سرقة الكابلات… “وين في نحاس في حرامي”

فاطمة البسام

في بلد يتخبّط في كل الجهات، لدرجة أن مشكلاتنا صارت مبتكرة، نشطت فنون جديدة للسرقة في الآونة الأخيرة ومنها سرقة كابلات الكهرباء. يكاد لا يمر يوم منذ بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان من دون خبر عن إلقاء القبض على عصابة لسرقة الأسلاك، اختفاء كابلات في المنطقة الفلانية، إنقطاع تيار الكهرباء هنا وهناك، وكأن الأزمات الحالية لا تكفينا.

ويعود سبب امتهان هذا النوع من السرقات الى مردودها المادي الكبير في أسواق الخردة التي تدفع بـ”الفريش” دولار، وغياب التيار الكهربائي في معظم الأحيان، ما يجعل عملية الاستيلاء على الكابلات سهلة وآمنة. وكانت شركة “كهرباء لبنان” قد ناشدت في عدّة بيانات القوى الأمنية الحدّ من هذه السرقات، إلا أن السيطرة عليها بصورة كاملة، هي أمر شبه مستحيل.

يوضح مصدر لـ “لبنان الكبير”، أن “هذا النوع من السرقات كان ناشطاً حتى قبل الأزمة، إلاّ أنها لم تكن بهذا الحجم كونها كان تباع على سعر صرف الـ1500، ومع تبدّل قيمة الليرة أصبحت المسروقات تدر أرباحاً كبيرة”، مشيراً إلى الخسائر التي تتكبدها الدولة عموماً والمواطنون خصوصاً، وأن وراء هذه السرقات عصابات منظمة وضخمة تنشط في عدّة مناطق لبنانية، وتحديداً في الأماكن غير المأهولة بصورة كلّية. ويؤكد أن المخافر المحلية تسيّر دوريات ليلية من أجل هذا الغرض ولا سيما في القرى التي نزح سكانها جرّاء الحرب.

ولم يستبعد المصدر “تواطؤ أصحاب أسواق الخردة والبُور مع الحرامية كونها مكسباً دسماً”، داعياً أصحاب الأسواق هذه إلى التدقيق في مصدر المعادن التي تعرض عليهم قبل شرائها كي لا يكونوا شركاء في الجريمة. كما يحض المواطنين على توثيق أي عملية غير مألوفة وتصويرها.

عطفاً على بيانات مؤسسة “كهرباء لبنان” السابقة والمتعلقة بالسرقات الممنهجة والمستمرة لمنشآتها على الأراضي اللبنانية كافة، وعلى أثر الكشف الذي قامت به فرق الصيانة التابعة للمؤسسة قبل أشهر في أنفاق منطقة الوسط التجاري (سوليدير)، تبين حصول سرقات واسعة النطاق داخل هذه الأنفاق طاولت كابلات التوتر العالي الرئيسة 220ك.ف التي تربط محطة التحويل الرئيسة “كومرسيال” بمحطة المكلس الرئيسة بحيث تم تقطيعها واتلافها من أماكن عدة بغرض سرقتها، وطالت السرقات أيضاً كل كابلات الانارة وأنظمة التأريض وخزائن التحكم ومضخات المياه. إن الأضرار الناجمة عن هذه الأعمال التخريبية هائلة، وقد تتطلب أعمال التلزيم لاعادة تأهيل ما تمت سرقته وتخريبه مبالغ قد تفوق المليوني دولار أميركي كتقدير أولي.

“الدولة باتت تعتمد الألومنيوم بدل النحاس”

النحاس عامل جاذب للحرامي، بحسب مهندس الكهرباء محمد المقداد، ولا يقتصر أمر السرقة على عواميد الكهرباء وحسب، بل تطال السرقات ورش العمل. ويقول: “ان شركات الكهرباء تعتمد مادة النحاس في الكابلات فيجدونها فرصة، خصوصاً وأن النحاس الأحمر يتراوح سعره بين 6 و8 دولارات للكيلو الواحد، فكيف إذا كان كابلاً كاملاً وزنه لا يقل عن عشرة كيلوغرامات؟ مؤخراً أصبحت الدولة تعتمد الألومينيوم بدل النحاس لأنه لا يمكن سرقته أو بيعه مثل النحاس. أما الفعالية فهي مختلفة، فإذا أردت أن أمد سلكاً بطول 2.5 م.م من النحاس، يجب أن يكون 10 م.م ألومينيوم”.

وبحسب المقداد فان المشكلة في البنى التحتية غير المنظمة يمكن القول انها غير موجودة، فجميع الكابلات فوق الأرض ما يسهل السرقة. أما الحل الأجدر لتخفيف هذه السرقات فهو عدم فصل التيار الكهربائي.

شارك المقال