ذنبهم البراءة… كيف يتقبّلون الموت؟

ليال نصر
ليال نصر

وصل تجسّد الاجرام الاسرائيلي من غزة إلى دماء الأطفال في لبنان حيث استشهدت ثلاث فتيات ريماس وتالين وليان شور في بلدة غدماثا الواقعة بين عيترون وعيناتا. وبدأ أطفالنا الخائفون من مشاهد العنف والقتل والإجرام منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” يسألون: “لماذا يقتل هؤلاء الأطفال”؟ من هنا تكمن أهمية وعي الأهل وإدراكهم كيفية التعامل مع أطفالهم عندما يرون مشاهد القتل والدماء وأهمية تخصيص الوقت لهم ليفهموا ما حصل، ولندعمهم نفسياً ونعرّفهم على الاتفاقيات الانسانية والدولية وانتهاك العدو لها خلال الحرب.

يقول الأخصائي في الأمراض النفسية والعصبية د. فادي يازجي لموقع “لبنان الكبير”: “نحن نعرف أنه لا يجب تعريض الأطفال أصلاً لمشاهد كهذه، لذلك تعرض شاشات التلفزة بعض المشاهد بعد الساعة العاشرة ليلاً على اعتبار أن الأطفال ينامون في هذا الوقت وهذا عمل جيد. فالطفل لا يجب أن يرى كل الصور لأن وراء الصدمة نتائج الصدمة. فمشاهد العنف والحرب لا يجب أن يشاهدها الأطفال خصوصاً تحت عمر الثامنة لأن هؤلاء لديهم عالمهم الخاص ولا يجوز أن نشوّهه. أما بالنسبة إلى المراهقين الذين يشاهدون صور القتل والعنف، فهم نوعاً ما يكبرون ويرون بأنفسهم ومن وجهة نظرهم من دون تأثير أهلهم وسيطرتهم، لذلك من المفروض أن نعزز لديهم الروح الوطنية، وأن نشرح لهم أن الأرض ليست للاسرائيليين بل لأهل فلسطين والجنوب اللبناني وأن العدو يحاول أن يأخذ الأرض ويحتلها بالقوة”.

يضيف يازجي: “الطفل في عمر صغير جداً لن يفهم هذه الأمور لكن المراهقين الذين يرون هذه المشاهد يجب أن نشرح لهم كيف يتقبل الانسان الموت بصورة طبيعية أو إذا قام أحد بقتل أولادهم عن قصد”. ويمكننا فعل ذلك من خلال شرح معنى الجيش والمقاومة وتوضيحه وكيف أن هؤلاء لديهم الاستعداد للموت والشهادة ليحموا حدود بلدهم.

عندما نشرح ونفسّر كيف يقوم العسكري في الجيش اللبناني أو المقاومة اللبنانية بالتضحية في سبيل أرضهما ليدافعا عن حدود بلدهما، تصبح لدينا القدرة أكثر على التوضيح لهم كيف يقتل الفلسطينون لأنهم يدافعوم عن وطنهم وما معنى القضية الفلسطينية وكيف أن الدول المسماة بالدول العربية بحسب قول يازجي من رئيس جامعة الدول العربية إلى كل الدول، تصمت وتتفرّج فقط ولا أحد يفعل أي شيئ سوى لبنان من خلال مقاومته.

علينا أن نشرح كيف أن الاسرائيلي هو مغتصب الأرض التي ليست له وسارقها من أصحابها. وهنا نقوم بعمل المشابهة فعندما نشبّه الصورة في لبنان بفلسطين والمقاومة الفلسطينية ونوضح ذلك، سنرفع لدى أطفالنا الروح المعنوية وسيفهمون كيف ولماذا تقوم المقاومة الفلسطينية بالدفاع عن وطنها وسيدرك الأطفال أن واجب كل إنسان أن يقاوم إذا تعرّض بلده للاعتداء.

هكذا نرفع الروح المعنوية والوطنية عند المراهقين قبل مرحلة الرجولة، ونعدّ العدّة لمواطنين صالحين يفهمون واجباتهم إذا تعرّض لبنان للعدوان. هذه المقاربة بين فلسطين المحتلة ولبنان تعزز الروح الوطنية فيشعر الأطفال بالفخر لأن هناك شعباً يدافع عن وطنه على الرغم من الموت وهذا واجب.

بهذه الطريقة يقوى الأطفال والمراهقون بدل أن يضعفوا، ويتعلقون بوطنهم أكثر ويعرفون قيمة ومعنى أن يخسر الإنسان وطنه ويعرفون قيمة الوطن فنقلب هنا الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية ويأخذ أطفالنا العبرة من الحياة بأن الانسان لا يحك جلده إلا ظفره ولا يستطيع إلا الإتكال على نفسه، وهذه عبرة للحياة عموماً حتى لو لم تحصل حرب في لبنان، فهذا مفيد للأطفال ليفهموا “أن الناس حكاية وتنتهي، فكن لنفسك كل شيئ”.

شارك المقال