترويج لمنتج معيّن، وبالتالي فإنّ أيّ حشرة مخيفة أو مثيرة للقلق، لا يُمكن أن يُعلن عنها وكيفية علاجها إلّا الوزارة المعنية أيّ البيئة، لكن أنْ يحلّ خبير أو خبراء مكان الدّولة، فلا يُمكن إلّا التشكيك بالنوايا”.

في الواقع، إنّ انتشار البقّ لا يُعدّ أمراً جديداً على لبنان، كما لا يُعدّ دخول السلالات الجديدة إلى البلاد أمراً غير متوقّع “وهذا ما حدث منذ أعوام مع شركة جاءت بعمّال من الخارج، ووضعت لهم فرشاً تحتوي على البق الذي يتغذى أساساً بدماء الانسان والحيوانات، ويُؤدّي إلى حدوث حكّة أو حساسية مفرطة لأنّها قد تحمل معها عدوى بكتيرية مؤذية للانسان وقد تُؤدّي إلى انتشار البقع في أنحاء الجسد”.

هذه الحشرة التي يبلغ طولها ما بين 4 مليمترات ونصف سنتم ولونها بين البنيّ والأسود، تخاف من النور ولكن إنْ وجدت في المنزل، فهي تختبئ في أماكن مظلمة (تحت الكنبة، تحت الفرشة، في زوايا خشبية) لكنّها تظهر وتسير ليلاً. ويتوقّع نمر أن يكون انتشارها مرتكزاً على المناطق الساحلية أكثر من الجبلية، نظراً الى ارتفاع درجة الحرارة فيها، “فهي تموت في الأجواء الباردة جداً ولا تقتلها درجة البرودة الموجودة في الساحل التي تبقى أكثر دفئاً، ونكرّر أنّها ليست حشرة جديدة، لكن يبقى القلق من السلالة الجديدة الآتية من الخارج لا أكثر، والحلّ المطروح قائم على التنظيف”.

شارك المقال