10 ملايين دولار تعويضات لأهالي الجنوب… هل تتمكن الحكومة من تغطيتها؟

فاطمة البسام

أكثر من 1500 منزل تضررت في الجنوب جرّاء القصف الاسرائيلي الذي طال العديد من القرى الحدودية، و37 مبنى هُدمت بالكامل، و11 تعرّضت للحريق الكلي، استناداً إلى احصاءات مجلس الجنوب الذي أنهت الفرق المختصة فيه عمليات الكشف الأولية وجولاتها الميدانية على البلدات التي طاولها العدوان لاحصاء الأضرار في الممتلكات والبنى التحتية، وستتبعها جولة ثانية لمزيد من التفاصيل.

وسجّلت الفِرَق 75 سيارة سيستفيد أصحابها من التعويضات، إلى جانب عددٍ من الآليات (جرافات ورافعات…)، وعدد من قطعان المواشي التي نفقت. وفي ما يتعلق بالبنى التحتية، تبيّن تضرر ثلاثة خزانات مياه رئيسة في علما الشعب ويارين وطير حرفا، حيث استهدف العدو أيضاً ألواحاً للطاقة الشمسية تستخدم لتشغيل أحد خزانات المياه، إضافة إلى تضرّر مدرسة رسمية واحدة.

وأقرّ مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، أول من أمس، مبدأ التعويض على المتضررين مالياً وجسدياً جراء الاعتداءات منذ 8 تشرين الأول الفائت على البلدات الجنوبية. وجاء القرار، بعد تواصل في اليومين الماضيين بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و”حزب الله” الذي تولّاه النائب حسن فضل الله.

وأكد فضل الله في تصريح، أنّ “الحكومة ستوفر الاعتمادات اللازمة، ولديها سلَف مقررة سابقاً لمجلس الجنوب سيجري استكمالها، وهو ما جرى الاتفاق عليه مع رئيس الحكومة وبعد التواصل مع مجلس الجنوب”، لافتاً إلى أن “لا تعارُض بين ما ستدفعه الدولة وهو واجبها، وبين ما سيقدمه حزب الله، الذي لم ينتظر الاجراءات الحكومية، بل سارع إلى دفع مساهمات فورية للمتضررين القاطنين ليتمكنوا من البقاء في منازلهم، وبرنامجنا للمساعدة والإيواء مستمر بمعزل عن أيّ تعويضات أخرى سيحصل عليها أهالي القرى المتضررة الذين يستحقون مسارعة الجميع الى مساعدتهم، ومهما بلغ ما سيحصلون عليه لا يرقى إلى مستوى ما قدّموه من تضحيات”.

وعلم موقع “لبنان الكبير” من مصادر مجلس الجنوب أنّ ألف مليار ليرة (نحو 10 ملايين دولار) هي القيمة الاجمالية لما يُتوقّع أن يدفعه المجلس تعويضاً عن الأضرار الناجمة عن العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان، بعد تعديل قيمة التعويضات لتساوي تلك التي حصل عليها المتضررون جراء عدوان تموز 2006. أما الخطوة الأهم فتمثّلت في موافقة مجلس الوزراء على اقتراح مجلس الجنوب تعديل قيمة التعويضات بالليرة اللبنانية التي لا تزال تُحتسب وفق سعر صرف 1500 ليرة للدولار، إذ طلب المجلس زيادة المبالغ بالليرة لتُعادل بالدولار ما دفعه المجلس عام 2006.

وشرح رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر في اتصال مع موقع “لبنان الكبير”، مراحل المسح التي تقوم بها اللجان المختصة، مشيراً الى أن المرحلة الأولى تمّت بنسبة 90%، أمّا المرحلة الثانية فهي عبارة عن مسح تفصيلي لأضرار البيوت من أجل معاينتها وتسجيلها. وبالنسبة الى الأضرار الزراعية، فهي بحاجة إلى لجان متخصصة.

وأوضح حيدر أن “مجلس الجنوب سوف يتعاون مع وزارة الزراعة من أجل إتمام هذه المهمة”. وتمنى أن تسعفهم الأوضاع الأمنية في الجنوب، وأن تتوقف الأمور عند هذا الحدّ، لأن البلد لا يحتمل أعباء الحرب من النواحي كافة”، لافتاً الى أن أسماء المستفيدين من التعويضات ستصدر تدريجاً بعد انعقاد جلسات مجلس الوزراء.

ولكن ماذا عن التمويل؟ وهل لدى مجلس الجنوب المبالغ الكافية؟ أجاب حيدر: “لدينا في المجلس سلفة بسيطة، سنباشر بالتعويض من خلالها، وسنرفع تقريراً الى رئيس مجلس الوزراء وستؤمن الحكومة المبالغ المطلوبة لاستكمال دفع التعويضات”. وأكد أن “الأولوية في صرف التعويضات ستكون للمنازل المتضررة لضمان عودة أصحابها إليها مباشرة”.

لا يأخذ الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة موضوع التعويضات بصورة جدّية، “لأن الحكومة ببساطة لا تستطيع ذلك، لا سيما وأن هناك آلاف المنازل المتضررة في الجنوب والحرب لم تنته بعد”.

وعن التصريحات الرسمية للنائب فضل الله عن مبلغ 10 ملايين دولار كتعويضات، قال عجاقة: “هذا المبلغ حتماً غير موجود لدى الحكومة وغير متوافر، وفي حال أرادوا توفيره فسيكون على حساب شيء آخر مثل المساعدات الصحية أو أجور القطاع العام”.

وأشار إلى أن “الحكومة لديها عجز بقيمة 40 تريليون ليرة في موازنة 2023، وعجز 40 تريليون ليرة أيضاً في موازنة 2024، والأمر يعني أن كلّ ما يقال يشبه الوعود في الهواء، تماماً كما حصل أثناء إنفجار مرفأ بيروت والتعويضات التي حصل عليها أهالي الجميزة”.

ورجح عجاقة “أن تكون هناك مؤسسة أو منظمة عالمية ستساعد الحكومة، ولكن لن يكون هناك تعويض في هذه الحالة قبل انتهاء المواجهات الحدودية بالكامل. أما الاحتمال الثاني، فقد يكون من خلال زيادة الضرائب التي تتوقع تحقيقها. ولكن في كل الأحوال لا قدرة لدى الدولة على تعويض حقيقي عن كل الخسائر”.

شارك المقال