وزارة الصحة “خالية” من أدوية السرطان… والمجهول المرتقب كارثي

فاطمة البسام

الوجع هو الشيء الوحيد الذي لا يمكننا أن نتحكّم به من دون دواء، فكيف إذا كان الدواء غير متوافر؟ ولبنان مثل أي بلد يعاني من أزمة إقتصادية ومالية أرخت بثقلها على أوجاع الناس وجيوبهم، ووضعتهم تحت رحمة تجار الأدوية والمستوردين.

تشير الاحصاءات الطبية إلى أن 40% من مرضى السرطان في لبنان غير قادرين على تأمين أدويتهم بسبب كلفتها العالية، فيما يعتمد الكثير منهم على الجمعيات الأهلية لتأمينه. واعتمدت وزارة الصحة أسلوب الانسحاب التكتيكي، وأوقفت من دون سابق إنذار دعمها للدواء الذي يشكل الأمل الوحيد لهؤلاء المرضى، وفوجئ عدد من الجمعيات المعنية بمتابعة أوضاعهم، بعدم وصول الدواء المدعوم الى مرضاها، ومنهم الأطفال الذين لم يتمكنوا من الحصول على علاجاتهم حتى الآن.

الدواء اما مزوّر أو مفقود

كريستينا (اسم مستعار) 55 سنة، تعاني من سرطان الرحمCervical Cancer، تخبرنا عن معاناتها منذ أكثر من سنتين مع رحلة العلاج التي بدأت في مستشفى “أوتيل ديو”، وانتهت على أبواب الجمعيات بحثاً عن الدواء الذي أصبح شبه مفقود، مزوّراً، أو سعره خيالي، بحسب كريستينا.

وتشير لموقع “لبنان الكبير”، الى أن الوزارة توقفت عن تأمينه منذ حزيران الماضي، فراحوا يبحثون عنّه في الصيدليات كافة، إلاّ أن ما لم يكن في الحسبان هو التزوير الذي طال هذه الأدوية أيضاً، بحسب ما أعلمها المستشفى أن الدواء الذي اشترته بحوالي ألف دولار غير صالح للاستعمال، تقول كريستينا: “في هذه اللحظة انهارت أعصابي وكأن وجع المرض لا يكفي!”.

حاولت كريستينا التوسط عبر الجمعيات من دون فائدة، فهذه الأدوية يوفرونها للمستشفيات الحكومية على حدّ قولها، ويكون الانتظار عليها بالدور، أمّا هي فلا تملك هذا المتسع من الوقت، خصوصاً أنها تحتاج إلى أربع جلسات علاج ضرورية.

أعداد المصابين بالسرطان ستتضاعف قريباً

رئيس “جمعية برباره نصار لدعم مرضى السرطان” هاني نصار أكد في بيان أن “من المعروف أن أدوية الأمراض السرطانية ليست متوافرة لمرضى السرطان كافة بالسعر المدعوم من مصرف لبنان، إذ إن المبالغ المرصودة شهرياً لا تكفي أعداد المرضى المسجلين في وزارة الصحة. أما المجهول المرتقب ما بعد رأس السنة الجديدة، فهو كارثي يحرم آلاف المرضى من علاجاتهم وبالتالي سيقتلهم بالضربة القاضية. ولا ننسى أننا كلنا مشاريع مرضى! خصوصاً أن الدراسات تبين أن أعداد المصابين بالأمراض السرطانية في لبنان ستتضاعف في القريب العاجل، والسيناريو المرتقب، وقف مصرف لبنان سياسة الدعم، واضطرار وزارة الصحة العامة إلى تمويل الخدمات الصحية من ميزانيتها الخاصة، ما سيجبرها على اعتماد برتوكولات منظمة الصحة العالمية الأساسية، التي تعتمدها الدول الفقيرة، وهذا يعني تأمين العلاجات الكيميائية الأساسية والتخلي عن غالبية الأدوية والعلاجات المتطورة”.

وبحسب بيان نصار فان “مجرد طرح الفكرة على المرضى والجسم الطبي، يثير الرعب في النفوس. فلبنان الذي كان السباق في استيراد العلاجات الحديثة، واعتماد طرق العلاج المتقدمة، سيبدأ بمعالجة مواطنيه على طريقة الصومال والسودان وأفغانستان وغيرها من الدول الأكثر فقراً. وزارة الصحة ستتكفل بتأمين العلاجات البخسة الثمن للمرضى غير المضمونين، فيحرمون من العلاجات الثمينة”.

وسأل: “ماذا عن المرضى المضمونين؟ حتى يومنا هذا، ما زال الضمان الاجتماعي لا يغطي كلفة أي علاج غير مدعوم من مصرف لبنان. ماذا عن مرحلة بعد رفع الدعم؟! فإدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد تخلت عن مرضى السرطان منذ عدة سنوات، مع العلم أنها قد وعدتنا بإعداد دراسة تسمح لها بإعادة التغطية منذ ما يقارب السنة، خصوصاً أنها قد زادت قيمة اشتراكات المضمونين. وحتى اليوم، لم يتغير شيء”.

وزارة الصحة تعلّق

أمّا من جانب وزارة الصحة، فأوضح مستشار وزير الصحة عمر الكوش لموقع “لبنان الكبير”، أن الوزارة تؤمن الأدوية بحسب الامكانات المادية المتوافرة لديها وإن كان بصورة ضئيلة، مشيراً إلى أن هناك دفعة جديدة من الأدوية ستصل قريباً وقد تكون من ضمنها أدوية للسرطان.

شارك المقال