في اليوم العالمي للقضاء عليه… “لا عذر” للعنف ضد المرأة

حسين زياد منصور

لا يمكن نكران تزايد العنف ضد النساء خلال الفترات الماضية، ليس في لبنان وحسب، بل حول العالم أيضاً، فبحسب التقديرات هناك 736 مليون امرأة على مستوى العالم، أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريباً وقعن ضحايا للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن.

تتفاقم هذه الأزمة في العالم ولبنان، ويعود ذلك الى أسباب عدة، من العنف المنزلي والأسري والعنف الجنسي وذلك الذي يقوم على أساس التفرقة بين الجنسين، وقتل الاناث والمتاجرة بهن، هذه كلها من أشكال العنف التي لا تزال تواجهها المرأة اليوم في عصرنا، مع العلم أنها أصبحت شريكة رئيسة في بناء المجتمعات واستمراريتها.

ووسط كل ذلك، تزداد المطالبة بضرورة القضاء على هذه الانتهاكات، والتي هي في الوقت نفسه انتهاكات لحقوق الانسان، وتنعكس سلباً على الحالة العامة في المجتمعات.

هذه السنة يطل اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة تحت شعار #لا_عذر، ويمتد نشاطه لـ 16 يوماً، من 25 تشرين الثاني حتى 10 كانون الأول، اليوم العالمي الذي يحتفى به لحقوق الانسان.

برو: على المرأة أن تعرف حقوقها

المحامية والناشطة مريانا برو تشير في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى “ما تتعرض له النساء في العالم وليس في لبنان فقط، واليوم خصوصاً في غزة، حيث سقطت كل شعارات حقوق الانسان والطفل والمرأة، لما يتعرضون له من دون أي تحرك دولي وأي احترام لشرعة حقوق الانسان”.

وتوضح برو أن “المرأة في مجتمعاتنا تطورت عن قبل، وأصبح عندها وعي اجتماعي وحقوقي لحقوقها، فبالتأكيد هناك الكثير من جرائم القتل والتحرش والاغتصاب وجرائم ما يسمى الشرف والعار التي تحصل مع النساء، لكن ليس كما كانت تحصل من قبل”، مستغربة “هذا الكم من الجرائم بسبب وجود السوشيال ميديا بحيث أصبح من الممكن أن تكون صفحة كل فرد على هذه المواقع رأياً عامات، لذلك يتم الاضاءة أكثر وأكثر على هذه القضايا، مع العلم أن نسبة الجرائم قبل ذلك كانت أكبر مما هي الآن لوجود الظلم وعدم قدرة المرأة على الكلام والتعبير”.

وتلفت برو الى أن “المرأة اليوم تتعرض للكثير من العنف الزوجي، ويتم الضغط عليها من خلال أبنائها وبسبب ذلك تخاف من الطلاق على الرغم من ارتفاع نسبته في مجتمعاتنا. والمهم الآن هو تعديل القوانين في حال لم تلغَ المحاكم الدينية، كي لا يتم مسك المرأة من يدها التي توجعها، أي أولادها”، مؤكدة “أننا نشهد الى جانب ذلك الكثير من حالات التحرش بالنساء في مراكز العمل وهناك العديد من الدعاوى في هذا الشأن، وكثيرات منهن تركن العمل بسبب التحرش ولم يرفعن دعاوى بخصوص ذلك خوفاً من النتيجة، وهنا يجب أن تكون هناك توعية كي يحفظن حقهن من خلال اللجوء الى القضاء”.

وتضيف: “في العديد من حالات قتل الرجال لزوجاتهم العقوبات لا تكون صارمة، ففي بعض الأحيان محكمة الجنايات لا تحكم بعقوبات صارمة، فيتم تمييز الحكم الا أنه بعد الضغط الشعبي والرأي العام يتغير. ومما لا شك فيه أن القوانين عدلت، ومنها ما تحسن، مثل قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف، وبعض المواد التي عدلت في ما يتعلق بالاغتصاب والتحرش، لكن يجب التغيير في فكر المجتمع والقضاء يجب أن يتشدد في العقوبات أكثر، والنساء يجب أن يعرفن أين هي حقوقهن”.

وتطالب بـ “ضرورة وجود برامج أكثر لتوعية النساء، الى جانب عمل الجمعيات في لبنان التي تدافع عن النساء والقاصرات، وأن تكون هذه البرامج موجهة الى الحلقة الأضعف، وليس الينا نحن الذين نعرف كل هذه الأمور، بل الى الناس المعرضين للخطر ولهذه المشكلات”.

أبي فرّاج: الاستثمار لمنع العنف ضد المرأة

الناشطة وعضو مجلس قيادة الحزب “التقدمي الاشتراكي” مروى أبي فرّاج تقول في حديث لـ “لبنان الكبير”: “ان أوجه العنف ضد المرأة تتعدد وخصوصاً في لبنان، والحل يكمن في هذه المشكلة العالمية أيضاً على صعيدين، صعيد الثقافة الاجتماعية، النفوس والنصوص. النفوس، أي تغيير منهجية التفكير لدى المجتمع اللبناني، كيف يرى المرأة وحقوقها والمساواة الجندرية بين الجنسين من حيث الحقوق والواجبات. اما على صعيد النصوص، فهي تشرع أو تترجم بالقوانين المجحفة بحق المرأة حول العالم عموماً وفي لبنان خصوصاً، وطبعا الأمثلة كثيرة”.

وتوضح أن “من القوانين المهمة التي نحبذ أن يعمل عليها، القانون المدني للأحوال الشخصية، ومن خلال ذلك تحصل المرأة على حقها ليس بحسب دينها بل تكون هناك مساواة بين المرأة والمرأة بغض النظر عن الديانة التي تنتمي اليها”، مشيرة الى أن الشعار هذه السنة بمناسبة اليوم الدولي للعنف ضد المرأة يأتي بعنوان الاستثمار لمنع العنف ضد النساء والفتيات، تحت هاشتاغ “لا عذر” أي أن لا عذر للعنف ضد المرأة، لا سياسياً ولا مجتمعياً ولا قانونياً ولا حتى دينياً.

وتضيف: “هذا العنوان نحن كحزب تقدمي اشتراكي، نشد عليه ويعد كبند سنتبناه، اذ يتم تخصيص 5% فقط من المساعدات الحكومية العالمية لمكافحة العنف ضد المرأة، ويتم استثمار أقل من 0.2% في الوقاية منه، وهذه الأرقام خطيرة جداً على مستوى العالم”.

وتوجه أبي فرّاج رسالة إدانة الى الأمم المتحدة، “لازدواجية المعايير في التعاطي مع موضوع المرأة خصوصاً عند التكلم عن النساء في غزة والفلسطينيات والأسيرات اللواتي يتعرضن للعنف، وأن لا عذر لتعنيف النساء في غزة مع ادانة ازدواجية المعايير في حقوق الانسان، التي تبقى نفسها وحقوق المرأة جزء لا يتجزء منها”.

وتشدد على أن “علينا جميعاً في لبنان كأحزاب ومكونات النهوض بهذا الموضوع، والمشاركة في حملة الـ 16 يوماً بخصوص اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والذي يبدأ في 25 تشرين الثاني وينتهي في 10 كانون الأول، كي نحتفل جميعاً فعلياً بحقوق الانسان وليس كلامياً فقط”.

شارك المقال