إجراءات تشغيلية موحّدة في وثيقة… من سيطبّقها وكيف؟

ليال نصر
ليال نصر

إنطلاقاً من إيمان وزارة الشؤون الاجتماعية بالشراكة الحقيقية مع المجتمع الأهلي، أطلقت بالشراكة مع منظمة “أبعاد”، وثيقة الاجراءات التشغيلية الوطنية الموحّدة الخاصة بالعنف المبني على الدور الاجتماعي في لبنان.

وتقول رئيسة دائرة شؤون المرأة بالإنابة في وزارة الشؤون الاجتماعية ميراي العلم لموقع “لبنان الكبير”: “إن البناء على هذه الشراكة في إنجاز الوثيقة هو من حيث تبادل المعارف والخبرات انطلاقاً من رؤية مشتركة في خدمة القضايا التي نناضل لأجلها، وذلك من خلال توحيد مقاربات الاستجابة العادلة والمحقة لاحتياجات الناجين والناجيات عبر وضع معايير وآليات عمل موحّدة لادارة حالات العنف في لبنان”.

أهمية الوثيقة:

إن إطلاق هذه الوثيقة هو رسالة التزام من الوزارة للوصول إلى حق كل إنسان في العيش بكرامة بما فيها حقوق الناجين والناجيات. فهذه الوثيقة هي الأولى من نوعها على المستوى الوطني، وتكمن أهميتها في أنها تشكل الاطار الناظم والشامل للتدخل مع الناجين والناجيات من العنف في لبنان، كما أنها تتضمن رزمة واسعة من المبادئ، السياسات، والمعايير الارشادية والمقاربات التي على مقدمي الخدمات والرعاية الاستناد إليها في العمل مع الناجين والناجيات. فالوثيقة تستند الى المقاربة الحقوقية والانسانية لا سيما الحق في تقرير المصير وتحديد الخيارات.

إمكانية تنفيذها:

وتشير العلم الى خارطة طريق وضعت لأعمال تنفيذ هذه الاجراءات، وحالياً يتم العمل على تيويمها نظراً الى الظروف الراهنة، لكن ستسعى وزارة الشؤون إلى تنفيذ عدد من الخطوات التي تطمح الى تحقيقها، وهذا طبعاً مرتبط بمدى توافر الموارد كالتقنية والمالية وغيرها، مثل:

– إنشاء مراكز خدمات نموذجية تقدم خدمات شاملة ومتكاملة للناجين والناجيات من العنف بما يضمن كرامتهم وحقوقهم الانسانية.

– تعزيز قدرات العاملين والعاملات في وزارة الشؤون الاجتماعية في إدارة حالات العنف من خلال تدريبات متخصصة وتدريب مدربين، وهنا تجدر الاشارة الى أنه تم تطوير أداة وطنية هي “المنهاج التدريبي الوطني” الذي يشكل الأداة التطبيقية لوثيقة الاجراءات، الى جانب “دليل الرعاية الذاتية” الذي تم تطويره بالشراكة بين وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة العامة ومنظمة “أبعاد” وبدعم من الحكومة الهولندية والذي يهدف إلى مساعدة العاملين والعاملات في إدارة حالات العنف على الاهتمام بصحتهم الذاتية والنفسية للتمكن من تقديم الرعاية اللازمة لمن يحتاجون الى المساعدة.

– إنشاء نظام معلوماتية وطني وهو أحد التوصيات التي نصت عليها الوثيقة GBVIMS وسيشكل قاعدة البيانات الوطنية لجميع المستفيدين والمستفيدات من خدمة إدارة الحالة بحيث يصبح لكل شخص مستفيد رقم وطني ضمن هذا النظام.

– انشاء مركز معلوماتية وطني GBV info line hub والذي سيوفر بيانات عن العنف الأسري للمواطنين والمواطنات من أبحاث وإحصاءات ودراسات وأسماء الاختصاصيين العاملين في إدارة الحالة من محامين، أطباء شرعيين ومعالجين نفسيين.

– تعميم بعض الأدوات الوطنية التي تم تطويرها في مجال مناهضة العنف مثل مدونة السلوك للجسم الطبي في التعامل مع حالات العنف وخريطة الاجراءات المتبعة في القطاع الصحي عند التعامل مع حالة عنف وكيفية الاحالة.

– تعزيز التشبيك والتنسيق، إذ تطمح الوزارة إلى بناء نظام الاحالة الداخلي وبعدها بناء مسارات الاحالة الخارجية مع سائر الوزارات والجهات المعنية وصولاً الى الغاية المتوخاة وهي إنشاء نظام إحالة وطني أتت الوثيقة على ذكره، “وبذلك نضمن حقوق الناجين والناجيات في لبنان وكرامتهم من خلال توفير خدمات ذات جودة وضمان حمايتهم/ن وسلامتهم/ن”. وذلك يتوقف مستقبلاً على الموارد المتاحة لتحقيق كل هذه الخطوات.

وتوضح زينب مرتضى من وحدة تطوير القدرات والأبحاث في منظمة “أبعاد” لموقع “لبنان الكبير” أن هذه الوثيقة تهدف إلى توحيد مقاربات الاستجابة الى العنف القائم على الدور الاجتماعي، وتحديد معايير جودة كل الخدمات، وتوفير طرق ممنهجة للتعامل مع الناجين/ات، وتقديم خدمات متخصصة عالية الجودة باستخدام معايير حقوقية.

تشمل النتائج المتوقعة ضمان احترام حقوق وكرامة الناجين/ات، والوقاية من أي ضرر إضافي عليهم/ن قد ينتج من التدخلات، وتعزيز جودة الخدمات واحترافية العاملين/ات، وتحسين الاستجابات العادلة والمنصفة.

تفاصيل الوثيثة

تتحدث الوثيقة عن نظام الاحالة الوطني وتبرز أهميته كمكوّن أساس في الاجراءات التشغيلية الموحدة. وتم تعريف النظام كعملية ممنهجة تتضمن شبكات ومسارات متعددة، تهدف إلى تحقيق فعالية في إيصال الناجين والناجيات إلى الخدمات المتوافرة. وتُشدد على دور مقدمي الخدمات الذين يتفاعلون بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع الناجين والناجيات في هذا النظام. كما تُشدد الاجراءات التشغيلية الموحدة على مبدأ التعاون بين جميع العاملين في مختلف القطاعات لضمان نجاح النظام.

تعتبر هذه الاجراءات ضرورية للاستخدام الكثيف في حالات الطوارئ خصوصاً أن الوثيقة أكدت أهمية التزام مقدمي الخدمات بضمان الجودة، وبمعايير وتدابير أساسية. واقترحت الوثيقة بعض السياسات التوجيهية التي تهدف إلى الحفاظ على نوعية العمل في ما يتعلق بإدارة الحالات وتقديم الدعم للناجين/ات، ووضعت بروتوكولات لكيفية تسجيل المعلومات وحفظها وأرشفتها، ما يبرز أهمية الحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالناجين/ات. وأمانها.

كما وضعت سياسات فاعلة لتعيين الجهات التي ستعمل مع الناجين/ات وتدريبها، ما يضمن توفير الدعم اللازم والفهم العميق لاحتياجاتهم/ن.

إجراءات أساسية:

بعض الاجراءات التي تم التشديد عليها لضمان الجودة في تقديم الخدمات هي:

– ضرورة وجود استمارتين للتفاعل مع الناجين/ات: استمارة التغذية الراجعة للتعبير عن الآراء والتقويم، واستمارة الشكوى للإبلاغ عن تجارب سلبية أو انتهاكات. يتعين على هاتين الاستمارتين أن تكونا متاحتين وواضحتين، ويجب توافرهما في مكان سهل الوصول اليه مع إمكان إسقاطهما في صناديق تحفظ الخصوصية.

– التّأكّد من إعلام المجتمعات المستهدفة بالخدمات المتوافرة عبر استخدام وسائل مناسبة للسّياق لنشر معلومات واضحة عن أنواعها ومواقعها.

تمكين النّاجين/ات من الوصول والحصول على الخدمات بسهولة ومن دون أعباء ماليّة.

أما عن كيفية إدارة وتبادل المعلومات الخاصة بالناجين/ات، فتشير مرتضى إلى ضرورة جمع البيانات بصورة متسقة بين كل المنظمات التي تقدم الخدمات لأنّ أحد الأهداف الرّئيسة من ذلك هو فهم أسباب العنف القائم على الدّور الاجتماعي وأنواعه، وأماكن وجوده وآثاره، ومدى تأثير كلّ الخدمات وذلك لإيجاد استراتيجيّات فاعلة للاستجابة.

بعض الاجراءات العملية المقترحة:

الحفاظ على البيانات الرقمية للناجين/ات بكلمات مرور، حفظ المواد المطبوعة بصورة آمنة في خزائن مقفلة في غرفة آمنة، تحديد خطة طوارئ لتدمير جميع البيانات في حالة وقوع ظروف غير متوقعة، مثل قوى قاهرة أو اختراق أمني أو حالات طوارئ، بهدف حماية الخصوصية والأمان للناجين وضمان سلامة المعلومات.

المعايير الخاصة بمرافق الاستقبال وتقديم الخدمات تشمل التالي:

ضرورة أن يكون المرفق سهل الوصول إليه عبر وسائل النقل المتاحة، توفير مواد تثقيفية وتوعوية داخل المرفق، توفير غرفة خاصة للأطفال، وأن يكون الموقع مصماً للحفاظ على الخصوصية.

شارك المقال