“كوب 28″… مشكلة تأمين الأموال لمحاربة التغير المناخي

منى مروان العمري

افتتحت “قمة المناخ 28” في دبي الخميس الماضي، ليناقش خلالها قادة العالم عدداً من القضايا الرئيسة وأبرزها: الانتقال الطاقي، تعويض الدول الفقيرة المتضررة من الكوارث المناخية، تمويل المناخ، النظم الغذائية العالمية وغاز الميثان، إلى جانب مواضيع أخرى طارئة على الساحة الدولية، كارتفاع درجات الحرارة والفيضانات والحرائق.

ومن المرجح أن تساعد “كوب 28” في الحفاظ على هدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية على المدى الطويل إلى 1.5 درجة مئوية، بعد الاتفاق على ذلك من قرابة 200 دولة في باريس في العام 2015. ويعتبر هدف 1.5 درجة مئوية، وفقاً لهيئة الأمم المتحدة للمناخ، ضرورياً لتجنب التأثيرات الأكثر تدميراً لتغير المناخ. لذلك، تؤكد الأمم المتحدة أن فرصة الحفاظ على حد 1.5 درجة مئوية في متناول اليد “تضيق بسرعة”.

وأكد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين، في تصريح، أن “قمة المناخ لها أهمية كبرى على الصعيد العربي والعالمي، ونحن كدول صغيرة لا نؤثر كثيراً في التغيير المناخي في ما يخص ارتفاع درجة حرارة الأرض والتأثيرات السلبية على المجتمعات، عكس الدول الكبرى والصناعية”، وبحسب الاتفاقات، “على الدول الصناعية تأمين التمويل والدعم للدول النامية”، وهنا تقع النقاشات والمفارقات.

لبنان أمام تحديات قاسية

شهد لبنان خلال الأعوام القليلة الماضية أسوأ مواسم الحرائق، ما أدى الى تضرر مساحات خضراء وغابات معمرة في سفوح الجبال وقممها، وتسببت بآثار مدمرة ليس على البيئة وحسب، إنما أحدثت انعكاسات أخرى في مجالاتٍ عدة. وذهب البعض إلى الاعتقاد أن بعض هذه الحرائق كان مفتعلاً لاستخراج الفحم، فيما أرجع بعض المراقبين الأسباب إلى موجات الطقس المتقلّب بسرعة والجفاف الذي قد يجعل الظروف مؤاتية لاشتعال حرائق الغابات، بعد التغيّر المتسارع في المناخ، والذي يجعل الغطاء النباتي أكثر قابلية للاشتعال والتربة أكثر جفافاً.

وفي هذا السياق، أشار الباحث والصحافي البيئي منير قبلان لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “التغيّر المناخي هو خلل في النظام البيئي، إذ يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وإحداث خلل في النظام الايكولوجي وبالتالي يؤثر الخلل على جميع المخلوقات والكائنات الحيّة ما يهدد بقاءها”.

ولفت الى أن “هناك العديد من التحديات البيئية والمناخية التي يواجهها لبنان، والتي تؤثر بطبيعة الحال على جميع القطاعات وبصورة أساسية على القطاع الاقتصادي. ومن أبرز هذه التحديات: أولاً، موضوع تآكل الغطاء الأخضر في لبنان ودماره، نتيجة الحرائق المفتعلة من تجار الفحم والحطب وغيرهم من المعنيين. ثانياً، موضوع النفايات الصلبة والسائلة على الصرف الصحي ما يجعل المياه المبتذلة تتسرب إلى التربة وبعضها مزروعة. ثالثاً، موضوع تلوّث الهواء والذي يحتل صلب الأهمية والخطورة أيضاً في لبنان نتيجة عدة أمور منها انبعاثات الكربون وحرائق النفايات وغيرها من المواد المسرطنة”.

الاستراتيجيات موجودة من دون تمويل

وأكّد قبلان أن “هناك العديد من الاستراتيجيات المتبعة لمواجهة التحديات البيئية والمناخية لدى الحكومة اللبنانية ووزارة البيئة، لكن موضوع التنفيذ يفتقر الى العديد من الأمور الأساسية منها التمويل الكافي وعدم الاستقرار السياسي كغياب رئيس الجمهورية وغيرها. فالوزارات المعنية لديها الخطط لمعالجة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة كما لديها خطط تتصدى لحل أزمة تلوث الهواء والانبعاثات السامة، ولكن ما نحتاج اليه هو إعادة انتظام الأمور السياسية وتأمين التمويل اللازم للعمل على هذه الخطط”.

أضاف: “عند التكلم عن مشكلات بيئية أي أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالشأن الاقتصادي، وبوجود الخلل البيئي والزراعي، كافتقار لبنان الى عدد من المزروعات التي لم تعد تنمو في لبنان، ما يلحق الضرر بصورة مباشرة بالانتاج ومن ثم الانعكاس السلبي على الاقتصاد. كذلك تلوث الهواء والمياه يؤثر بصورة أساسية على القطاع السياحي، ما يجعله مرتبطاً بالاقتصاد اللبناني ويؤثر عليه، وبالتالي أي خلل بيئي سيؤثر حتماً فيه”.

المعادلة إلى الخسارة؟

في حين أكّد الخبير البيئي سمير سكاف لموقع “لبنان الكبير” أن “التغيّر المناخي يؤثر على العالم كله وعلى البيئة، ومن جملة تأثيرات العالم أن يؤثر على لبنان, فالخوف الأساس اليوم يكمن في حركة تغيّر مناخية متطرفة نشهدها اليوم منها ارتفاع الحرارة والفيضانات والحرائق وتغير النظام الإيكولوجي وغيرها. أما التأثيرات في لبنان، فمحصورة بموضوع الجفاف بسبب تراجع نسبة الأمطار، الأمر الذي يؤدي إلى ضرب الكائنات الحيوية وإلحاق الأضرار في مختلف الاتجاهات”.

وأوضح أن “الخطة المطروحة في كوب 28 هي مضاعفة إمكان اللجوء الى الطاقات الجديدة والمستدامة والنظيفة، كإنتاج الكهرباء بصورة أساسية على الهواء والشمس والمياه، وعملية المضاعفة تحتاج إلى أموال ضخمة في ظل وجود مشكلة في تأمين هذه الأموال، وخصوصاً في ظل الأزمات العالمية سواء أزمة كوفيد والآن الحرب الروسية – الأوكرانية واعتماد العالم على الغاز الروسي، اذ ان هناك مشكلة أساسية في تأمين الأموال لمحاربة التغير المناخي”.

ورأى أن “العالم خسر الحرب المناخية الأولى، ومن الصعب، أو ما إذا كان شبه مستحيل أن يوقف درجة الحرارة على مستوى درجتين في العام 2050، أو حتى إيقافها على مستوى 1.5 في العام 2030”.

شارك المقال