لبنان “مش موحد حتى بالمقاطعة”… وكلٌ يغني على ليلاه

منى مروان العمري

تجتاح حملة تحت شعار “هل قتلتَ اليوم فلسطينياً؟” عدداً من الدول العربية ومنها لبنان، بالتزامن مع الحرب على قطاع غزة، وهي مثال عن حملات عديدة تنطلق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، داعيةً الى مقاطعة المنتجات والشركات الداعمة لاسرائيل، كنوع من التضامن الاجتماعي ووسيلة للتعاضد في وقت الأزمات، وسلاح مجاني لمواجهة ما يُحاك ضدّنا، إذ تُعرف تجربة مقاطعة السلع والشركات “جماعياً” بتجربة ناجحة للتأثير على الشركات المستهدفة بصورة فاعلة.

لكن المواطن اللبناني يبقى في حيرة من جدوى الاستجابة الى مثل هذه الدعوات، ومدى تأثيرها سواءً على الشركات المستهدفة أو على الاقتصاد اللبناني أو حتى في تغيير نمط معين اعتاده اللبنانيون، وهذا الانقسام شمل الملبّي لهذه الدعوات والمُحايد ازاءها، إذ بات واضحاً أن هناك من استبدل المطاعم والمقاهي المشهورة وأبرزها “ستاربكس” بأماكن أخرى، وبين من اعتبر أن المقاطعة تضر بالمرتبة الأولى المؤسسات اللبنانية، وبين من يجد صعوبة في التخلي عن الشركات والسلع العالمية التي اعتادها ولا يستطيع استبدالها بسلع أخرى، وهو نفسه الذي لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية في البلد. وتختلف المواقف تجاه هذه الحملة في لبنان باختلاف العامل الفكري والثقافي والاجتماعي والتعدد السياسي والمناطقي، إذ لا قرار موحّداً تجاه المقاطعة، بل كلٌ يغني على ليلاه.

3 نماذج مختلفة

يشارك العديد من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات تحثّ على المقاطعة كنوع من الضغط على اللبنانيين لاتخاذ هذا القرار أو تشجيع الآخرين على الاستمرار فيه.

ونجد بعض الأشخاص يؤمن بماهية المقاطعة، مثل محمود، وهو شاب لبناني من الشمال، أخذ قراراً مع رفاقه بمقاطعة الشركات والسلع العالمية واستبدالها بسلع محلية الصنع أو بديلٍ آخر (كالأردني والسوري والتركي والمصري)، وقام بحفظ لائحة المنتجات والشركات التي يجب أن يقاطعها أثناء شرائه حاجياته.

ويقول محمود لموقع “لبنان الكبير”: “بدأت بمقاطعة كل المنتجات التي تدعم إسرائيل وحلفاءها، لا نريد منهم أن يستغلوا أموالنا ليقتلوا الفلسطينيين والأبرياء، فالمقاطعة هي من أفضل الطرق التي يمكن اتباعها لعدم تكرار المجازر والابادة بحق الفلسطينيين، ومبادرة لكسر الشركات الكبيرة وإضعاف قوتها المهيمنة بالاضافة الى تنشيط إقتصادنا المحلي ودعم المنتجات العربية والمحلية”.

وعلى مقلبٍ آخر، تقول هدى وهي أم لبنانية تعيش في بيروت: “لا أستطيع الاستغناء عن الماركات العالمية وخصوصاً الغذائية منها أو مواد التنظيف، كما لا أتقبل شراء البدائل عنها، فهي ليست بالجودة والنوعية نفسها، ولا أشعر بأن امتناعي عن شراء الماركات المعروفة سيؤثر على اقتصاد أميركا وإسرائيل، بل هما دولتان أقوى من أن تتحكم بهما سلعة أو منتج، وخصوصاً في لبنان ذي التأثير البسيط والقدرة الشرائية المحدودة”.

لكن يرى البعض الآخر أن المقاطعة ستضرّ الشركات اللبنانية، خصوصاً أن أصحاب هذه العلامات التجارية الضخمة هم في المقام الأول لبنانيون، ويعتبرون أن هذه الحملة إذا استمرت فستهدد بتشريد آلاف العمال والموظفين وخسارتهم مصدر رزقهم في ظروف اجتماعية واقتصادية شديدة القسوة.

بحصلي: المقاطعة تضر الاقتصاد اللبناني أولاً

وفي هذا الاطار، يؤكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي لموقع “لبنان الكبير” أن “حملة المقاطعة تضرّ بالمرتبة الأولى الاقتصاد اللبناني لأن بعض الشركات لبناني في الأساس وأصحابه لبنانيون والعاملون فيها لبنانيون، وبالتالي فان مقاطعة هذه الشركات تترتب آثارها السلبية على الاقتصاد اللبناني ويلحق الضرر بها أكثر بكثير من التأثير المطلوب على الاقتصاد الاسرائيلي أو الأميركي، فإذا أردتم المقاطعة، ابدؤوا بالتلفونات التي بين أيديكم وتعود بالمحصلة إلى شركات أميركية أو أجنبية تدعم إسرائيل وليس مقاطعة شركات معينة فقط”.

المقاطعة في الدول العربية

في قطر، اضطرت شركات غربية الى الاغلاق بعد أن قامت إداراتها بنشر محتوى مؤيد لاسرائيل على شبكات التواصل.

وفي مصر، لاقت شركة المياه الغازية المصرية “سبيرو سباتس”، التي كانت شعبيتها ضئيلة جداً، رواجاً كبيراً كبديل للعلامتين الشهيرتين “بيبسي” و”كوكاكولا”.

في الأردن، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تشير إلى العلامات التجارية التي تتهم بأنها تدعم إسرائيل مع شعار “لا تساهم في ثمن رصاصهم”.

أما في ليبيا، فقد دعا مجلس البحوث والدراسات الشرعية في دار الافتاء الليبية إلى مقاطعة الدول الداعمة لاسرائيل، مؤكداً أن نصرة أهل غزة واجب شرعي على جميع المسلمين سواء بالمال أو السلاح أو بالمقاطعة الاقتصادية والديبلوماسية والتظاهر في الميادين.

وتشهد الساحة الكويتية الكثير من الدعوات العفوية والمنظمة أيضاً للمقاطعة، والتي تستهدف دعم صمود أهالي غزة والشعب الفلسطيني، وذلك من خلال مقاطعة المحال والسلاسل التجارية التي يعرف عنها دعمها للاحتلال الاسرائيلي.

شارك المقال