معرض بيروت العربي للكتاب… جزء من هوية لبنان الثقافية

حسين زياد منصور

في دورته الـ 65 وتحت شعار “أنا أقرأ بتوقيت بيروت”، افتتح معرض بيروت العربي للكتاب عند الواجهة البحرية لبيروت كما في كل عام، الا أنه هذه المرة يتزامن مع العدوان الاسرائيلي على غزة وعملية “طوفان الأقصى”.

هذا المعرض الذي أصبح جزءاً من هوية بيروت ولبنان الثقافية، لا يزال صامداً حتى اليوم على الرغم من كل المشكلات والأزمات التي عصفت بالبلد، واليوم في ظل العدوان على غزة وتوتر الأجواء في الجنوب اللبناني، المعرض مستمر، وان دل ذلك على شيئ، فانما يدل على إصرار اللبنانيين على أن تبقى بيروت كما كانت سابقاً مركزا استقطاب للكلمة الحرة والفكر.

المعرض اليوم يجسد المقاومة الثقافية التي تعد عنصراً أساسياً في مواجهة العدو الاسرائيلي وما يقوم به وشركاؤه من تضييق للحريات وتزوير للحقائق والتواريخ.

هذه السنة يضم المعرض عدداً من النشاطات والندوات والتكريمات والعروض المسرحية المخصصة للأطفال، ولعل أبرزها اللقاء التكريمي لمناسبة مئوية الشاعر السوري الكبير نزار قباني، وكذلك الندوة التي تتحدث عن الموسيقار المصري الراحل سيد درويش، ودوره في تطوير الموسيقى العربية، وعبقريته في التأليف والتلحين. الى جانب العديد من الندوات الأخرى حول الرحابنة وأدباء أمثال ميخائيل نعيمة وصحافيين وكتاب مثل طلال سلمان وطه حسين، فضلاً عن اطلالة حوارية مع المسرحي اللبناني رفيق علي أحمد.

ومن أهم ما يقدمه المعرض أيضاً ما يتعلق بالأحداث التي نعيشها في لبنان، من توترات عند الحدود مع فلسطين والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، ومنها إصدارات عدة عن بعض دور النشر من مجموعات قصصية وندوات عن النهضة العربية.

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” يعتبر أحد المشاركين الأساسيين في المعرض أن استمراره في ظل كل الظروف المحيطة هو أمر مهم وضروري، وأن اللبنانيين دائماً يحبون الكتب والقراءة والتثقف، “خصوصاً أن معرض بيروت العربي يشكل ساحة للحوار والتلاقي والنقاشات بين اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم ومذاهبهم”.

ويشير الى أن “هذا المعرض أصبح جزءاً من التراث الثقافي لبيروت، التي تصدح بالعلم والفن والمعرفة والمحبة والسلام، فمنذ عشرات السنين والمعرض لا يزال مستمراً على الرغم من كل المصائب التي عشناها”.

ويحث الناس على المجيء الى المعرض، “لإنماء روحهم وثقافتهم من أجل استكمال بناء المجتمع الواعي، والحفاظ على بيروت عاصمة للفكر والثقافة والابداع”.

الكاتب عبد الحليم حمود ناشر “دار زمكان” يقول: “ان معرض الكتاب هو عمل مقاوم، واليوم حروب العالم هي حروب حضارية، وجوهر الشرق والغرب، هو ما تقدمه للناس وكيف ينظر الآخرون الينا، ونحن اليوم كأمة ليس كلبنانيين فقط، لسنا في أفضل الحالات. ومن الضروري أن نكون ملتصقين بالمعرفة والكتاب والثقافة والمعارض، لكسر الصورة النمطية المأخوذة عنا”.

ويشير الى أن “الكتب ومعرض الكتاب وان لم يكونوا على صلة مباشرة بما يحصل في غزة، الا أن جوهر المعرض يصب في هذا الصدد، لذلك في أي وقت يقام فيه معرض الكتاب فهو فعل مقاوم”، داعياً الناس أقله الى “التعامل مع المعرض كما يتعاملون مع المقهى والمطعم، بمعنى فليعتبروا الكتاب وجبة واحدة للدماغ، كما أنه معرض سنوي والعلاقة مع المطاعم والمقاهي شبه يومية، فليساووا بينها، وهم راضون بذلك”.

ويرى حمود أن “الكتاب ليس بخير لا في العالم العربي ولا في العالم، وهذا ما علينا تقبله كونه كان المصدر الوحيد للمعرفة، ثم دخلت الإذاعة والسينما والتلفزيون والانترنت والانفجار الكبير المعرفي الذي خلفه مع وجود بعض الأمور السخيفة والساذجة، الا أن عالم المعرفة لم يعد مقتصر على الكتاب”.

اما كريم الحلبي صاحب “مكتبة الحلبي” المشاركة في المعرض فيوضح أن “مكتبتنا عمرها 65 سنة، قمنا بتجديدها، لأننا لا نزال نرى أن للكتاب قيمة، ويظهر لنا الوجه الثقافي للبنان، الذي كان من أوائل بلدان الشرق الأوسط في نشر الكتب وطباعتها والتي تعد وسيلة لتغذية العقل وتحرر الأوطان”.

ويحض الناس على المجيء الى المعرض لأنه من خلال الكتب والقراءة والتصفح بإمكانهم معرفة الكثير عن التاريخ والأجيال، مشيرا الى أنه سيتم توقيع كتاب “أعراس يوم القيامة” وهو اصدار جديد للكاتب عدي لزية، الى جانب قراءة للأطفال من كتاب يحمل اسم “من بلد اسمه فلسطين”.

شارك المقال