المنخفض القادم ينهي صيف ما بين “التشرينين”

عبدالرحمن قنديل

“بين تشرين وتشرين صيف تاني”، أو ربما كنا نظن لأنه “صيف كامل ومتكامل” وهذا ما هو مستغرب بعيداً عن السياسة والأوضاع المعيشية، بحيث بات الطقس نفسه بمثابة لغز خاص عجز اللبنانيون عن حله، وعدا الشكوى الروتينية من موجات الحر الذي حملها معه الصيف وتدرجاتها وإرتفاع وتيرتها، بات السؤال المحيّر”وين الشتوية”؟

شكلت حرارة صيف 2023 وكوارثه البيئية خطراً وجودياً ليس في لبنان وحسب، إنما أيضاً على صعيد العالم، واعتبر شهر حزيران الماضي الأكثر دفئاً على كوكب الأرض، ولكن إمتداد فصل الصيف مع موجاته الحارة التي عانى اللبنانيون من إشتدادها وتزامنت مع إستمرار واقع لبنان وأزماته على حاله واستحواذ الصيف بصورة كاملة على شهري تشرين الأول والثاني بمعزل عن “الشتوات” المتفرقة التي لم تصمد الا لأيام معدودة ونتيجتها كانت “طوفان المناطق” لساعات، كل ذلك جعل اللبنانيين يستذكرون “أيام الشتوية” وموسم إنطلاقة الشتاء المعتادة.

لطالما كانت أولى تجليات فصل الشتاء، مع الخريف الذي يمهد لقدومه قبل أن يأتي في أيامنا هذه دفعة واحدة ومن دون موعد، ولطالما تميز فصل الخريف بهبوط ملحوظ في درجات الحرارة، وتصبح السماء فيه غائمة، وأحياناً ممطرة، ومثلجة أحياناً أخرى في أواخر الفصل، ومع ذلك قد يصدف أن تكون الأجواء صافية ومشمسة خلال عدة أيام خصوصاً في أوائل الفصل، الذي كان يطل إبتداء من منتصف شهر أيلول أو أواخره مروراً بشهري تشرين ليكون ممهداً للشتاء الذي يتوج قدومه بكانونه الأول رسمياً.

بالتزامن مع الحديث عن منخفض جوي قادم إلى لبنان وأنه سيكون بداية “الشتوية”، أين هو موسم الشتاء؟ وماذا يخبئ هذا العام؟

لفت رئيس دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي عبد الرحمن زواوي في حديث لـ”لبنان الكبير” إلى أن “من الطبيعي أن يتأخر فصل الشتاء بإعتبار أننا في نصف تشرين الثاني وكمية الأمطار لا تزال أقل من المعدل العام”.

وكشف زواوي أن “في مثل هذه الأوقات ومنذ سنوات تحصل لدينا فترة إنحباس في الأمطار منذ آخر شهر تشرين الأول إلى نصف شهر تشرين الثاني، أي أنها ظاهرة حاصلة قبل ذلك”.

وقال: “بالنسبة إلى شهري أيلول وتشرين الأول كانت هناك أمطار أكثر من المعتاد وتأتي في بعض الأحيان غزيرة تعطي أرقاماً عالية، ولكن الأمطار التي تتساقط هي نتيجة تقلبات في الكتل الهوائية ما بين الدافئة والباردة لأنها تعتبر فترة إنتقال من الصيف إلى الشتاء من خلال الخريف، لذلك نشاهد تقلبات كثيرة في هذه الفترة وتبادل الكتل الهوائية بين الشمال والجنوب وهذا يؤدي إلى عدم توازن بين طبقات الجو وإلى أمطار غزيرة أحياناً لذلك هذا لا يعني أن فصل الشتاء قد تأخر”.

وأكد “أننا بدأنا بالاقتراب إبتداء من نصف تشرين الثاني من درجات الحرارة المعتادة، التي كانت حتى تشرين الأول إلى الفترة الأولى من تشرين الثاني أعلى من المعدلات الطبيعية لهذا الشهر”.

أما بالنسبة إلى المنخفض الجوي القادم، فأشار زواوي الى أن “المنخفض بالنسبة الى شهر تشرين الثاني سيكون جيداً لا نستطيع أن نجزم بأنه إستثنائي أو مميز لأن المنخفضات الجوية القوية كانت تأتي إجمالاً في شهر كانون الأول وهذا ما يدل على أن الشتاء ليس بعيداً، بالعكس تماماً يمكن أن يشكل بداية إنطلاق للموسم، لأنه بهذا الزخم الذي يحمله الشتاء يدل على أن المنخفض الجوي نزل من المناطق الشمالية أي أوروبا الغربية والشرقية بإتجاه حوض شرق المتوسط أكثر من المعتاد ولكن هل هذا المؤشر قابل للاستمرار لاحقاً؟”.

أضاف: “الكتل الهوائية الباردة والمنخفضات الجوية بدأت تتكون قريباً من الحوض الشرقي للبحر المتوسط بعد ما شهدناه من مرتفعات جوية كانت السبب في إبعاد هذه المنخفضات الى شمال أوروبا وشمال فرنسا. والمنخفض الجوي سيكون واسع الاطار والكتل الهوائية ستكون باردة جداً مسيطرة على اليونان وتركيا وجنوب إيطاليا وتتجه إلى المتوسط وتأثيرها سيكون أكثر وضوحاً إبتداءً من يوم الجمعة بصورة متقطعة، وبصورة قوية إبتداءً من مساء السبت أي أن نهار الأحد هو النهار الذي سينال النصيب الأكبر من غزارة الأمطار خلال هذه الفترة وسيستمر حتى ظهر الاثنين ومن ثم نعود إلى درجات الحرارة الطبيعية لشهر تشرين الثاني”.

شارك المقال