الأطفال ضحايا الأزمات العالمية وغزة ساحة كوارث

حسناء بو حرفوش

بالتوازي مع الاحتفاء باليوم العالمي للطفل، طفت إلى السطح تحذيرات من الأزمات العالمية التي تؤثر على سلامة الأطفال في جميع أنحاء المعمورة والتي تذكر بخرق الاتفاقات الدولية وتعوق التعليم الجيد والحماية والتغذية والرعاية الصحية. ويمكن اختصار هذه الأزمات بخمس وفقاً لتقرير لمنظمة الاغاثة، يلحظ نزوح أكثر من 110 ملايين شخص حول العالم، نصفهم من الأطفال المستغلين في أوقات النزاع. وعلى الرغم من أن القانون الانساني الدولي نصّ على حماية الأطفال خلال فترات الاضطرابات هذه، قُتل ما يقرب من 3000 طفل في 24 دولة متأثرة بالصراعات في العام 2022.

غزة بؤرة الكوارث

الصراع في غزة كان كارثياً بالنسبة الى الأطفال، بحيث قُتل أكثر من 4500 وفقد نحو 1500 طفل، إما محاصرون أو فقدوا حياتهم تحت الأنقاض. وبالاضافة إلى الأذى الجسدي، لا يتمكن أكثر من 625 ألف طفل من الوصول إلى التعلم الآمن. وقد تضررت أكثر من نصف مدارس غزة نتيجة للهجمات، وجميعها مغلقة بسبب النزاع. ويعاني مئات الآلاف من الأطفال في غزة من الدمار والتشريد على نطاق واسع، وهم بحاجة ماسة الى الدعم في مجال الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي.

وغالباً ما يجد الأطفال الذين يضطرون الى الفرار من منازلهم بسبب النزاع أنفسهم في حالة من عدم اليقين لفترات طويلة من الزمن. ويقضي اللاجئون في المتوسط، 20 عاماً منً دون مأوى مستقر، في حين يعاني النازحون داخليا من النزوح لمدة 10 سنوات في المتوسط. ويولد العديد من الأطفال وينشأون في مستوطنات اللاجئين والنازحين داخلياً والتي غالباً ما تفتقر إلى إمكان الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية المناسبة.

تغير المناخ عائق آخر

بالاضافة إلى ذلك، يؤثر تغير المناخ على الحياة في جميع أنحاء العالم. على الرغم من مساهمتهم الضئيلة في انبعاثات الكربون، يتأثر الناس وخصوصاً الأطفال في المجتمعات المتأثرة بالصراعات والمعرضة لتغير المناخ، بصورة غير متناسبة بتغير المناخ. على سبيل المثال، على الرغم من أن الصومال وإثيوبيا وكينيا لا تطلق مجتمعة سوى 0.1% من إجمالي انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية، تتصارع مجتمعات شرق إفريقيا مع أزمة إنسانية حفزتها سلسلة من الصدمات المناخية. وأثرت حالات الجفاف الشديدة والمطولة على أكثر من 40 مليون شخص، ما أدى إلى القضاء على توافر المياه الصالحة للشرب والمحاصيل والماشية. وحالياً، تضرب العواصف المتقلبة والفيضانات المنطقة، ما يؤدي إلى تكثيف احتياجات المجتمعات المعرضة للمخاطر المناخية. ويفتقر أكثر من 23.8 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب، ويواجه 2.2 مليون شخص انهيارات أرضية وفيضانات مدمرة.

وتأتي العواقب على صحة الطفل وخيمة بحيث يؤدي الجفاف إلى زيادة معدلات سوء التغذية، وخصوصاً بين الأطفال في المجتمعات المتضررة من النزاع. كما أن الفيضانات تلوث مصادر المياه بمياه الصرف الصحي، ما يجعلها غير آمنة وتزيد من خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه. لا يزال ما يقرب من 300 ألف طفل في ليبيا يواجهون خطراً متزايداً للإصابة بالإسهال والكوليرا بالاضافة إلى الجفاف وسوء التغذية بعد أن جرفت الفيضانات الشديدة أحياء بأكملها. ويواجه الأطفال الذين انفصلوا عن أسرهم خطر الاستغلال والعنف بصورة متزايدة. ويتعطل تعليم الأطفال بسبب النزوح المستمر بسبب سوء المناخ.

سوء التغذية يهدد أكثر من 45 مليون طفل

على الرغم من أن سوء التغذية يتخذ أشكالاً عديدة، يبقى سوء التغذية الحاد هو الأكثر خطورة على الأطفال، اذ يضعف أجهزتهم المناعية، ما يجعل حتى الأمراض الخفيفة مثل الاسهال أو الحصبة قاتلة. ومن المؤسف أن ما يصل إلى مليوني طفل يموتون كل عام بسبب سوء التغذية الحاد، وحتى لو تعافوا، يعاني العديد من الأطفال من ضحاياه من انتكاسات في نموهم البدني والمعرفي. ويمكن لعوامل عديدة – بما في ذلك تغير المناخ والصراعات والأزمات الاقتصادية – أن تزيد معدلات الجوع وسوء التغذية.

الحواجز أمام التعليم

يعترف إعلان حقوق الطفل بالتعليم كحق أساس. ومع ذلك، هناك 250 مليون طفل وشاب في جميع أنحاء العالم خارج المدرسة حالياً. عشرات الملايين من الأطفال الملتحقين بالمدارس لا يطورون مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية. وإذا لم تتخذ خطوات لتعزيز الوصول إلى التعليم في جميع أنحاء العالم، فسيفتقر ما يقدر بنحو 835 مليون طفل إلى المهارات اللازمة للمساهمة في القوى العاملة بحلول العام 2035.

النزاعات واحتياجات الصحة العقلية

سيعاني واحد من كل خمسة أفراد متضررين من النزاع من حالات صحية عقلية خفيفة أو متوسطة أو شديدة، والتي قد تشمل الاكتئاب أو القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة أو الاضطراب ثنائي القطب أو الفصام. الأطفال الذين يعانون من أزمات خلال مرحلة حرجة من النمو يكونون عرضة للانتكاسات النفسية على المدى الطويل. ويمكن للأزمات مثل الفيضانات أو الحروب أن تسبب اضطرابات كبيرة في المرافق الصحية وتترك الأطفال من دون إمكان الوصول إلى الخدمات الطبية أو شبكات الدعم. وغالباً ما تكون البلدان المنخفضة الدخل هي الأكثر تضرراً من مثل هذه الأزمات، ولسوء الحظ، ليست لديها أنظمة قوية لرعاية الصحة العقلية. وفي البلدان المنخفضة الدخل، هناك عامل واحد فقط في مجال الصحة العقلية لكل 100 ألف شخص، وهو ما يتناقض بصورة صارخة مع البلدان المرتفعة الدخل التي لديها أكثر من 60 عاملاً في مجال الصحة العقلية لكل 100 ألف شخص.

شارك المقال