برامج الذكاء الاصطناعي… استغلال الأطفال والمراهقين بلا ضوابط

منى مروان العمري

ظهرت إبتكارات عديدة على صعيد الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الأخيرة، كانت غالبيتها بمثابة نقطة تحوّل مبهرة في حياة البشر، الأمر الذي سرّع الثورة الصناعية الرابعة. وبهدف تعزيز استخدام التكنولوجيا بصورة آمنة واعتماد برامج الذكاء الاصطناعي المجانية والمدفوعة بعيداً عن التهديدات الأمنية التي قد تحيط بالشباب المراهقين عبر استخداماتهم الخاطئة لتلك البرامج، برزت بعض المعايير التوجيهية للتخفيف من المخاطر المحتملة – كاستخدام صورهم في مقاطع إباحية – على مستوى حماية الخصوصية على شبكة الانترنت مقدّمة من أبرز الخبراء والمعنيين في هذا المجال.

مخاوف من برامج الذكاء الاصطناعي

في ظلّ المخاوف والتساؤلات المتعلقة بمخاطر برامج الذكاء الاصطناعي المجانية، تعتبر المبادئ التوجيهية والأنظمة الأخلاقية الخطوة الأولى لنشر الوعي وتعزيز الثقة حول هذه التقنية والحدّ من مخاطرها. إذ قام باحثون بمراجعة السياسات المبدئية والمعايير الأخلاقية المنشورة بين 2014 و2022، ووجدوا أن المبادئ الأكثر انتشاراً والتي نصّت عليها الوثائق المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وبلغ عددها 200 وثيقة منبثقة من 37 دولة، 82.5% منها يتعلّق بالشفافية، 78% ركّزت على الأمن، 75.5% اختصت بالعدالة، 68.5% اعتمدت على الخصوصية بينما 67% شدّدت على المساءلة.

إن ما نواجهه اليوم – بحسب الخبير في أمن المعلومات والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم – “أخطر ما يحصل في عالم الانترنت والذكاء الاصطناعي، وهو تزييف صور وأفلام اباحية عبر تقنية Deep Fake خاصة للأطفال والمراهقين ولا سيما أن ليس هناك حالياً أيّ قانون أو تقنيات أو ضوابط تحمي من هذا الموضوع”.

احذروا استغلال البيانات ضدكم

وقال أبي نجم في حديثٍ لموقع “لبنان الكبير”: “بات من المؤكد أن برامج الذكاء الاصطناعي سواء المجانية أو المدفوعة تشكّل مخاطر أمنية كبيرة سواء على القاصرين أم البالغين، فعلى سبييل المثال هناك برامج عديدة مثل Chat GPT بنسختين مجانية وأخرى مدفوعة، ولكن في الآونة الأخيرة بتنا نلاحط أن هذه البرامج منحازة الى فئات أو جهات في الكثير من القضايا سواء الدينية أو العرقية أو الطائفية وهذا ما يؤدي في وقت لاحق إلى مخاطر أمنية كبيرة في المجتمعات. كما أن هناك برنامج ذكاء اصطناعي آخر وهو AI Girlfriend يشكّل تهديداً قوياً على فئة الشباب المراهقين خصوصاً، لأنه برنامج يوحي للشاب أو الفتاة بأنه على علاقة مع شخص آخر وفي هذه الحالة يقوم البرنامج بتخصيص الأفكار والاتجاهات والمعتقدات وأدمغة هذه الفئة العمرية وتوجيهها، وهنا تكمن الخطورة”.

وأكد أبي نجم وجوب “أخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لتفادي مخاطر تلك البرامج، ويجب معرفة أن الذكاء الاصطناعي ليس لديه ذكاء مبهر كما يخيّل لنا وليس كل ما تقوله البرامج يعتبر صحيحاً أو معتمداً. وعلينا أن نحتاط جيداً عبر التثقيف والتوعية حول برامج الذكاء الاصطناعي وطرق استخدامها وما هي الشركات التي تقف وراءها ومن يدعمها. وبطبيعة الحال، ان هذه البرامج لديها معلومات مخزنة من شركات متخصصة، اذ يتم تدريب البرامج وتهيئتها على أساس مبرمج لتظهر لنا بنتيجة معينة”.

وشدد على أن “الخصوصية تعتبر أمراً بالغ الأهمية، وللأسف لا خصوصية في برامج الذكاء الاصطناعي لأن كل المعلومات التي نقوم بمشاركتها عبر تلك البرامج لا تتمتع بأدنى مستوى من الخصوصية، بل يمكن استغلال كل هذه الأفكار والمعلومات والبيانات والصور والفيديوهات ضدنا يوماً ما”.

لا قوانين ولا تشريعات حالياً

وأسف أبي نجم لعدم وجود قوانين وتشريعات وضوابط أمنية وقانونية دولية أو محلية تحمي الأفراد في حال تعرضوا لأيّ خطر أمني بسبب برامج الذكاء الاصطناعي، معتبراً أن “الأهم من كل هذا هو أن يبقى الأهل أو المسؤولون والمعنيون بحماية الأطفال والمراهقين على دراية وإحاطة كافية كاملة عن تلك البرامج، وكذلك أن يبقوا على تواصل دائم ومتابعة قصوى مع المراهقين ومعرفة ما هي البرامج التي يتعاملون معها وما هي المعلومات والمعطيات التي ينشرونها أو يشاركونها”.

وفي هذا الاطار، أكد رئيس “المجلس اللبناني لحقوق الانسان” وديع الأسمر لموقع “لبنان الكبير” أن “لبنان يفتقر الى مثل هذه القوانين والتشريعات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي وبرامجه، ولا يزال بعيداً جداً عن هذا الاطار وخصوصاً في التحديثات الأخيرة التي طرأت على تكنولوجيا المعلومات والاتصال. فالقوانين الخاصة بعمالة الأطفال وحماية المراهقين ليست متاحة فكيف اذا كنا نتحدث عن عمليات الاستغلال التي يمكن أن تتعرض لها هذه الفئة عبر برامج الذكاء الاصطناعي؟”.

شارك المقال