اتصالات “مجهولة” الى الجنوبيين لاخلاء منازلهم!

فاطمة البسام

مع تغيّر معادلة الحرب إلى “المدني مقابل المدني”، واشتداد القصف على القرى الجنوبية الحدودية وغير الحدودية، انتشرت الكثير من الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي والمجموعات على “واتسآب” تشير إلى أن بعض الأهالي في القرى يتلقى اتصالات من جهات وأرقام غريبة تدّعي أنها “إسرائيلية” تسأل عن عدد الأفراد في المنزل، وتدعو أصحابه إلى مغادرته قبل إستهدافه عسكرياً.

تكرر السيناريو عدّة مرّات، وفي سياق متابعتنا لهذه الاتصالات ومحاولة التواصل مع من تلقوا إتصالاً من هذا النوع، انقسمت الآراء، فمنّهم من أكّد أن أحد جيرانه تلقى إتصالاً كهذا ولكن تبيّن أنه “مقلب سمج” في غير وقته، والبعض الآخر رجّح أن من يقوم بهذه الاتصالات لصوص للتأكد من خلو المنزل من أصحابه، خصوصاً وأن السرقات نشطت جنوباً بسبب نزوح السكان، إلاّ أن من ادعى حصول الأمر معه فعلاً رفض التحدّث من دون سبب واضح.

بين التأكيد والنفي، يقول خبير اتصالات لموقع “لبنان الكبير”: “لكي نوضح الأمر بطريقة سلسة علينا أن ننطلق من مبادئ عامة، بالحديث عن مساحة الخصوصية في لبنان والعالم أجمع أصبحت ضيقة بسبب إرتباطنا الدائم بشبكات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، فلم يعد من الصعب الحصول على أي معلومات تخص أي شخص أو جهة، وبالتالي الوصول الى أرقام التلفونات ليس بالأمر المستحيل. أما بالحديث عن أن العدو يختار أصحاب منازل محددة من أجل تهديدهم فهذا الأمر لا يمكنني أن أجيب عنه، لأنه مرتبط بقاعدة بيان العدو ومدى دقتها فالاجابة تبقى معلّقة هنا بعلامة إستفهام”.

ويضيف: “أما النقطة الأساسية، فهي هل يمكننا أن نسمي الموضوع خرقاً؟ طالما أن معلوماتنا موجودة في كل مكان كما تحدثنا، فلا يمكننا التحدث عن خرق أو أنهم خرقوا أنظمة الإتصالات اللبنانية كي يحصلوا على هذه المعلومات، إلا أنه يمكننا التحدث عن كيف يمكنهم أن يصلوا، فبالحديث عن حرب 2006، كانت تصل الكثير من الرسائل والاتصالات بصورة عشوائية الى المواطنين تحمل المضمون نفسه، إلاّ أنها كانت عشوائية. ومن الضروري ذكر أن هذه الاتصالات لا يمكن أن تصدر من شبكة إتصالات إسرائيلية لأنهم ممنوعون من الدخول إلى شبكتنا، أما ما يقومون به فهو إستعمال شبكات اتصالات عالمية، أوروبية، أميركية، إفريقية وغيرها من أجل إجراء هذه المخابرات وهنا يمكن القول ان الأمر ممكن من هذا الباب”.

وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، أن “الجيش يعمل بناء على معلومات المخابرات ويفحص جميع الوقائع في لبنان بدقة”.

وأضاف في مؤتمر صحافي: “في ما يتعلق بلبنان، ننفذ هجماتنا استناداً إلى معلومات المخابرات وسنواصل شن هجمات. هذه هي مهمتنا. سنهاجم كل من يهددنا”. وأكد “أننا ندرس بالطبع جميع الأحداث في لبنان لفهم التفاصيل. هذا ما يمكنني قوله في هذه المرحلة”.

وقبل سنوات، صرّح وزير الاتصالات شربل نحاس بأن قطاع الاتصالات في لبنان يواجه “عدواناً” من إسرائيل، التي اتهمها بالتجسس على البلد عبر اختراق شبكات الاتصالات الموجودة فيه، ودعا إلى مزيد من الجهد لضمان أمن هذه الشبكات ومنع اختراقها، وذلك في ضوء تقرير مفصل أنجزته وزارته في الموضوع.

واعتبر نحاس آنذاك أن الاختراقات الاسرائيلية “مثبتة وأكيدة ومداها واسع جداً”، مشيراً إلى أن لبنان “يواجه عدواناً” في مجال الاتصالات “من دولة ربما هي أكثر البلدان تطوراً في العالم” من حيث تقنيات المعلومات والاتصالات. وطالب بتحسين أمان شبكات الاتصالات في لبنان.

فأين نحن اليوم من هذه التحسينات؟

شارك المقال