“حبيبتنا بيروت” تتحدى الصعاب لتستعيد ألقها وعافيتها

عمر عبدالباقي

بيروت هذه المدينة الجميلة التي تحمل في طياتها قصصاً مؤلمة وصدمات اجتماعية والعديد من المحن والصعاب، وعاشت على مر التاريخ أزمات سياسية وحروباً وحتى كوارث طبيعية، تظل بوجود أهلها المحبين للحياة منارة للفرح الذي يملأ أعيادها واحتفالاتها.

تستعد بيروت اليوم للاحتفال بالأعياد والأنشطة المتنوعة التي تبرز بأبهى حللها، على الرغم من التحديات الاقتصادية والأوضاع الأمنية المتوترة التي يواجهها اللبنانيون، الا أنها تتجاوز الصعاب لتستعيد بريقها وألقها الساحر.

وفي جولة لموقع “لبنان الكبير” في شوارع بيروت لاستطلاع آراء الناس حول الأجواء الاحتفالية في المدينة، كانت الاجابات متباينة، فالعديد من الأشخاص أعربوا عن تفاؤلهم على الرغم من التحديات التي تواجهها البلاد، في حين عبّر آخرون عن حزنهم إزاء حالة المدينة مقارنة مع ماضيها المشرق، عندما كانت تتزين بالأضواء وتعج بالاحتفالات، وقالت احدى المواطنات: “يا ضيعانك يا بيروت ليك وين صارت متل مدينة أشباح”.

وقد تركت الأزمات المتتالية التي عصفت ببيروت في السنوات الأخيرة من الانفجار المدمر الذي هز مرفأها والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تتوالى فصولاً، آثاراً واضحة على البنية التحتية والحياة اليومية للمواطنين، حتى نكهة العيد لم تعد كما كانت قبل أربع سنوات.

لا تحضيرات للبلدية في الأعياد

عن حال بيروت واحتياجاتها، يؤكد رئيس بلدية بيروت عبد الله درويش لموقع “لبنان الكبير” أن العمل مستمر على الرغم من الامكانات الصعبة، قائلاً: “نحن نعمل جاهدين لتلبية الاحتياجات الأساسية لمدينة بيروت وأهلها بصورة مهنية وفاعلة. ومن خلال إصلاح نظام الضرائب، سيتم تحسين الايرادات بالتأكيد، ما سيمكّننا من العمل بصورة أكثر كفاءة. وندرك جميعاً أن إيرادات البلدية كانت تعتمد على قيمة الـ 1500 ليرة لبنانية وكنا ندفع بالدولار الأميركي، ومن المفترض الآن أن تُجرى تعديلات وتحسينات على هذا الوضع، ولكن الأمر يستغرق وقتاً يتراوح بين خمسة إلى ستة أشهر، ونأمل أن تحدث تحسينات جوهرية في هذا الصدد. نحن نعمل بصورة وثيقة وبالتعاون مع سعادة محافظ بيروت مروان عبود بهدف تحقيق تطور في الوضع عموماً وتحسينه”.

وعن تحضيرات البلدية لأجواء الأعياد، يشير درويش الى “أننا كبلدية ليس لدينا أي شيء نقوم به لبيروت من أجل الأعياد، الشجرة موجودة بالفعل في المستودعات وقمنا بإعطائها لجمعية خاصة طلبتها منا وهي من ستتكفل بتزيين الداون تاون”.

أسواق بيروت تفتتح في صيف 2024

تعتبر أسواق بيروت المركز التجاري الحيوي في المدينة، ويضم أهم مراكز التسوق، وهي تعاني بشدة جراء الأحداث التي ذكرناها سابقاً. ولكن هل ستشهد مرحلة جديدة بعد الجهود المبذولة للتحضير للأعياد وما بعدها؟

المدير العام لأسواق بيروت أديب النقيب يجيب لموقع “لبنان الكبير” عن الخطط لموسم الأعياد بالقول: “كانت خطتنا تشمل إقامة احتفالات ومهرجانات كبيرة لجلب الفرحة إلى قلوب الأطفال الذين ينتظرون هذا الموسم بشوق، فضلاً عن دعم المستأجرين الحاليين والجدد والزائرين. ومع ذلك، نظراً الى الظروف القائمة وضرورة مراعاة الوضع الحساس، اتخذنا قراراً بتقليص عدد الاحتفالات بطريقة هادئة وملائمة للظروف. نحن نتطلع إلى الموسم بروح الوحدة والأمل، ونأمل أن يعم السلام والاستقرار في منطقتنا”.

وحول وجود استثمارات جديدة في أسواق بيروت وإمكان عودة النشاط الاقتصادي، يوضح النقيب “أننا حققنا تقدماً كبيراً في جذب المستثمرين والتجار إلى وسط المدينة التجاري. من المتوقع أن يتم افتتاح معظم المحال والمطاعم بحلول صيف 2024، وهذا يعد مؤشراً قوياً على ثقة التجار بوسط العاصمة. نحن ملتزمون ببذل قصارى جهدنا لخلق بيئة مواتية للاستثمارات التي ستعيد أسواق بيروت إلى مجدها السابق. يعكس نهجنا التزامنا بالتكيف مع التحديات والاحتياجات المتغيرة. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نحتفظ بتفاؤلنا ونسير قدماً بروح إيجابية”.

مهرجان بيروت الحيّة

يتمسك منظمو مهرجان بيروت بهدف إعادة الحياة إلى المدينة كما كانت في الماضي، ويجددون الدعوة الى الجميع للمشاركة في المهرجان الذي انطلق يوم الأحد في 3 كانون الأول الجاري. وتستمر الاحتفالات طوال فترة الأعياد حتى ليلة رأس السنة يوم الأحد 31 كانون الأول. يفتح المهرجان أبوابه من الساعة الرابعة بعد الظهر وحتى الساعة العاشرة مساءً، ليتيح للجميع فرصة الاستمتاع بالفعاليات المتنوعة المقدمة. بالاضافة إلى ذلك، يتخلل مهرجان بيروت ترنيم بدأ في 30 تشرين الثاني ويستمر حتى 23 كانون الأول، ويتضمن مشاركة كبار الفنانين والموسيقيين لكي تكون فرصة مثالية للاستمتاع بأداء موسيقي رائع وفنون متنوعة.

شارك المقال