غرائب عجائب الاحتفالات في الميلاد حول العالم…وبيت لحم مطفأة وحزينة!

جورج حايك
جورج حايك

يحتفل المسيحيون بعيد ميلاد السيد يسوع المسيح ليلة 24 كانون الأول، ومن المؤكد أن لهذا العيد نكهة خاصة، قد يكون الجامع المشترك فيها بعض الطقوس التي يمارسها العالم المسيحي ومنها شجرة الميلاد والمغارة التي وُلِدَ فيها المسيح والزينة والأضواء واجتماع العائلة حول المائدة ليلة العيد وبابا نويل وهدايا وألعاب للصغار، وأخيراً قداس منتصف الليل.

لكن ثمة ما يميّز بعض الشعوب والدول خلال احتفالاتها بهذا العيد، بعيداً عن الأمور التقليدية، وتصنّف في خانة الغرائب والعجائب، إلا أن أولى هذه المظاهر الفريدة يعيشها لبنان الذي على الرغم من الأوضاع الاقتصادية والمعيشيّة الصعبة، لم يتردد هذه السنة في عيش أجواء الميلاد، فارتدت الشوارع زيّ العيد من خلال الزينة والأضواء، وتنافس بعض البلديات على تقديم أفضل ما لديه، والأهم في المشهديّة الميلادية اللبنانية أنها تجمع أبناء الوطن بكل طوائفهم، مسلمين ومسيحيين، فيعيشون المعاني السامية والعميقة لعيد الميلاد ويحتفلون بما يرمز إليه من تسامح وأخوّة، فنرى المسلمين يضعون شجرة العيد في منازلهم أو يرتادون الأماكن العامة حيث شجرة العيد الكبيرة ويأخذون الصور إلى جانبها، وهكذا يحتفل المسيحيون بأعياد المسلمين في صورة حقيقية للتعايش الديني وهي دليل واضح على تلاحم الأسرة اللبنانية الواحدة بعيداً عن الخلافات السياسية اليومية المملة.

أما بعيداً عن لبنان، فهناك طقوس للاحتفال بعيد الميلاد قد يعتبرها البعض شيئاً من الجنون، ولنأخذ اليابان مثلاً وهي دولة تحوي عدداً قليلاً من المسيحيين وليس فيها تقليد قديم للاحتفال بعيد الميلاد، وقد تمكّن مهندسو التسويق هناك من إقناع الناس بأن تناول “كنتاكي فرايد تشيكن” طريقة طبيعية تماماً للاحتفال بالعيد كبديل عن الديك الرومي.

في أوكرانيا، لا تزيّن أشجار العيد بالزينة العادية والأضواء المألوفة إنما يُلبسون الشجرة زخارف تبدو كشبكة العنكبوت، تهدف إلى جذب الحظ السعيد للسنة المقبلة. ويأتي هذا التقليد من حكاية شعبية عن أرملة مفلسة لم تستطع أن تشتري زينة لشجرتها، وحُرِمَ أطفالها من بهجة العيد، إلا أن العناكب سمعت بكاءهم، فتحركت لتزيّن الشجرة بخيوطها، وعندما سطعت الشمس أشرقت خيوطها وتحولت إلى ذهب وفضة، وحظيت العائلة بحظ سعيد بقية أيامها!

في كراكاس عاصمة فنزويلا بات تقليداً التوجّه إلى الكنيسة عشية عيد الميلاد على الزلاجات، والسبب أن لا وجود لفرصة كبيرة للتزلج في فنزويلا المشمسة. وبالتالي أصبح هذا التقليد للتزلج شائعاً جداً هناك.

ويعيش الشعب الروسي في عيد الميلاد أجواء استثنائية، تتخللها إقامة الولائم وموسيقى عيد الميلاد الروسية، والمسرح، والغوص في البحيرات والأنهار المتجمدة في البلاد.

وإلى جانب شجرة الميلاد، يهتم المكسيكيون بتصميم المغارة التي وُلِدَ فيها المسيح ويضعونها في منازلهم، ويضيفون اليها المزيد من الشخصيات خلال العد التنازلي لعيد الميلاد، وعند منتصف الليل يضعون فيها الطفل يسوع!

إلى أستراليا، أكثر الأمور دهشة أن الشعب يحتفل بعيد الميلاد في الصيف يعني في الشمس والبحر وحفلات الشواء و… ركوب الأمواج. وتجد عدداً أكبر من الأشخاص يرتدون البيكيني وملابس السباحة في يوم عيد الميلاد! وتلمح على شاطئ بوندي راكبي الأمواج وهم يرتدون قبعات سانتا!

وباتت بريطانيا موطناً لموسوعة “غينيس” للأرقام القياسية وخصوصاً في إطلاق المفرقعات ليلة عيد الميلاد، بحيث يقوم بذلك 1077 شخصاً في جنوب لندن.

ولا يبتعد الاسبان خلال عيد الميلاد عن التلفزيون أو الراديو لمتابعة سحب يناصيب العيد! ويشتري الجميع في إسبانيا ورقة يناصيب تبلغ قيمة جائزتها الكبرى حوالى 600 مليون يورو!

وتقاليد عيد الميلاد تبدو الأكثر غرابة على الإطلاق في جنوب إيطاليا وروما حيث تجد رعاة يعزفون على المزمار، يرتدون جلود الغنم التقليدية وعباءات الصوف، ويفعلون ذلك تكريماً للرعاة التقليديين في بيت لحم، ويسمع الزوار هناك أجراس الكنائس تدق عشية عيد الميلاد في جميع أنحاء البلاد بمناسبة ميلاد يسوع.

أما في فرنسا، فلا يزال الفرنسيون يتبعون التقاليد وخصوصاً في قداس منتصف الليل عندما يتجمع المؤمنون في الكاتدرائيات الكبيرة ويصغون بخشوع إلى ترانيم عيد الميلاد الفرنسية التقليدية. ويولي الفرنسيون أهمية كبيرة لوليمة الميلاد التي يتنوع فيها الطعام، إلا أن الديك الرومي المحشو بالكستناء يتصدرها والأوز والمحار وحتى كبد الأوز والكافيار.

وأخيراً أغرب عيد ميلاد هذه السنة هو في المكان الذي شهد ولادة المسيح منذ 2023 عاماً أي بيت لحم، حيث صمتت الأجراس واختفت البهجة والاحتفالات بالعيد، فكيف لبيت لحم أن تفرح فيما الأطفال يُقتلون وشيوخ ونسوة تتملكهم الحسرة، في حين الجوع والمذلة يضربان حصاراً من حولهم جميعاً؟

أنوار بيت لحم مطفأة هذه السنة وشجرة “الكريسماس” بأضوائها المفرحة، صارت معتّمة حزناً ووجعاً، ولا حشود تتدفق من مشارق الأرض ومغاربها للاحتفال بعيد الميلاد، أليس هذا غريباً يا عالم؟

شارك المقال