عقار “أوزمبيك” مغشوش… “الصحة” تحقق في حالات تسمم والضحية واحدة

منى مروان العمري

هل تسلل عقار “أوزمبيك” المغشوش إلى الصيدليات في لبنان؟ سؤالٌ يدور في أذهان الكثيرين بعدما أفاد مسؤولون في قطاع الصحة بأن 11 شخصاً تعرّضوا لنوبات من انخفاض نسبة السكر في الدم على نحو ينذر بالخطر هذا العام، وأنّ أحدهم نُقل إلى المستشفى للاشتباه باستخدامه حقنة مغشوشة من عقار “أوزمبيك” الذي تنتجه “نوفو نورديسك” لمرضى السكري. ويشتبه المسؤولون في أن الحقن التي أخذوها مغشوشة بعد اكتشاف اختلاف جرعاتها عن جرعات أقلام حقن “أوزمبيك” الأصلية، بحسب مسؤولي وزارة الصحة.

وتعدّ أزمة الأدوية في لبنان واحدة من الأزمات التي تفتك بالقطاع الصحي ومردها الفوضى العارمة والمتفشية في غالبية القطاعات. وإذا أُرغم المريض على تأمين دوائه بأيّة وسيلة كانت ومن أيّ مصدر كان، فكيف له أن يعرف ما إذا كان هذا الدواء الذي يشتريه من الخارج أو من السوق السوداء وتتخطى كلفته أحياناً مئات الدولارات، مغشوشاً؟

حقن مقلّدة

أشارت بيانات الاتحاد الدولي للسكري سابقاً الى أن ما يقارب 9% من البالغين في لبنان أصيبوا بالسكري في العام 2021، لذلك يلجأ العديد من مرضى السكري أو ممن ينشد النحافة الى استخدام عقار “أوزمبيك” باعتباره يساعد على تقليل كمية السكر التي يفرزها الكبد، ويبطئ خروج الطعام من المعدة، ويساعد الجمع بين هذه التأثيرات على خفض مستويات السكر التراكمي “آيه1 سي” (A1C) والسكر في الدم، وقد يساعد أيضاً في تقليل الشهية.

في حين أظهرت مقابلات أجرتها وكالة “رويترز” مع مسؤولين في جهات إنفاذ القانون ومكافحة الغش والصحة العامة، في تشرين الأول الماضي، أنه تم اكتشاف تداول عدد هائل من الحقن المقلّدة، بسبب الطلب المتزايد على أدوية “أوزمبيك” وغيرها من العقاقير التي تستخدم لإنقاص الوزن. وعثرت السلطات بالفعل على منتجات “أوزمبيك” المغشوشة في 17 دولة على الأقل، منها بريطانيا وألمانيا ومصر وروسيا.

الضحية واحدة

وأوضحت المسؤولة في وزارة الصحة العامة ريتا كرم لموقع “لبنان الكبير” أن “الوزارة بدأت بالتحقيق في الحالات، لكن لم تستطع تحديد مصادر الأدوية أو الأرقام التي تطبع على ملصقاتها، ما يسمح بتتبع تاريخ إنتاجها، الأمر الذي جعل من الصعب معرفة ما الذي تناوله المرضى أساساً”.

وقال مصدر طبي في أحد المستشفيات: “يتداول أطباء ومتخصصون في مجال الصحة والتغذية والعمليات المرتبطة بقص المعدة وغيرها، أن هناك نوعية من عقار أوزمبيك مغشوشة في الأسواق وتؤدي إلى تسمم جسم المريض، وهذه ليست بالاشاعات إنما هي وقائع حقيقية غير مستبعدة، فقد رصدنا سابقاً حالات عن وجود أدوية وعقاقير مغشوشة لمرضى السرطان في لبنان، لذلك نتوقع كل شيء في هذا البلد”.

أما أخصائية التغذية آلاء مكّاوي فأكدت أن عدداً من المرضى لديها أصيبوا بالتسمم جراء استخدامهم عقار “أوزمبيك”، مشيرة الى أن المرضى يعانون من عوارض غير اعتيادية في الجهاز الهضمي، منها الاسهال أو الامساك الشديدَين والقيء والغثيان وغيرها من العوارض.

المريض يدفع الثمن مرّتين

المريض في لبنان يدفع الثمن مرتين، مرةً ثمن صحّته ومرةً ثمن جيبته، فالمشكلة لا تقتصر على تزوير الأدوية وحسب، إنما تشمل جودة الدواء وطريقة حفظه وكيف يصل إلى المريض، وهذا ما أوضحه أحد الصيادلة لموقع “لبنان الكبير”، معتبراً أن “المتخصصين في الصيدليات الشرعية من واجبهم أن يتحققوا من المصادقات الحائز عليها الدواء من مختلف الوكالات الصحية الرسمية الكبرى، وعندما يكون الدواء من الوكيل مباشرةً فهذا يضمن سلامة الدواء 100%، وخصوصاً ذلك الذي يحتاج الى طريقة حفظ معينة مثل عقار أوزمبيك”.

أضاف: “إن المهرّبين الذين يعملون بطريقة غير شرعية، لا يهتمون بطريقة حفظ المنتج ولا بسلامة المريض فتكون الأدوية فاسدة وتفقد فاعليتها، وهدفهم الأساس هو الربح. وعقار أوزمبيك المهرّب يتخطى سعره الـ160 دولاراً بينما الموجود في الصيدليات الشرعية لا يتخطى سعره الـ10 ملايين ليرة لبنانية”. وهذه مفارقة واضحة كعين الشمس تظهر أن المريض يدفع الثمن مرتين وهو الضحية الوحيدة في هذه الدوّامة.

شارك المقال