الجنوبيون مصالحهم متوقفة وحياتهم “ماشية”

نور فياض
نور فياض

لا تزال جبهة الجنوب “والعة”، وأبناء المناطق المتاخمة للحدود الفلسطينية الشمالية المحتلة غائبين عن منازلهم وأرزاقهم، والعدو الذي لم يحقق مراده في غزة وحتى في لبنان يستهدف منازل المدنيين ويدمرها، كما يستهدف الأحراج وأشجار الزيتون الذي يعتبر مصدر رزق أساسياً لدى الجنوبيين. ومؤخراً طالت قذائفه “اكسبرس” أحد المواطنين، وعلى الرغم من ذلك الا أن مسح الأضرار لم يتوقف و كل ما دمّر سيعمّر، وان طالت الحرب فستطرح تحديات جديدة على الأحزاب، الجمعيات والمبادرات الفردية التي لم تقصّر جميعها تجاه النازح.

كيف هو الوضع الاجتماعي لسكان الجنوب؟

يعلم الجميع أن الوضع المعيشي السيئ ليس وليد اليوم، فهو لا يزال يتفاقم منذ سنة ٢٠١٩ ويطال اللبنانيين كافة، وليس للحرب علاقة مباشرة به، ولكن طبعاً لها مساوئ على هذا الصعيد.

يقول رئيس بلدية عيتا الشعب علي سرور عبر موقع “لبنان الكبير”: “هذه الحرب أدت الى فراغ وتغيير في نمط العيش وعدم توازن لدى المواطن الذي كان يتمتع باكتفاء في منزله لدى نزوحه الى أماكن أكثر أمناً وهذا أمر طبيعي، ونأمل أن يعود الجميع الى بلدتهم وتمشي مصالحهم. وهذا الجمود موجود في كل الضيع والبلدات المتاخمة للحدود.”

ويؤكد سرور أن “كل الدمار الذي لحق بعيتا الشعب تم مسحه قبل الهدنة كخطوة أولية، ان كان في الشق العمراني أو حتى في ما يختص بالأرزاق (مزروعات، محال…) واليوم توقف المسح نظراً الى الظروف المستجدة، ونأمل أن لا تتعرض المنطقة لأضرار أخرى.”

ويشير سرور الى أن “المواطنين لديهم ايمان كبير بأننا لسنا من نتعدى على العدو، بل هو من يعتدي علينا ويقصف أطراف البلدة المليئة بالمنازل والمزروعات، وما يهم المواطن أن لا يترك أرضه، فهي عزيزة عليه. اما الوضع الاقتصادي عموماً في كل لبنان فسيئ”.

أما عضو بلدية صور صلاح صبراوي فيوضح أن “عدد النازحين من المناطق الحدودية لا يزال على حاله، ولا تزال مؤسسات الامام موسى الصدر تقدّم ثلاث وجبات للموجودين في مراكز الايواء، اضافة الى المساعدات التي لم تتوقف من عدة جمعيات والبلدية.”

ويضيف: “نحن مقبلون على فترة أعياد، والحركة الاقتصادية لا تزال خجولة، فهذه الحرب أثّرت على بعض المشاريع التجارية وخصوصاً على دار الما وهي عبارة عن غرف للإيجار، اذ أقفلت أبوابها نسبة الى عدم الاقبال عليها بعد تزايد حدة الاشتباكات بين العدو والمقاومة”، معتبراً أن “صور على الرغم من أجواء الحرب، لبست ثوب العيد اذ وُضعت شجرة الميلاد في المدينة، وزيّنت الشوارع بفضل أصحاب المطاعم.”

ويؤكد أحد النازحين من بلدة رب ثلاثين أن “الحرب جمّدت مصالحنا، وأثرت على مدارس الأولاد لكنها لا تزال تتابع تعليم الطلاب عن بعد عبر ارسال الدروس على الواتسآب، وزوجتي تتابع هذا الموضوع لكي لا يبتعد الأولاد عن أجواء الدراسة. اما أشغالنا فمتوقفة، والسيولة ستنتهي، لكن الجمعيات والبلدة التي نزحنا اليها تقدم الكثير لنا، ولا نحتاج الى صرف الأموال بكثرة، فكل شيء مؤمّن، وحتى ان دمّرت منازلنا أو محالنا فنحن على يقين بأن التعويض علينا سيحصل كما في حرب تموز.”

وفي ما يتعلق بالحالة النفسية للأولاد، يقول: “في الجزء الأول من الحرب أي ما قبل الهدنة، كان القصف يطال أطراف البلدة ما أثار الرعب لدى الأطفال لأنهم لم يروا حروباً من قبل، فهذه تجربة جديدة عليهم، وبالتالي اضطررت الى النزوح من أجلهم مع العلم أنني بعد أسابيع من الحرب كنت أزور البلدة برفقتهم لتفقد ممتلكاتنا، واليوم أطفالي اعتادوا سماع القصف ولم يعودوا يتأثرون به كما في السابق، اضافة الى أنهم تعرّفوا الى أصدقاء في البلدة التي نسكن فيها ويقضون الوقت معهم، ما حسّن من نفسيتهم أكثر فأكثر.”

ويتمنى بعض أصحاب المصالح في قلب الجنوب، “أن تتوقف الحرب ليعود السوق الى طبيعته بعد أن تجمّد، اذ ان نسبة كبيرة من الزبائن هم من سكان البلدات الحدودية، وبالتالي يقفلون محالهم ويترقبوا ما سيحصل في الأيام المقبلة.”

انقسمت الآراء في لبنان حول هذه الحرب، وحتى بين الجنوبيين أنفسهم، فمنهم من يعتبرها واجباً، ومنهم من يرى أن لا وقت لها فلبنان لا يحتمل أعباء اضافية وخصوصاً أننا مقبلون على فترة أعياد.

مهما كانت الآراء فمواجهة المعتدي حق، والأعياد حق وهذا ما ترجمه الجنوب، اذ يواجه العدو ويزيّن ساحاته بالمغارة وشجرة الميلاد في آن معاً.

كلمات البحث
شارك المقال