في يومه العالمي.. الطفل الفلسطيني ليس محمياً في حرب غزة

منى مروان العمري

يحلّ اليوم العالمي للطفل في 20 تشرين الثاني هذا العام، وهو أكثر دموية، وقتلاً وجرحاً وفقداً وانتهاكاً بحق الطفل الفلسطيني بكل ما تعنيه القوانين والحقوق والتشريعات والأخلاقيات من معنى. وتخيّم هذه المناسبة اليوم بلباسٍ أسود على الأطفال الفلسطينيين الذين لا يتمتعون بأدنى حق من حقوقهم، فمنذ السابع من تشرين الأول الفائت، استشهد أكثر من 5500 منهم في قطاع غزة على يد القوات الاسرائيلية، في حين هناك 1800 في عداد المفقودين، إلى جانب آلاف الجرحى وعشرات الآلاف ممن دُمرت منازلهم واستشهد أهاليهم. وبات حال الطفل الفلسطيني بين شهيدٍ وجريح وجائعٍ ومفقود، يلخَّص بأعنف المشاهد وأقساها لهذا العام.

تاريخ الاعلان

أعلن عن اليوم العالمي للطفل سنة 1954 باعتباره مناسبة عالمية لتشكيل نقطة ارتكاز مُلهمة للدفاع عن حقوق الأطفال وتعزيزها وترجمتها إلى نقاشات وأفعال لبناء عالم أفضل لهم. وفي العام 1989، اعتمدت الجمعية العام للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل التي ضمّت 54 مادة تُفصّل حقوق هذه الفئة، بينما بات حلم الأطفال الفلسطينيين منذ السابع من تشرين الأول يقتصر على الحصول على حقهم المكفول في المادة السادسة لا أكثر من هذه الاتفاقية، إذ تنص على اعتراف الدول الأطراف بأن “لكل طفل حقّاَ أصيلاَ في الحياة وأن الدول الأطراف تكفل إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموّه”.

ليسوا مجرّد أرقام

تسبّبت الحرب الحالية بإلحاق خسائر فادحة بالقطاع الفلسطيني المحاصر، ووفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” فإن “ما يقرب من 40% من الأشخاص الذين لقوا حتفهم جراء الضربات الجوية الاسرائيلية على القطاع، هم من الأطفال”.

ويعدّ سكان غزة – البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة – من بين السكان الأصغر سنّاً في العالم، ونصفهم تقريباً تحت سنّ 18 عاماً، وفقاً لمكتب المراجع السكانية غير الربحي في واشنطن.

وأفاد مدير منظمة “أنقذوا الأطفال” الخيرية، جيسون لي في الداخل المحتل، سابقاً، بأن “غزة أصبحت مقبرة للأطفال، مع مقتل أو إصابة أكثر من 400 طفل كل يوم”، معتبراً أن “الأرقام مروعة، ولا يزال العديد من الأطفال معرّضين لخطر جسيم مع استمرار العنف في غزة”.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية والعديد من وكالات الأمم المتحدة الأخرى بما في ذلك “اليونيسف”، أن “العمليات العسكرية الاسرائيلية تتسبب بخسائر غير متناسبة بين النساء والأطفال، والأطفال حديثي الولادة في غزة”، فيما قال مسؤولون طبيون في غزة: “إن هؤلاء يمثلون 67% من إجمالي القتلى”.

وأشارت منظمة الصحة العالمية في وقتٍ سابق الى أن “عمليات القصف، والمرافق الصحية المتضررة أو غير العاملة، ومستويات النزوح الهائلة، وانهيار إمدادات المياه والكهرباء، فضلاً عن القيود المفروضة على الوصول إلى الغذاء والأدوية، تؤدي إلى تعطيل الخدمات الصحية للأمهات والأطفال حديثي الولادة بشدة”.

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة المتخصصة بعلم النفس في جامعة بيروت العربية هيلغا علاء الدين لموقع “لبنان الكبير” أن “الأطفال مثلهم مثل الكبار يتعرّضون للعديد من الصدمات وتختلف الاستجابة لها باختلاف عوامل عدة. ولعل أبرز هذه الصدمات وأعنفها هي الحروب، ومما لا شك فيه أن الحروب تؤثر على جميع الفئات ومنها الأطفال على وجه الخصوص، إذ يتأثرون ويقلقون ويحزنون، فالحروب تؤثر عليهم جسمياً ونفسياً، ويبقى دور الوالدين في هذه المرحلة مهماً جداً لتقديم الدعم وتوفير الأمان لهم، بينما تصبح الأمور أكثر تعقيداً في حال كان الأهل غير موجودين”.

وأوضحت أن “الحرب تعد من إحدى الصدمات التي تغيّر الطفل ليصبح أكثر عدوانية وأكثر حزناً وأكثر غضباً وأكثر خوفاً، فتتسبب بظهور إضطرابات عديدة أبرزها اضطراب ما بعد الصدمة الذي لديه العديد من الأعراض منها شعور الطفل بالاستياء كلما استرجع في ذاكرته مشهديّة الحرب التي عاشها في تلك الفترة، بالاضافة الى تجنّب الاكل ورفض التواصل مع الاخرين والتبول اللاارادي ومص الأصابع وغيرها من الأعراض”.

وأشارت إلى أن “الحرب يمكن أن تؤثر بصورة سلبية من الناحية الاجتماعية على الطفل، إذ تدفعه الى الانعزال عن المجتمع والانسحاب وعدم التفاعل، بالاضافة الى أنها تخلق لديه نوعاً من العدوان الاجتماعي والأذى تجاه نفسه أو تجاه الآخرين، ويمكن أن يتحول فيما بعد الى شخص قاسٍ أو متبلد عاطفياً، ولكن ليس كل الاطفال يتأثرون بالشكل نفسه، ولكل طفل طريقته في الاستجابة للأحداث التي يعيشها في الحرب وما بعدها وهذا يختلف بحسب السمات الشخصية وعوامل أخرى”. وقالت: “لا داعي للاستغراب في حال أصبح الطفل بهذه الحالة، هذا ما تخلّفه الحروب من أزمات واضطرابات ترتب آثاراً جسيمة على الأطفال”.

انتهاك القانون الدولي

بموجب القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف الرابعة واتفاقية حقوق الطفل، فإنّ الأطفال محميون خلال فترات الحروب وأيّ جريمة تُرتكب بحقّهم يفترض فتح تحقيق جدّي وحيادي بشأنها، حتى لو كانت هناك أي مخالفة قام بها الطفل فهو لا يعتبر مجرماً، لأنّه غير كامل المسؤولية.

في حين قال المدير المشارك لقسم حقوق الطفل في “هيومن رايتس ووتش” بيل فان إسفلد سابقاً: “تقتل القوات الاسرائيلية الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال بوتيرة متزايدة. ما لم يضغط حلفاء إسرائيل، لا سيما الولايات المتحدة، على إسرائيل لتغيير مسارها، فسيُقتل المزيد من الأطفال الفلسطينيين”.

شارك المقال