ما بعد الهدنة… الجنوبيون بين النزوح والعودة الى “الأرض الغالية”

فاطمة البسام

بعد انقضاء فترة الهدنة التي استمرت 7 أيام وتخللتها بعض الخروق، عادت أصوات الانفجارات، وطائرات الاستطلاع لتقلق سكان القرى خلال يومهم. وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، أعلن قبل أيام، في مؤتمر صحافي “أننا سنواصل القتال بقوة، من أجل تحقيق أهداف الحرب”. وأوضح أن “القتال مستمر ووجهت الجيش بمواصلة الضغط العسكري ودمرنا 100 هدف لحماس، وسنواصل الحرب حتى نحقق كل أهدافها ولا يمكن ذلك من دون مواصلة العملية البرية في غزة، وسنحقق الحسم في الجبهة الجنوبية مقابل غزة ومواجهة وردع حزب الله في الجبهة الشمالية”.

وحذّرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا من أنّ “الوضع بين لبنان وإسرائيل أخطر ممّا كان عام 2006″. وقالت في تصريحات لـ”العربية”: “أيّ خطأ في الحسابات يمكن أن يجرّ لبنان إلى تصعيد يتجاوز جنوبه”.

في المقابل، أشار عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله الى أنّ المستجدّات في قطاع غزّة ربما تؤثّر على لبنان، بعدما استأنفت إسرائيل عمليّاتها القتالية مع حركة “حماس”. وقال للصحافيين: “لا يظنّ أحد أنّ لبنان بمنأى عن الاستهداف الصهيونيّ وأنّ المجريات في غزّة لا يمكن أن تؤثّر على الوضع في لبنان”.

وعلى الرغم من التهديدات الواضحة والصريحة التي تؤكد أن الحرب تشمل المنطقة الجنوبية، رفض بعض السكان النزوح لأن “الأرض غالية”، أو في أبسط الأحوال يفضلون البقاء في منازلهم تحت القصف على أن يسكنوا في الملاجئ أو المدارس التي تحولت إلى مراكز للايواء.

تخبر أحلام مسلماني وهي أم لطفلتين، سارة ورهف، موقع “لبنان الكبير” أنها اضطرت في بداية العدوان على الجنوب إلى ترك بيتها في بلدة المنصوري الجنوبية المحاذية لمنطقة الناقورة، واتجهت نحو بلدة العباسية في قضاء صور، إلا أنها بقيت طوال فترة المعارك توصل بنتيها إلى المدرسة حيث سكنهم الأساس.

أما بعد الهدنة فقررت مسلماني العودة إلى بلدتها، على الرغم من أصوات القذائف والصواريخ التي يسمعونها، وما يحتم عليها العودة هو المدرسة من جهة ومصدر رزقها من جهة أخرى، اذ أنها تعمل في مجال التجميل في أحد الصالونات على الرغم من انخفاض وتيرة العمل ولكنه “أحلى من بلاش”.

تغير شكل الحرب بعد إنتهاء الهدنة

أما الشكل الذي تتخده الاشتباكات على الحدود الجنوبية، فشرح عنه العميد المتقاعد في الجيش اللبناني خليل الحلو، لموقع “لبنان الكبير” بقوله: “وتيرة الحرب قبل الهدنة كانت مرتفعة وأخذت منحىً تصاعدياً منذ ما بعد 7 تشرين، إلى أن وصلت إلى 20 عملية في اليوم من رماية صاروخ، رماية هاون، مسيرات وغيره. وكانت الردود الاسرائيلية بعنف ووتيرة متفاوتين، أما ما نراه منذ 48 ساعة، فالاسرائليون اعترفوا منذ انتهاء الهدنة حتى اليوم بسقوط قتلى وجرحى، وهذه المرّة الأولى التي نرى فيها عدد إصابات بهذا الشكل، يعني قبل الهدنة اعترفت إسرائيل بتسعة قتلى عسكريين وثلاثة مدنيين. على ما يبدو أن عمليات حزب الله أصبحت أدق من قبل، وبالتالي الردّ الاسرائيلي صار أعنف”.

ورأى الحلو أن “هذا كلّه مؤشر على الانزلاق نحو الحرب وسط الأصوات الداعمة في الشمال لعملية برية من أجل حماية المستوطنين من إعتداءات حزب الله، كما أن هناك معلومات من واشنطن تشير إلى أن اسرائيل طلبت من الولايات المتحدة القيام بعملية أو بحرب على حزب الله في لبنان، وهنا الحرب لن تنحصر بالجنوب فقط”.

استعدادات هيئة إدارة الكوارث

وأوضح مدير وحدة إدارة الكوارث في قضاء صور، مرتضى مهنا، لموقع “لبنان الكبير” أن “عدد النازحين ارتفع بعد الهدنة الى حوالي 3 آلاف و4 آلاف عائلة جديدة، فقمنا بتحويل مدرسة مغلقة إلى مركز إيواء جديد في منطقة الحوش على أطراف صور، يضم مئات النازحين من مختلف المناطق”.

أضاف مهنا: “لدينا اليوم حوالي 18 ألفاً و500 نازح من كل الأقضية، موزعين على مختلف القرى. الأولوية اليوم تكمن في قدرتنا على تأمين حصص غذائية لهؤلاء العوائل جميعاً وكنا قد غطيناها في السابق، بالاضافة إلى أدوات التنظيف، إلا أن كميتها غير كافية لدينا”. وأشار إلى النقص في حوالي 5 آلاف من الفرش والأغطية والمخدات، اضافة الى حليب الأطفال والحفاضات.

أما موضوع الطبابة فوصفه بأنه “جيّد لأنه يدار من المنظمات الدولية، ولكن الاستشفاء وضعه تعيس لأن الوزارة لا تغطي النازحين في حال تعرضهم لأي طارئ ولا حتى في الفحوص”.

شارك المقال